دخلت البلاد مرحلة حرجة للغاية ، تتمثل في شح الدواء بصيدليات العاصمة والولايات ، وإنعدام الدواء هو انعدام الحياة ،وهو بلا شك لايقل ضرورة عن الخبز وانشغلت الحكومة بجائحة كورونا ،وغضت الطرق عن أمراض أخرى كثيرة ومشاكل صحية جوهرية لا يمكن ان تتجاوزها العين الا التي بها علة او رمد ، وكل ما يتعلق بصحة المواطن ، يبقى هو الأهم على كل مهم، فلابد من ان تعمل الحكومة جاهدة على حل هذه المشكلة الكبيرة ، وان تترك وزارة الصحة كل شيء وتتفرغ لتوفير الدواء ، فمن المستحيل ان يتحمل المواطن مع ظروفه الاقتصادية القاهرة وغلاء المعيشة ، هماً آخرا ، ومشكلة أكبر لا حل لها ولا بديل سوى توفير الدواء .
وطالب تجمع الصيادلة في السودان، الحكومة الانتقالية، بتوفير 55 مليون دولار شهريا لتوفير الدواء في البلاد. وقال ممثل تجمع الصيادلة المهنيين، صلاح جعفر، في مؤتمر صحفي، طالبنا الدولة بضرورة توفير 55 مليون دولار شهريا موزعة على القطاعين الخاص والعام، 20 مليون دولار للإمدادات الطبية، و10 مليون دولار لقطاع التصنيع، و25 مليون دولار لقطاع الاستيراد”.
وأكد أن إمداد الأدوية متوقف، وعدم وجود سياسة بديلة لاستيراد الأدوية، وغياب المؤسسية، وترتيب الأولويات من قبل الدولة، وعدم وجود آلية لإمداد الأدوية للمواطن السوداني لافتا إلى أن ما تم استيراده في الفترة الماضية للقطاع الخاص يعادل 9 مليون دولار فقط خلال 6 أشهر، وتمثل 4 بالمائة وأوضح أن “المخزون الاستراتيجي يواجه نقصانا كبيرا، والوضع كارثي بسبب الندرة الدوائية، لأن الأدوية المنقذة للحياة، والأدوية الحيوية، وبعد أقل من شهرين ستنعدم نسبة 76 بالمائة من المخزون، وسندخل في أزمة أكبر من الازمة الحالية، وأدوية الطوارئ ستواجه ذات المشكلة”. لافتا إلى أنهم يواجهون مشكلة كبيرة في أدوية السرطان وغسيل الكلى، وان البلاد تواجه مشكلة في أدوية الضغط والسكري والبندول والمضادات الحيوية، وبالرغم من انها أدوية بسيطة لكنها غير متوفرة في كل صيدليات ولاية الخرطوم وشدد على أن الدولة ليس لديها المقدرة لمعرفة مشكلة الدواء الحقيقية، أو تقدير الكارثة التي تنتظر البلاد ، وأضاف نحتاج إلى 55 مليون دولار بشكل سريع، ولا يوجد إمداد دوائي للبلاد خلال الــ6 أشهر الماضية، ولا توجد شركة استوردت دواء، ومخزون الأدوية الموجودة في الشركات الخاصة يكاد يكون صفر كبير .
ولا أجد أخطر مما ذكر في هذا المؤتمر الصحفي الذي كشف الغطاء عن المستور ، ووضح كثير من الحقائق الغائبة ، فالوضع أكبر بكثير من التصور ، فلا يمكن ان يكون هذا هو الحال مهما بلغنا من الأزمات و المشاكل الاقتصادية ، فنحن بحاجة إلى حلول فورية لوضح حد لعدم استمرار هذه المشكلة ، التي تهدد حياة الملايين من المواطنين ، وهي خطر أكبر من كورونا ذلك المرض الذي ربما تحميك منه الوقاية ، ولكن كيف للمواطن ان يواجه أمراض اخرى خاصة الأمراض المزمنة التي تتطلب علاج دوري ويومي ، قد يتوقف التنفس بانعدامه في الصيدليات ، وكنا نشكو ارتفاع أسعار الدواء ومافيا الدواء وكل مايحدث في هذا السوق الكبير ولكن ان يصل بنا الحد الي انعدامه ، فهذه قضية لاتحسم بالجدل وطول الكلام وقصره ، هذه قضية يجب ان يعقد لها المجلس السيادي جلسة طارئة لمناقشتها، ويضع لها الحلول الآنية الناجعة.
ومعلوم ان عدد من شركات الدواء متوقفه لاسباب اقتصادية وأخرى سياسية ، ولكن كان للدولة ان تعمل الف حساب لخروجها ، وان تفكر اولاً في ايجاد البديل لها .. إذ لم تكن قراءة الدولة صحيحة لتلافي وتوقُّع الأزمة خاصةً وأن جُل الشركات المحتكرة لسوق الدواء تتبع بشكل قطعي للنظام البائد الذي يتبع سياسة النُدرة في الدواء والسلع الإستهلاكية الضرورية كإحدى أسلحة حربه الباردة ضد الدولة .
لذلك من الضرورة أن تخصص الدولة ميزانية طوارئ عاجلة لتوفير الأدوية المنقذة للحياة وكذلك الأدوية الضرورية الأخرى لتأمين الأمن الدوائي عبر الإمدادات الطبية والمنظمات الدولية العاملة في هذا المجال كأمر عاجل لا يقبل التسويف.
طيف أخير :
سلامة الوطن وصحته في سلامة وصحة المواطن.
صحيفة الجريدة