السودان اليوم:
* حاول احد اعضاء هيئة الدفاع عن المخلوع والمتهمين بتقويض الدستور والانقلاب على النظام الديمقراطي بالقوة العسكرية في 30 / 6 1989 استثارة مشاعر قاضي المحكمة مولانا ( عصام الدين محمد ابراهيم) بالحديث عن واقعة فصل بعض القضاة مؤخرا بقرار من لجنة ازالة التمكين، وتقدم بطلب الى المحكمة للوقوف دقيقة تضامنا مع القضاة المفصولين مخاطبا القاضي بأنه يمكن أن يفصل بنفس الطريقة في أي يوم، وقبل ان يوافق القاضي على الطلب وقف بعض المحامين وعدد من الحضور وبدأوا في التكبير وترديد بعض الهتافات معتقدين أن القاضي سيتعاطف معهم مجاملة لزملائه المفصولين، إلا أن مولانا (عصام الدين) كان صارما وحاسما ونهر المحامي الساذج الذي ألجمته الدهشة، بألا يتدخل في ما لا يعنيه وحذره والذين معه من تحويل المحكمة الى منبر للتكبير والتهليل وترديد الهتافات وأمرهم بالجلوس والتقيد بأعمال المحكمة وإلا سيطبق عليهم القانون، فبلعوا ألسنتهم المريضة وجلسوا في علبهم المخرومة وتعلموا درسا عن احترام المحاكم لن ينسوه طيلة حياتهم .. تخيلوا هذه السذاجة، يتوهمون أنهم ما زالوا يعيشون في العهد البائد يتلاعبون بالقانون والمحاكم كما يشاؤون، ويزغردون للمخلوع وهو يرقص ويثتنى على المنابر بلا حياء أو خجل !
* وأقول لهؤلاء الذين يدافعون عن الباطل وتقويض الدستور والانقلاب بالقوة على النظام الديمقراطي، ويريدون الوقوف تضامنا مع القضاة المفصولين وتحويل المحكمة الى صالة نفاق وتطبيل وتهليل ورقص .. هل نسيتم مذبحة القضاء بعد استيلاء نظامكم البائد الفاسد على السلطة في البلاد، وتشريد 58 قاضيا في أغسطس 1989 رفعوا مذكرة للسلطات تدين انتهاك الدستور والاعتداء على حريات المواطنين ودخول المنازل وتفتيشها بدون اذن قضائى وارتكاب افعال وحشية ضد المعتقلين، فكان مصيرهم الطرد من الخدمة واعتقال بعضهم في بيوت الأشباح مع غيرهم من المعتقلين بدون وجه حق أو أية تهمة ؟!
* هل نسيتم تعيين رئيس قضاء صوري (من خارج الحركة الاسلامية) بعد استيلاء الجبهة الاسلامية على السلطة وتحركه كعروس السيرك لتنفيذ ارادتها وفصل القضاة واستبدالهم بقضاة ينتمون للحركة الاسلامية ليس لهم اخلاق أو خبرة او تأهيل أو معرفة بالقوانين، ولا يهمهم غير تنفيذ التعليمات مثل القاضي (محمد سر الختم غرباوي) الهارب الآن في بريطانيا وغيره، الذين كانت تأتيهم الأحكام القضائية جاهزة من أجهزة الأمن فيتلونها بدون خجل أو حياء أو احترام لأنفسهم أو كرامتهم المهنية إن كان لهم كرامة مهنية ؟!
* هل نسيتم بعد استتباب الأمر للحركة الاسلامية في حكم البلاد، تعيين أحد أعضاء مجلس شورى الحركة الاسلامية وهو (جلال الدين محمد عثمان) رئيسا للقضاء، وفتح مكتب للحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني داخل الهيئة القضائية، وكان القاضي يحمل في جيبه بطاقة المؤتمر الوطني أو جهاز الأمن وهو جالس على منصة القضاء، بينما يحمل في الجيب الآخر بكل صفاقة بطاقة الهيئة القضائية، فهل أولئك هم القضاة الذين تريدون الوقوف تضامنا معهم؟!
* هل نسيتم (كما ذكر في كتاباته العميقة والثرة مولانا القاضي المعروف محمد الحسن محمد عثمان الذى طالته أيدى الفصل والقهر في زمن القهر والظلام) .. تجنيد القضاة في الدفاع الشعبي، ليس فقط قضاة المحاكم الصغرى، وإنما قضاة المحكمة العليا، ولقد ذكر مولانا (محمد الحسن) كيف كانوا يمارسون (الجكة الصباحية) في طابور الصباح (بالردا والفنلة) وهم يهتفون (الصلعة دى لله والجكة دى لله) ثم يذهبون ليجلسوا على مكاتبهم للنظر في قضايا المواطنين .. هل كان اولئك قضاة، وهل كان ذلك قضاء تريدون أن تذرفوا لذهابه الدموع وتمارسون النفاق والرقص في المحاكم من اجله ؟!
* هل نسيتم القاضي الذى كان يساوم النساء في المحاكم الشرعية على شرفهن حتى يحكم لصالحهن، ولقد كنت شاهدا على إحدى القضايا من موقعي كصحفي، ظل القاضي (وهو أحد الذين فصلوا الآن) يساوم فيها المدعية الجميلة (صغيرة السن) ويؤخر تسليمها ورقة الطلاق من زوجها الذى كان يهينها بأبشع الالفاظ ويضربها ليل نهار، وعندما رفضت الاستجابة له أخذ يماطل ويرفض تسليم الورقة حينا من الوقت الى ان رضخ أخيرا عندما علم أن القضية وصلت الى الصحافة .. وغير ذلك هنالك الكثير من القصص والمآسي التي سنتطرق إليها في الوقت المناسب بالأسماء والتواريخ والأماكن (خليكم جاهزين)!!
* هل ذلك هو القضاء والقضاة الذين تريدون أن تقفوا تضامنا معهم وتحولون المحكمة الى ساحة رقص ونفاق للمخلوع وفساده وزبائنه وجرائمه من اجلهم .. فعلا (إذا لم تستحِ، فاصنع ما شئت) !
The post القضاء الراقص !.. بقلم زهير السراج appeared first on السودان اليوم.