السودان اليوم:
* ما يشعل الرأس شيباً أن جميع من في المريخ من مجلس إدارة وكوادر وسيطة وجمهور وإعلام يتحدثون عن النادي الكبير، أكبر نادٍ في أفريقيا، ويتبارى كل المنسوبين إلى انتقاء المفردات التي تدل على الفخامة والضخامة، ولكن.. على مستوى الواقع لا أحد يفعل شيئاً ينسجم مع تلك الفخامة، بل نتساوى في الأخفاق في تقدير المواقف ووضع الأمور في ميزانها الصحيح والمناسب، والسلوك العام يدل على أننا نمارس الفوضى على أسوأ ما يكون، وفوق هذا وذاك نعلن الحرب على كل ما يمكن أن يخرجنا من الوحل الذي نعيش فيه.. وفي سبيل التوضيح سأتناول الديباجة هذه بالإستدلال على وقائع نعايشها على الأرض.
* على سبيل المثال لا الحصر يتبارى البعض في تناول وإبراز أخبار تقصير المريخ إجتماعياً تجاه أحد رموزه، أو أن أحداً من شخصياته البارزة رحل عن دنيانا الفانية ولم يشكل النادي وجوداً يتناسب مع علاقة الشخص بهذا المجتمع.. ويتناول بعض المريخاب هذا الخبر ويطوفوا به في قروباتهم على أساس أنه طعن في كفاءة مجلس الإدارة.. وكأنهم ليسو جزءً من هذا المجتمع، ذلك لأنهم يعتقدون أن مهام مجلس الإدارة أن يقوم بكل شيء.. يشارك في التشييع ويزور المرضى ويظهر في مناسبات الأفراح والأتراح ويساهم مادياً في كل ذلك.. وهذا الإعتقاد خاطيء.. فهذه التفاصيل تعكس مدى تماسك مجتمع المريخ المليوني، وإذا كان هنالك قصور في مكان ما فينسب لكل مجتمع النادي، والدليل على ذلك أن أنشط رموز النادي في التواصل الإجتماعي لو إفترضنا أن الراحل سيف الكردفاني كان نموذجاً.. فإنه لم يكن عضواً في مجلس الإدارة ولم يكن من طموحاته دخول مجالس الإدارات حتى نقول أنه كان حريصاً على الدعاية، بل كان عاشقاً متبتلاً في هذا المحراب، محباً لكل المريخاب ومحترماً بين الناس ومبادراً… تجده يتقدم الصفوف بإيجابية في كل المواقف بدون فرز..!
* وإذا استثنينا جمال الوالي فإن كل رؤساء المريخ كانوا يتحركون في نطاق ضيق جدا وفي حدود مهام المنصب قبل أن يأتي الوالي ويقدم نموذجاً للتواصل الإجتماعي جعل الناس يعتقدون أنه من مهام الرئيس أن يفعل كل ذلك.. بجانب الأعباء الضخمة التي تنتظره في ملفات أخرى، وإن فعل ذلك فقد كان بدافع إيمانه بقيمة الفعل في الدين وفي إرثنا كسودانيين ولأنه من مجتمع يقدس المشاركة والتواصل، وأهمية أن تشارك في تشييع زيد أو عبيد من الناس، وأن تقوم لجنازة المسلم وتعود المريض.. وكل هذه المبادرات في العادة لا يقوم بها إلا من يعرف قيمتها في الدين.. ويوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
* كنت أندهش عندما رئيس النادي وقتها في المقابر لتشييع أحد أفراد الأسرة المريخية، أو في قاعة فرح للمشاركة.. حتى أنني علقت ذات مرة وقلت: الزول لما يموت وقبل ما يكسروا عيونو بكون جمال الوالي وصل وشال الفاتحة..!
* وقد كانت فعلا من الأشياء التي جعلته رئيساً محبوباً.. وفي الجانب الإجتماعي ليست ثمة مقارنة بينه والآخرين، ومعظم من تبقى من مجتمع النادي إنتقائيين في مسألة التواصل الإجتماعي، وبعضهم لا يشارك إلا في عزاء من تربطه معه علاقات إجتماعية مباشرة، وفي الستة أشهر السابقة كان موسماً للأحزان المريخية، وفيها رحلت عنا شخصيات مميزة كانوا بالفعل نجوماً في مجالات عديدة.. ومثال لهم: رحل كمال عبدالوهاب وأحمد محمد الحسن وصلاح مشكلة وعبدالله أبوسن وصلاح حمزة وإبراهيم محمد علي (إبراهومه الكبير) والملك النعمان وهزم المرض النجم أسامه السر وأصبح حبيس البيت والفراش الأبيض في منزله في بري.. وقبل كل ذلك وبعده جاءت أعياد ومرت.. ومناسبات كتيرة وأتراح أكدت بالفعل أن المريخاب لم يكونوا على قبل رجل واحد…. ليس على مستوى مجلس الإدارة ورئيسه الذي لم نره يقدم التعازي لأحد.. أو يعاود مريضاً ويشارك في أفراح الناس.. ولم يسمعه الناس يتحدث في الشأن العام حتى الآن.
* كل ذلك ليست من مهام رئيس النادي الرسمية ولن يطالبه بها أحد أو يجبره عليها لو كان ناجحاً في بقية الملفات الأساسية.. وهنا تظهر قيمة الإنسان من حيث هو.. ليس بما يملك من مال.. وأحياناً يقاس بما يملك من مشاعر، فهي التي تساعده على التفاعل والإيجابية، والرياضة نشاط تفاعلي يقوم عندنا على قيم اجتماعية راسخة.. أو لوائح إحترافية صارمة.. ونحن كمجتمع مريخي تائهون بين هذا وذاك… لا تمسكنا بقيم مجتمعنا السمحة.. ولا تشددنا في تطبيق اللوائح الإحترافية.. وكل منا يطالب الآخر بالمستحيل فيما يفشل هو في أبسط الأشياء.
* مجتمع المريخ الآن ساحة إحتفالات المولد، كل يقرع نوباته وينشد بإيقاعات مختلفة ومتقاطعة.. والأغلبية إختاروا الإنضمام للفرق والجماعات.. والقلة القليلة بقيت في إنتظار أن تسمع إيقاعاً منظماً ومرتباً ومموسقاً يعكس مدى التماسك.. ومجمل عزف الجماعات يشكل ضجيجاً عالٍ في غاية الإزعاج.. بل ضجيج يصم الآذان ويبعثر الأذواق.
حواشي
* بعض الأخبار التي ينشرها البعض في القروبات بهدف أنها قصور لمجلس الإدارة نجدها تطعن في مجتمع المريخ وتظهر تنافره ويهزم كل قيمه الإجتماعية..!
* في مناسبات رحيل بعض الرموز مثل عبدالله أبوسن والملك النعمان وأحمد محمد الحسن وصلاح مشكلة لم يكن حضور المريخاب بالمستوى المعروف عن مجتمع النادي.. مجلس الإدارة كان يمثله في الغالب علي أسد في معظم المناسبات لقناعة منه بضرورة ذلك وأشهد بأنه لم يربط الأمر بمجلس الإدارة..!
* هنالك أعضاء في مجلس الإدارة لم يروا رئيسهم حتى الآن.. هذه حقيقة رغم أنها أشبه بكذبة أبريل.. ولكنها حقيقة بيضاء.. هنالك عدد من أعضاء مجلس المريخ لم يروا سوداكال حتى الآن بعظمه وشحمه ولحمه..!
* لذلك كتبت عبر عشرات المقالات ما يعاكس إعتقاد الناس في أن المال (كل شيء) في كرة القدم.. وهذا خطأ طبعاً..!
* هنالك نجاحات وإنجازات لا تشترى بالمال، وهذا هو المجال الذي نفشل فيه دائماً كرياضيين بصفة عامة والمريخاب بصفة أخص..!
* أحياناً يكون في حوذتك هاتف رخيص (ريبيكا) مثلا.. ومعروف أنه هاتف متواضع القدرات.. لا يمكنه فعل شيء.. وأحياناً حتى التحادث لا ينجزه بكفاءة.. ولو ألقيت به في الطريق ربما لن تجد من يرفعه.. برغم أن الرصيد في داخله (ملياري)..!!
* هكذا هم بعض الإداريين.. قيمتهم كلها فيما يملكوا وليس فيما (يفهموا) أو يجيدوا ويفعلوا..!!
* ولو فهمت شيئاً من كل تلك التناقضات التي يحويها مجتمع المريخ فإنني فشلت في فهم السبب الذي يجعل الصديق أمير عوض يشتبك مع المسلمي..!!
* أمير يركب ماكينة رئيس أو أمين عام المريخ أو عضو مجلس إدارة.. في حين أننا مطالبين بالإحترافية في كل شيء.. فإما أنك صحفي ودورك معروف.. أو أنك إداري ودورك أيضاً بحسب ما هو منصوص في الوصف والهيكل الوظيفي..!
* المريخ عبارة عن مسرح تعرض عليه دراما عجيبة.. تحت عنوان الفوضى في كل شيء… الجميع مقصر في دوره ويطالب الآخر بالتفاني والإجادة… دراما وكوميديا عجيبة..!!
The post ياخي دي دراما عجيبة جدا..!!.. بقلم ابوعاقلة اماسا appeared first on السودان اليوم.