السودان اليوم:
لم يعد سرا تواصل قيادات النظام البائد (مطلقي السراح)، مع قيادات بالجيش السوداني، من المحسوبين على حزب المخلوع ومن المحتمين به بحثا عن سلطة دائمة، ولأن الثورة محمية بعين الله التي لا تنام وبثوارها الأشاوس وحراس شعاراتها، ظلت تتكشف في كل يوم الخطط التي تنوي شلة الأشرار بها جر البلاد إلى مستنقع الفتن وإشعال الفوضى في كل شبر من أراضيها.
تابعنا حديث رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان قبل أيام وطلبه الغريب والمريب للشعب بأن يفوضه لحكم السودان مع فشل الحكومة المدنية في وقف التدهور الذي تشهده البلاد، وحالة السيولة الأمنية بعدد غير قليل من الولايات والتي أفرزت إحباطا عاما وسط المواطنين وتوجسا من القادم،( والبرهان جزء لا يتجزأ من هذا التدهور لأنه وقف متفرجا على شلالات الدماء بالشرق والغرب، وعلى إرتفاع الدولار وفوضى السوق).
تزامن ذلك مع كشف مخططات لمنسوبي المؤتمر الوطني المحظور بتكوين مجموعات في مواقع التواصل الاجتماعي داعية للإلتفاف والإصطفاف حول المؤسسة العسكرية وتصويرها على أنها المنقذ الوحيد للبلاد، ثم مخطط تكوين حزب شبابي مناهض للحكومة، داعيا للخروج في مواكب رافضة للحكومة المدنية بحجة إنهيار الوضع الإقتصادي وغيرها من حجج لتبرير هذا التفويض الفضيحة، يعقب المواكب إعتصام حول مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، (محمي بالجيش) وتكملة السيناريو مطالبة المعتصمين بتدخل الجيش وتفويضه لإستلام السلطة، نفس السيناريو المصري البائس الذي إستلم بموجبه السيسي الحكم في مصر قبل سنوات وحتى يومنا هذا.
تضمن السيناريو الذي تم كشفه مؤخرا، مخططا لضرب الثورة بحرق دور الأحزاب السياسية وتصوير الأمر على أنه غضب وثورة من الشعب على الأحزاب والسياسيين، ورغبته في إسقاط الحكومة المدنية والمطالبة بتفويض الجيش لإحكام سيطرته على الحكم.
نسي هؤلاء في غمرة بحثهم المضني عن وسائل لشيطنة الأحزاب والقادة السياسيين، وتشكيل رأي عام سالب حولهم، أن الشعب أكثر وعيا وإيمانا بقضيته التي خرج لأجلها، وهي اللا عودة لحكم حزب المخلوع ولا مجال لحكم العسكر المؤدلجين وغير المؤدلجين، يفترضون الغباء في المواطن، والمواطن يثق تماما في من فوضهم لحراسة ثورته، ومهما حدثت أخطاء أو تراخي هنا او هناك، فهذا لا يمنح الجيش الحق في تقويض النظام الدستوري، لأن الجيش وبنص الدستور والوثيقة الدستورية موجود ليحمي وليس ليحكم.
من يظن في المواطن الغباء فهو واهم، فهو يعلم من يقف وراء الفتن التي تشتعل الآن في الشرق، وقبلها في جنوب كردفان وولايات دارفور وغيرها من ولايات لم تتذوق طعم العافية لسنوات، ولأن الشعب في تلك الولايات يعلم تماما أين يقف الجيش من التفلتات التي تحدث هناك وآخرها ما حدث ويحدث حاليا بكسلا، حيث صورت كاميرات المواطنين لقطات لبعض منسوبي الجيش وهم يقومون بتصوير أحداث العنف بالمدينة بكاميرا هواتفهم دون أن يتحركوا لحسم العنف الدامي بين المواطنين.
لقطة مخجلة ومحزنة في آن واحد، ولو كانت في أي دولة غير السودان، لواجه هذا العسكري وقائده تهمة الخيانة العظمى.
الطريق الذي يسير فيه الفريق البرهان لن يؤدى إلى الجنة حتما، بل سيؤدي لتفكيك المؤسسة العسكرية، فبالجيش الكثير من الشرفاء من ضباط وضباط صف وجنود ممن يرون في هذا المسلك ضياع للبلد، فهؤلاء عقيدتهم للوطن وترابه ولاشئ سواه، يحترمون التراتبية في الجيش ويحترمون قياداتهم بحكم ذلك، ولكنهم يقدسون تراب الوطن أكثر، ومتوقع جدا أن يخرج من بين هؤلاء المئات من عينة حامد الجامد ومحمد صديق شاهرين هتافهم المحبب للثوار (مخالف سعادتك).
أمثال محمد صديق وحامد لا حصر لهم داخل المؤسسة العسكرية وداخل الشرطة وحتى جهاز الأمن، ولكنهم لم يظهروا حتى الآن، وسيظهروا متى ما دعى الداعي.
نتمنى أن يحكم رئيس المجلس السيادي صوت العقل في خطواته القادمة، وضبط خطابه، فالشعب واعي ولن يكرر التجربة المصرية ولن يمرر الأجندة الخارجية مهما تكالبت عليه المصائب.
The post مخالف سعادتك.. بقلم هنادي الصديق appeared first on السودان اليوم.