السودان اليوم:
لعل حالة الإنقسام وسط الحاضنة السياسية للحكومة الإنتقالية، هي التي أوحت لرئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان ليسعى لإشعال الشارع ضد الحكومة التي هو جزء لا يتجزأ منها موحيا له بأن الحكومة المدنية وحدها من تتحمّل مسؤولية الفشل، متنصلا من اي مسئولية عما حدث في السابق وما يحدث حاليا وما سيحدث لاحقا.
البرهان لم ينس لدى مخاطبته ضباطا وضباط صف وجنود القوات المسلحة بمنطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان قبل يومين، ان يؤكد للشارع عبر رسائل محددة بأن القوات المسلحة تقف معه وليست ضده وداعمة لثورته المجيدة وتضحياته، ولن تخذله، ولن تسمح لأي جهة بأن تستغل دماءه وجهده لصالحها، وغيرها من مصطلحات توحي بقوة الجيش السوداني على مجابهة التحديات وحماية الثورة والبلاد، وأنه سيقف “شوكة” في حلق كل من يريد سرقة الثورة، ومصمّم على الوصول إلى سلام مع من كانوا يقاتلونه في السابق، ويعني بذلك الحركات المسلحة وأغلب الظن الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبدالعزيز الحلو، والتي وجد رفضها لرئاسة قائد الدعم السريع حمدان دقلو لرئاسة وفد التفاوض الحكومي، صدي طيبا في نفسه بعد أن طالب بإستبداله بالفريق كباشي، ليشعر الجميع بعلو كعب الجيش السوداني على قوات الدعم السريع إن جاز التعبير.
الفريق برهان من خلال حديثه المتواصل خلال 24 ساعة، أراد أن يثبت قوة موقفه وينفي عن نفسه تهمة مشاركته في تدهور الإقتصاد على النحو الذي أثار غضب الشارع، نافيا حديث رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك عن سيطرة الجيش على الجزء الأكبر من موارد البلاد الإقتصادية.
حديثه يحمل في جوفه تهديد للشارع ولجان المقاومة وكل من يرى في الجيش أنه مؤسسة غير مرغوب فيها ويصعب جدا التصالح معها بسهولة خاصة بعد إغلاق بواباته أمام الشباب الذي أراد الإحتماء بقواته المسلحة التي غابت (يوم حوبتها).
ولكن سعادة الفريق نسي أن للتاريخ ذاكرة لا تنسى، وللمواطن مطالب عادلة جدا ومنصوص عليها بالدستور، ولعلي هنا أقتبس بعضا مما كتبه أحد الثوار للفريق برهان عندما طلب تفويض من الشعب للقيام بالدور الذي يرى أن الحكومة المدنية لم تقم به، حيث يقول:ترجع لينا اراضينا المحتلة من اثيوبيا ومصر.ماعندنا مانع بس ترجع لينا أراضينا المحتلة من مصر وإثيوبيا. (عشان نفوضك،
وعشان نفوضك برضو لازم ترجع للجيش هيبتو وتجرد أي زول خاتي (نجمة او مقص أو صقر) بدون ما يمر على الكلية الحربية.وفوضناك، بس مهم جدا تحفظ أمن البلاد في الشرق والغرب وتفرض هيبة الدولة علي أي متفلت بعد أن تمت إستباحة البلاد من الأجانب وسفكت الدماء على مرأى ومسمع من قواتكم)..
عشان نفوضك، محتاجين توقف التهريب البحصل يوماتي للدهب والدولار عبر مطاراتنا، وتكشف لينا الجهات البتتلاعب بإقتصادنا منو بالضبط.وعشان نفوضك، عايزين منك تدي جيشك تعليمات يطلع من المدن، يمشي يحرس حدود البلاد ويوقف التهريب البحصل هناك للسلع التموينية والدواء وغيرها من سلع أساسية للمواطن،عشان تعود لإقتصادنا عافيته، وترجع ثقتنا في جيشنا.وعشان تستلم من الشعب تفويض كامل، لازم تاخد كل مصاريف جيشك من الدولة بعد ما ترجع ليها شركاتكم البتاكل من سنام المواطن يوميا رغم أن العكس يفترض أن يحدث.
وعشان التفويض يكون مكتمل وبطيب خاطر، مطلوب منك تصفية الجيش من كل فلول النظام البائد بكافة الوحدات العسكرية والقوات النظامية من جيش وشرطة وأمن. ولابد أن تعود للجيش قوميته وتخلق منه قوات وطنية مهمتها حماية الدولة فقط وليس أفراد أو جهات محددة.
صدقني، متى ما حققت تلك الأمنيات والتي هي في حقيقتها واجبات منصوص عنها في الدستور، ستجد أن كل الشعب سيهتف للجيش وسيعود لشعاره الأثير والمحبب الذي إختفى مؤخرا (شعب واحد، جيش واحد).
The post عشان نفوضك يا برهان.. بقلم هنادي الصديق appeared first on السودان اليوم.