(1 )
للسودان ميزة تفضيلية مثالية في إنتاج الذرة بكافة أشكالها خاصة الرفيعة إذ أن المائتي مليون فدان الصالحة للزراعة فيه كلها قابلة لإنتاج الذرة والذي يزرع فيه الآن قد يصل في المتوسط خمسين مليون فدان، أما من حيث الإنتاجية فالسودان الأسوأ في العالم إذ أن متوسط إنتاج الفدان جوالين فقط بينما المتوسط العالمي يصل الى اثنين طن أي عشرون جوالا وذلك لغياب التقانة، فالدولة عندما رامت التطوير أدخلت الزراعة الآلية فزادت الكمية المنتجة لزيادة المساحة المزروعة بالآلة اي زيادة أفقية وليست رأسية وقد كانت الزراعة الآلية كارثة على التربة والبيئة (سياسة سالبة) . مؤخرا استطاع القطاع الخاص إدخال تقانات حديثة على القطاع المطري فقفزت الإنتاجية الى طن ونصف في الفدان ولكن في مناطق محدودة (سياسة موجبة ) وعدم التعميم (سياسة سالبة) أحكي ليكم قصة قبل عدة سنوات جاءنا في شمال الجزيرة مهندسون زراعيون من شركة دال وقالوا إن الشركة تريد ان تدخل في زراعة تعاقدية مع المزارعين لموسم واحد لإنتاج الذرة وإنهم سوف يرفعون الإنتاج الى اثنين طن للفدان فرحبنا بهم ترحيبا شديدا ولكنهم فجأة اختفوا فيا ربي طفوشهم أم طفشوا ؟ (سياسة سالبة ).
(2)
إنتاج الموسم الماضي في الذرة كان متوسطا إذ كان الخريف (أبرق) بمعنى مطر متفاوت هذا فيما يتعلق بالقطاع المطري وهو (العليه الرك) أما القطاع المروي فالإنتاجية كانت متدنية نسبة لتأخر أبحاث الذرة مقارنة بالقمح، ولكن بما ان الموسم قبل الماضي كان الإنتاج مرتفعا فالشاهد ان المخزون الاستراتيجي كان جيدا وما كان ينبغي ان ترتفع أسعار الذرة هذا الارتفاع الجنوني الذي نراه الآن لولا تدخل السياسة، فالدكتور ابراهيم البدوي الله يطراه بالخير وقع اتفاقية مع برنامج الغذاء العالمي لمنح السودان 200 الف طن من القمح مقابل ذرة من المحصول الاستراتيجي فأخذت من هناك الى مناطق النزاع المسلح حيث هجر الناس أخصب أرض وحملوا السلاح وهذه قضية أخرى ثم ذات وزارة البدوي دخلت في مقايضة مع شركة قطاع خاص تعطيهم سماد مقابل ذرة من ذات المخزون فأخذت الشركة ما ينيبها وبالطبع لم تبعه في السوق المحلي إنما في السوق الدولاري وبالمناسبة كل هذا قد حدث في موسم إنتاج القمح وتمت الحكومة الناقصة بقرار منع القمح من دخول السوق واحتكاره للمخزون الاستراتيجي الذي أفرغ من الذرة اها شوفتوا السياسة بتعملوا شنو ؟ فيا ربي دا كان لمصلحة منو ؟ يا ربي نحن فينا قنابير وريالتنا سائلة ؟
(3 )
لكل الذي تقدم وصلت أسعار الذرة أرقاما فلكية وهذا يفسر ارتفاع أسعار اللحوم والبيض والدواجن والألبان لان الذرة هو المكون الأساسي للأعلاف . ناهيك عن كسرة الخبز . الذرة يهرب لدول الجوار للأكل والشراب لا بل يدخل في صناعة بنت الحانة الحديثة ولكن الخرطوم اكبر مستهلك لشراب الذرة وقد وصل سعر الباقة منه أسعارا تفوق (الويتلابل) ان صدق الذي حدثني. مما تقدم يتضح لنا ان الذرة محصول استراتيجي أكثر من القمح الذي نلهث به صباحا ومساء ومع ذلك لقد كرسنا له مقال اليوم لنثبت ان السياسة عندما تدخل في الزراعة بتلحقها أمات طه ، فالمطلوب الفصل الراشد بينهما كما ذكرنا بالأمس. وكل عام وأنتم بخير والحمد لله ان الذرة لا يدخل في صناعة الشربوت أما العنوان فهو مأخوذ من دوباية كان يرددها خالاً لنا عندما يكون مبسوطا (يا السروجوك من أمس وصفوك مع عين الشمس ياعيش ما تدفر أنا براي بمش).
صحيفة السوداني