عزا نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال – الجبهة الثورية الاستاذ ياسر عرمان التاخير الذي حدث في الوصول لاتفاقات في مباحثات جوبا الي الوضع المعقد للترتيبات الامنية والعسكرية
واشار علرمان الى ان السعى الان هو تحويل توجهات الانفصال الي العمل في اطر تكون داخل السودان الموحد تفاديا للتجربة انفصال جنوب السودان
وقلل عرمان من الهواجس والتخوف من الحكم الذاتي الذي قال انه لا يؤدي للانفصال” الذي يؤدي للانفصال ليس الحكم الذاتي بل عدم الاعتراف بحق الآخرين في ان يكونوا آخرين، وعدم الاعتراف بالتنوع الذي تذخر به بلادنا”
ودعا عرمان الي الحوارالشامل مع وكالة السودان للانباء وحول قضايا السلام، وللاجابة على بعض الاسئلة المتعلقة بمفاوضات المنطقتين ورؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال لقضايا الراهن بعد اتفاقية السلام، الي العمل على الاستفادة من القواسم بين السودان و دنوب السودان لتشجيع التبادل الاقتصادي
واشار عرمان في الحوار الى ان السلام خلق روح جديدة وانطلاقة جديدة للعلاقة يين الشمال والجنوب، هذه العلاقة مهمة للغاية، “فواحدة من أكبر الجروح التي اوجدها البشير انفصال الجنوب، الان لدينا فرصة جديدة لاتحاد سوداني سوداني بين بلدين مستقلين ذوي سيادة. يوجد ١٠ ملايين من الرعاة والمزارعين في الحدود، الجنوب والشمال يتبادلان ١٣٧ سلعة لذلك يجب أن نتجه لفتح النقل النهري وفتح خطوط السكة حديد، يجب أن نتجه لفتح الطرق، التجارة البينية بين الجنوب والشمال هي أكثر من ٢ مليار دولار، بين الدولتين اكثر من ٢٠١٨ كيلو متر.
وقال عرمان في حواره مع سونا حول السلام والتفاقية التي وقعت بالاحرف الاولى”الذي ينفع الناس هو أن يذهب السلام في إتجاه توفير الطعام، الصحة، التعليم والمواصلات، يجب أن يعود للريف وجهه المنتج”
الى مضابط الحوار :-
سونا: استاذ ياسر وصلتم لاتفاق سلام مع حكومة الفترة الانتقالية بعد مرور سنة من بدء التفاوض، هل كنتم تحتاجون كل هذا الوقت للوصول للسلام؟
ياسر عرمان: في البدء اشكرك واشكر وكالة السودان للأنباء لتوجهاتها الجديدة، لم تكن سونا تستضيفنا في الفترة الإنتقالية بعد نيفاشا لمدة ٦ سنوات، ولكن بفضل الشعب السوداني أصبح ذلك ممكنا الان، اولا نعتذر للشعب السوداني لأنهم كانوا متشوقون للسلام ونتيجة للطموحات الكبيرة كانوا يعتقدون أنه بعد سقوط البشير ليس هناك سبب للتفاوض ولكن هناك اسباب كثيرة خارجة عن الإرادة أدت لضرورة إجراء التفاوض.
السبب الأول أن الحركات المسلحة لديها ترتيبات أمنية، والترتيبات الأمنية صعبة لان البشير قام بتخريب واسع مما هز الثقة بين كافة الأطراف، وايضا كانت هناك اوضاع معقدة في القطاع الأمني تحتاج لنقاش حي ومثمر لاصلاح وتحديث وتطوير القطاع الأمني بعقيدة عسكرية جديدة تعكس التنوع وتكون مهنية، السبب الاخر ان هناك الكثير من القضايا المرتبطة بقضايا الأرض والثروة، والعلاقة بين المركز والاقاليم، هناك اسباب مرتبطة بقضايا المواطنة بلا تمييز، فهي هموم رئيسية لحركات الكفاح المسلح.
هذه القضايا هي جزء من المشروع الوطني السوداني ولم تحل منذ العام ١٩٥٦، بالنظر لهذه القضايا من الخارج تبدو سهلة ويمكن التعامل معها بيسر ولكن هذه القضايا صعبة، أيضا هناك انقسامات حادة داخل المجتمع السوداني (اثنية واجتماعية)، الحروب ولدت الكثير من المآسي واهتزاز الثقة، شخصيا تفاوضت ل١٨ جولة مع نظام البشير الذي كان يدور حول امر واحد وهو كيفية إدخال الطعام للمحتاجين من المدنيين…رغم العام الذي امضيناه لكنه عام كان منتجا.
الاتفاقية معقدة ولكنها عالجت قضايا كثيرة مرتبطة بالهم الوطني منذ استقلال السودان ولذلك يجب على الشعب السوداني ان يعرف هذه الاتفاقية ويتم طرحها من خلال أجهزة الإعلام وعدم إهدار هذه الفرصة.
سونا: استاذ ياسر، يتخوف الكثيرون من مفردات الحكم الذاتي بسبب تجربة انفصال دولة جنوب السودان، هل لك ان تحدثنا عن سبب مطالبتكم به.
ياسر عرمان: هذا صحيح ولكن الحكم الذاتي الذي نتحدث عنه هو في إطار وحدة السودان، هناك بلدان عظيمة بها ترتيبات خاصة مثل بافاريا بالمانيا، وبعض البلدان الاخرى كايطاليا وإندونيسيا لديها أشكال من ترتيب العلاقات الإدارية بين المركز والاقاليم، وايضا يأتي الحكم الذاتي على خلفية مطالبة البعض بحق تقرير المصير والذي يؤدي للانفصال.
نحن الآن نتعامل مع هذه القضية بأن نغير التوجهات من حق تقرير المصير الى الحكم الذاتي في إطار وحدة السودان وهذا انجاز كبير، وايضا هذه المناطق كانت جزء من المناطق المقفولة على ايام الحكم الانجليزي وقد قامت بها حربين ولا يمكن أن تكون المعالجة تقليدية، والذي يؤدي للانفصال ليس الحكم الذاتي بل عدم الاعتراف في حق الآخرين في ان يكونوا آخرين، وعدم الاعتراف بالتنوع الذي يذخر به بلادنا.
المنطقتين بهما مجموعة مهمة من المسيحيين السودانيين لا توجد في اي ولاية أخرى، وايضا تاريخهم تاريخ معقد، إن كنا نخشى الانفصال يجب أن نستجيب لطلب رئيسي وهو كيفية بناء ترتيبات جديدة لإدارة الدولة السودانية، فالدولة القديمة انتهت صلاحيتها وتحتاج لتجديد.
السودان الان يمضي عكس التيارات العالمية السلبية، فالننظر لما حدث في العراق والصومال وامريكا، الصومال بلد متجانس اكثر من البلدان الاخرى ولكن لسوء الإدارة انقلب الصومال لما هو عليه الآن، لذلك لا تخشوا الحكم الذاتي بقدر ما تعملوا بجد على إيجاد صيغة جديدة لحكم السودان ورابطة سياسية، ثقافية، اجتماعية واقتصادية تعترف بحق الآخرين، وأهم قضية يجب على الاجيال الجديدة ان تنظر إليها هي المواطنة بلا تمييز.
المواطنة هي قضية أساسية في بناء دولة متحدة قوية، هذا هو ما نريده ولذلك فإن الحكم الذاتي الذي حددنا صلاحياته هو عبارة عن إدارة داخلية للدولة تحدد العلاقة بين المركز والاقاليم في إطار توحيد السودان، نحن ضد حق تقرير المصير الاثني، حق التقرير الاثني ضد وحدة أفريقيا وضد وحدة السودان وسيمزق السودان ولذلك فإن الحكم الذاتي هو بديل للطرح الذي طرح في حق تقرير المصير وهو شكل من أشكال توحيد السودان على أسس جديدة.
سونا: توصلتم الي اتفاق سلام مع حكومة الفترة الانتقالية، في رأيك ما هي أهم التحديات التي تواجه عملية استدامة السلام في السودان؟
ياسر عرمان: التحدي الأول يجب أن لا تكون هذه الاتفاقية إتفاقية للنخب، الاتفاقية يجب أن يمتلكها الشعب السوداني، الرجال، النساء والشباب، ولجان المقاومة، أسر الشهداء فهذه الاتفاقية أتت كمطلب من مطالب الشهداء قبل الأحياء، حرية سلام وعدالة، السلام كان مطلب رئيس لذلك يجب ان لا تضيع الاتفاقية في لجة المماحكات السياسية او بسبب المطامع السياسية ايضا، فنحن نحتاج لهذا الاتفاق لتأسيس ثاني للفترة الانتقالية.
الفترة الانتقالية يجب أن تبني على ما هو إيجابي فيها ونخاطب سلبياتها، وتأسيس ثاني يجمع قوى اجتماعية اكبر في الريف والهامش في إطار إعطاء مساحة سياسية لهذه الحركات وفي إطار قضايا واجهت السودان منذ زمن بعيد وهو كيفية إيجاد السلام والديمقراطية في حزمة واحدة، والإجابة على أسئلة مثل كيف يتحول السلام الى طعام، كيف يتحول السلام الى استعادة الاراضي للمجموعات التي خرجت من اراضيها كالنازحين واللاجئين، كيف يتحول السلام الحالي لحوار عميق بين أطراف المجتمع السوداني بعيدا عن التخوين وتصفية الحسابات وناتي بأكبر كتلة اجتماعية لبناء المرحلة الانتقالية.
كيفية توحيد المدنيين والعسكريين، كيفية إيجاد سياسة اقتصادية متفق عليها لمصلحة الفقراء لا تستبعد التعامل مع المنظمات الإقليمية والدولية لخدمة المصالح الوطنية، كيفية إيجاد سياسة خارجية تخاطب مصالح السودان من حولنا، العالم مضطرب من حولنا، وهناك قضايا كبرى مثل سد النهضة لسياسة واضحة، التطبيع مع إسرائيل أيضا يحتاج إلى نقاش واسع ومتزن لخدمة مصالح بلادنا دون إحداث انشقاقات داخل المجتمع السوداني.
قوى إعلان الحرية والتغيير تحتاج لترتيب وإيجاد قيادة لها، الان لا توجد قيادة ولا يوجد برنامج واضح، الثورة تحتاج لمشروع سياسي وطني جديد، دون ذلك ستنتهي مثل ما انتهت ثورة اكتوبر وابريل التي شاركنا فيها بفاعلية عندما كنا طلابا، لذلك نحن نريد أن نصل باكبر قوى اجتماعية لصالح مشروع وطني جديد.
سونا: يرى الكثيرون ان هذا السلام ناقص بسبب غياب الحلو وعبد الواحد، ما الذي يمكن أن تفعله الحكومة او الحركات لالحاقهما بالسلام؟
عرمان: السلام ناقص من حيث الأطراف ولكن من حيث الموضوعات نوقشت جميع الموضوعات التي كانت مطروحة على أجندة الحركات الثورية طوال السنوات الماضية، غياب الأطراف التي أشرت إليها او غيرها فإن هذه الاتفاقية فتحت الباب عريضا والذي كان مغلقا، قمنا بالثورة معا قوى الحرية والتغيير المسلحة وغير المسلحة، فقد كانت الجبهة الثورية منذ البداية من مكوني الحرية والتغيير.
السلام أتى بالراغبين اما الذين لم يرغبوا الان يجب أن نشجعهم بتنفيذ الاتفاق، لأن القضايا هي ليست في الأشخاص بقدر ما تهم مجموعات عالية من السكان، فإذا تمت معالجة قضايا الأرض وقضايا النازحين واللاجئين في دارفور، قضايا الثروة، حق التشريع والحكم الذاتي للمنطقتين كما هو في هذا الاتفاق، وجود مجلس الحريات الدينية الذي يدافع عن حقوق المسيحيين مثلما يدافع عن حقوق المسلمين، كل هذه القضايا ان تم حلها فهي تشجع الآخرين.
الحركات ليست بديلة عن الشعب بل الشعب ومصالحه هي القضايا الحقيقية، ليس لدينا طريقا آخر، وهل سننتظر جميعا ولا نحقق سلاما لان البعض لديه بعض المطالب وبعض الشكوك، الصحيح ان تأتي بمن رغب بالسلام وخلق قوة دفع جديدة وان تدعوا من لم يرغب، والان وجد هذا الاتفاق قبولا داخليا وخارجيا فهو انجاز مهم للشعب السوداني وليس إنجازا للمجموعات التي جلست في جوبا، هذا الاتفاق أعاد الحيوية والروح الوثابة للعلاقة بين الشمال والجنوب.
سونا: اتفاق سلام جوبا ناقش القضايا المختلفة عبر مسارات ولكن كانت هناك وثيقة تم التوقيع عليها عرفت بوثيقة القضايا القومية، ما هي أبرز النقاط المتعلقة بالقضايا القومية التي تناولتموها في الاتفاق؟
ياسر عرمان: أبرز النقاط التي ناقشتها وثيقة القضايا القومية هي كيفية قيام المؤتمر الدستوري كاكبر منبر يحدد خيارات السودانيين، وناقشت كذلك كيفية انشاء آليات للعدالة الانتقالية وكيفية انشاء آليات قومية لكثير من القضايا بشكلها وملامحها القومية أيضا، ناقشت كيفية تفادي النقص الذي احدثته المسارات لإيجاد رؤية على المستوى القومي، ناقشت تمثيل النساء وعودة النازحين واللاجئين، قضية السلطة والعلاقات الرأسية والافقية بين المركز والاقاليم.
وثيقة القضايا القومية حددت المسارات واتجاهات العمل المشترك على مستوى ما يجمع السودانيين ككل، وهي وثيقة مهمة تضاف للوثائق التي نوقشت على مستوى المسارات، منذ البداية لم ترغب الحركة الشعبية في المضي باتجاه المسارات ولكن الآخرين رأوا ذلك، كنا نرى بأن جذور مشاكل السودان هي مشاكل قومية، تطرقنا لإصلاح أجهزة الدولة الوثيقة القومية تطرقت لقضايا مهمة وحاسمة على مستوى التجديد القومي.
سونا: هناك قضايا عميقة مرتبطة بعملية التغيير الجذري وفق فلسفة الثورة لبناء الدولة المدنية، ما هو برنامجكم في هذا الصدد؟
ياسر عرمان: بناء الدولة المدنية مرتبط ارتباط حقيقي بإنهاء الحروب، لن توجد دولة مدنية الا في إطار الانتقال من الحرب الى السلام، ولن توجد دولة مدنية الا بايجاد منظومة أمنية تواكب التحول الى الدولة المدنية وبناء جيش وطني مهني وإصلاح القطاع الأمني.
الدولة المدنية هي ليست منتجا جاهزا يمكن أخذه من اي سوبرماركت بل هي عملية تحول عميقة تحتاج مشاركة ملايين الناس، مشاركة النساء والشباب كانت مبشرة، الدولة المدنية جاءت ضد الإرث السياسي الطويل حول فاشية الاسلام السياسي الذي قضى على كل مظاهر الحياة المدنية في السودان.
السلام هو ركن من أركان الدولة المدنية، التنمية هي ركن من أركان الدولة المدنية، إيجاد مشروع وطني جديد هو الأساس في بناء الدولة المدنية.
والمدنية ليست مقابل للعسكرية ، المدنية حركة تنوير ثقافي واجتماعي وتحديث للدولة بأن تكون صديقة للحياة المدنية وإنهاء ظاهرة العنف في المجتمع، هناك حديث غير مؤسس على حقائق يعتقد ان المرحلة الانتقالية يجب أن يكون النظام الجديد الذي نريده، المرحلة الانتقالية يجب أن تحوي ملامح من النظام القديم والنظام الجديد، الغالب فيها هو الاتجاه نحو النظام الجديد، لأنه بعد ٣٠ عام لا يمكن الاتجاه فجأة لنظام جديد دون المضي في الطريق عبر عملية توصلنا لذلك.
سونا: حديثك عن عملية الانتقال من النظام القديم الى نظام يواكب المرحلة يقودنا مباشرة للحديث عن مشروع الحركة الشعبية فيما هو معروف بمشروع السودان الجديد، هل تبقى شي من مشروع السودان الجديد بعد انشقاق الحركة الشعبية شمال؟
ياسر عرمان: انشقاق الحركة الشعبية كان محزنا وجيدا، والحركة الشعبية كان بإمكانها المشاركة في هذا الانتقال بصورة اكثر فاعلية لو لم تنشق، ولكن الخبر الجيد في كل ذلك أن شعار السودان الجديد لم يعد ملكا للحركة الشعبية بل أصبح ملك للشعب السوداني، كلنا راينا في ساحة الاعتصام وفى أعلى جمهورية النفق ذلك الشعار الجميل الشعب يريد بناء سودان جديد، السودان الجديد أصبح ماركة لكل الشعب السوداني.
السودان الجديد فكرة أتى بها الدكتور جون قرنق، رحل الدكتور وبقيت الفكرة حية دون أن تموت وأصبحت ملك لملايين الشباب والنساء وملك لمجموعات وقوى اجتماعية جديدة لا تنحصر في الحركة الشعبية.
السودان الان يحتاج لكتلتين، كتلة انتقالية تضم أوسع قوى للعبور من هذه الفترة الانتقالية، وكتلة أخرى لبناء السودان الجديد عبر المنافسة الديمقراطية فنحن لسنا وحدنا، هناك قوى اجتماعية عريضة من الشباب والنساء، فكر السودان الجديد أصبح في كل مكان، ذهبت لمبنى أسر الشهداء في قلب الخرطوم جميعهم تحدثوا بلغة السودان الجديد، الاحتفاء بالتنوع، الوحدة فى التنوع هذه لغة السودان الجديد وهو ما نريد أن نؤسس عليه.
سونا: هل من كلمة اخيرة تود إرسالها للشعب السوداني؟
ياسر عرمان: نقول للشعب السوداني يجب عليهم النظر خارج التشويش وان لا تلتفت للقوى غير الراغبة في السلام، العداء للسلام هو عداء للثورة وعداء للشهداء، الشهداء هم من حددوا ان الثورة حرية سلام وعدالة، السلام لن يأتي بالشكل المثالي بل بحكم الوقائع السياسية الموجودة وبحكم وجود حركات كثيرة ووجود تطور شابه الظلم وفاشية الإسلام السياسي.
المزاوجة والمصالحة بين كافة التناقضات هي معركة ضخمة ولن ينجح فيها الا الشعب السوداني، لن تنجح فيها الحركات او القوى السياسية، فهي معركة توطين السلام، معركة تسود فيها ثقافة السلام وحماية المدنيين، معركة نتجاوز الانشقاقات على الأسس الإثنية التي نشاهدها في كسلا والجنينة وكادوقلي، هذه المعركة لن ينتصر فيها الا الشعب السوداني السلام هو مجرد آلية يستخدمها الشعب وهو مالك السلام وهو الذي سيطوره ان كانت هناك نواقص.
ادعوا الجميع لعدم إهدار هذه الفرصة، الحياة السياسية السودانية هشة في الماضي والان بها تناقضات ونقاشات غير منتجة ايدولوجيا، ولكن الذي ينفع الناس هو أن يذهب السلام في إتجاه توفير الطعام، الصحة، التعليم والمواصلات، يجب أن يعود للريف وجهه المنتج، يجب أن يتولى الشعب السوداني الضغط على كافة القوى المسلحة وغير المسلحة للوصول إلى وطن جديد قائم على المواطنة بلا تمييز مستخدمين الثورة ومستخدمين مشروع وطني جديد هذه هي القضية الرئيسية.
القضية الاخرى ان هذا السلام خلق روح جديدة وانطلاقة جديدة للعلاقة يسن الشمال والجنوب، هذه العلاقة مهمة للغاية، فواحدة من أكبر الجروح التي اوجدها البشير انفصال الجنوب، الان لدينا فرصة جديدة لاتحاد سوداني-سوداني بين بلدين مستقلين ذوي سيادة.
يوجد ١٠ ملايين من الرعاة والمزارعين في الحدود، الجنوب والشمال يتبادلان ١٣٧ سلعة لذلك يجب أن نتجه لفتح النقل النهري وفتح خطوط السكة حديد، يجب أن نتجه لفتح الطرق، التجارة البينية بين الجنوب والشمال هي أكثر من ٢ مليار دولار، بين الدولتين اكثر من ٢٠١٨ كيلو متر.
الأمن القومي بين الدولتين مشترك لجنوب السودان اندماج اقتصادي بينه وبين بلدان الجوار عدا السودان، هناك اكثر من ٣٠ بنك في جنوب السودان ولا يوجد بنك سوداني واحد بحكم السياسات الخاطئة وقفل النوافذ التقليدية للبنوك، لذلك ندعوا لاستعادة النوافذ التقليدية حسب اتفاقنا الحالي.
مناطق مثل النيل الأزرق وجنوب كردفان وغرب كردفان ودارفور يجب أن تكون حزام للانتاج وحزام للتمازج والعمل المشترك بين الدولتين، يجب أن نستعيد الق العلاقات الجنوبية، الاتفاق خلق في اوساط النخبة السياسة في الجنوب رغبة حقيقية بأن السلام في الشمال والجنوب سلام متبادل.
هذه هي القصة الحقيقية التي يجب أن لا تغيب عن شعبنا في لجة الخلافات السياسية، هناك هشاشة في الوضع السوداني، والدولة السودانية يجب أن لا تنهار، هذا البلد ملك للشهداء، ملك للنساء، ملك للشباب، ملك للمهمشين، هذه البلاد ملك للسودانيين والسودانيات الذين ناضلوا عبر الأزمنة لتوحيدها من أجل الوصول لمرافئ جديدة.
حوار : مصطفى حسين حسن
وكالة السودان للأنباء