السودان اليوم:
قفل رجل ابنه مع خواجة في بيت لوحدهما ظنا منه أن هذه الطريقة أنجح، وأسرع، وأسهل، طريقة لتعليم ابنه الإنجليزية.
وبعد فترة ليست بالقصيرة عاد إليهما، وهو متفائل بأن يجد ابنه قد اتقن الإنجليزية، ويجده يتحدثها بطلاقة.
فطرق عليهما الباب ففتح له الباب الخواجة قائلا له:
أهلا وسهلا يا عم تفضل.
حيث أنه وجد العكس فبدلا من أن يعلم الخواجة ابنه الإنجليزية علم الابن الخواجة العربية.
هذا المثال نضربه للذين يخشون من أن يجعل جنود الحركات المسحلة جنود جيشنا متمردين بعد دمجهم معهم.
إن كان الجيش بمؤسسته العريقة، وبتاريخه الطويل، وبرتبه المتعددة، وبعلمه بالعسكرية، وبأركان حربه لا يستطيع أن يحوي مجموعة من الجهلة عديمي المعرفة بأسس وأنظمة الجيش كما يدعون .
فما فائدة جيشنا؟
وما فائدة الافتخار به.
فليذهب هذا الجيش الذي لا يستطيع تطويع حركات مسلحة لا تحمل عشر ما يحمله من خبرة ومن علم ومن حنكة بالعسكرية.
نقطة أخرى لفتت الانتباه غفل عنها السابقون وجدناها في هذا الاتفاق واضحة وبينة وجوهرية لإرساء سلام دائم وليس سلاما مغشوسا، وهي احترام وتقدير الفريقين لبعضهما البعض، وعدم نشر رسائل سلبية من مثل:
(الحركات المرتزقة) و (العميلة) و (التي تتاجر بأمن وحياة وسلامة أهلها).
هذه العبارات ونحوها ستحيل أي اتفاق بين الطرفين إلى حبر على ورق.
إن كان أحد الطرفين مقتنع بعدم موضوعية الطرف الآخر، فليكف على الأقل عن هذه الرسائل السلبية، وليقل دعنا نطوي صفحة الماضي ولنبدأ صفحة جديدة.
أما أن نبرم اتفاقا مع حركة مسلحة، ونظل ننعتها بصفات العمالة، والخيانة، فهذا لايعدو أن يكون ضياعا للوقت، والجهد، وخداعا للناس.
النقطة الثالثة الملفتة للانتباه أيضا هي خطاب الحكومة لجناحي الحلو وعبد الواحد، حيث لم تقابل رفضهما للاتفاق بالعنف، والاحتقار، والشتم، أو التقليل من شأنهما كما يحدث في السابق، فلم تقل لهما من لا يرضخ بالذوق، فسوف نجعله يرضخ بالقوة، ومن لا يستجيب لهذا الاتفاق فهو عبد لأجندة خارجية.
هذه الرسائل وما أكثرها تؤجج الفرقة والحرب، وتقفل أي باب أمام السلام.
من يريد سلاما لا يحقر الآخر ولا يقول لمن تأخر عن الاتفاق لست مهما.
بل تمت دعوتهما بكل احترام وطلبت منهما الانضمام لمظلة السلام لتكتمل بهم.
جملة القول أن الأجواء والرسائل التي سادت الاتفاق تعبر عن سلام يرفع البندقية عن أهلنا، ويجعلهم يعيشون حياتهم طبيعية كما يعيش الناس.
ومن نكص على العهد فإنما ينكص على نفسه.
The post ومضات من سلام جوبا.. بقلم محجوب مدني appeared first on السودان اليوم.