سعادة رئيس مجلس الأمن،
يشرفني أن أكتب إلى سعادتكم مرة أخرى بعد خطابي لكم بتاريخ 2 يونيو 2020 تعقيبا” على الخطابين الأخيرين اللذين أرسلتهما مصر وإثيوبيا إليكم في 19 يونيو 2020 و22 يونيو 2020 ، على التوالي، بشأن التطورات المتعلقة بعملية المفاوضات الأخيرة حول سد النهضة الإثيوبي (GERD).
لقد أكدت في رسالتي في 2 يونيو على حقيقة أن السودان ظل يؤمن دوما بالتعاون والشراكة الإقليمية بشأن النيل الأزرق ونهر النيل ككل. وقد أشرت أيضًا إلى امكانية حدوث تأثيرات إيجابية وسلبية لسد النهضة على حد سواء، وأنه من المهم بشكل كبير للأطراف بذل كل الجهود الممكنة بروح التعاون لتحقيق الآثار الإيجابية والعمل الجاد للتخفيف من الآثار السلبية.
أوكد لكم من جديد التزام السودان القاطع بمبادئ قانون المياه الدولي، وخاصة تلك المتعلقة بالانتفاع المنصف والمعقول لموارد المياه المشتركة دون التسبب في ضرر ذي شأن للآخرين. لقد تم تأكيد هذه المبادئ من قبل الدول الثلاث في إعلان المبادئ (DoP) الذي وقعته في عام 2015. اختتمت رسالتي بالطلب من مجلس الأمن لتشجيع الأطراف على الامتناع عن اتخاذ إجراءات من جانب واحد ودعم جهود السودان لاستئناف المفاوضات على الفور بحسن نية.
سعادة رئيس المجلس،
أشعر بضرورة كتابة هذه الرسالة لابلاغ سعادتكم بالتطورات المهمة التي حدثت مؤخراُ مع التركيز على نتائج مبادرة رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك والتي هدفت إلى إنهاء الجمود وإقناع الطرفين باستئناف المفاوضات الثلاثية، والتي دعي إليها أيضاُ جنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي كمراقبين، لقد حضر المراقبين جميع الاجتماعات الثلاثية التي تم عقدها. سوف تجدون وصفا مفصلا لحالة المفاوضات والقضايا العالقة بها في ملحقات هذا الخطاب.
عقدت سلسلة من ست جولات من المناقشات الفنية الثنائية عبر تقنية مؤتمرالفيديو تلتها سبع مفاوضات ثلاثية وذلك في الفترة من 19 مايو إلى 17 يونيو 2020. وخلال هذه الجولات من المحادثات نجح السودان في تقريب وجهات النظر والمواقف المتباينة من خلال تقديم ثلاث صيغ متتالية لمسودة الاتفاقية الخاصة بملء وتشغيل سد النهضة. استندت هذه المسودات إلى نتائج الإجماع الذي تم تحقيقه حتى منتصف فبراير 2020 في واشنطن، بالإضافة إلى المناقشات الفنية الثنائية والمفاوضات الثلاثية التي عقدت في الفترة مايو – يونيو 2020.
في الجولات الأخيرة أحرزت الأطراف تقدماً كبيراً في القضايا الفنية الرئيسية، في حين لا يزال الاختلاف حول بعض القضايا القانونية الأساسية قائماً. فى ضؤ هذا اتخذ السودان القرار بإحالة تلك القضايا القانونية العالقة إلى مستوى رؤساء الوزراء لإتخاذ القرار السياسى للتوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضايا العالقة مما يمكن من استئناف المفاوضات وإبرام اتفاقية شاملة وملزمة.
السودان له قناعة كبيرة بأن مقترحاته الواردة في مسودة الاتفاقية المؤرخة في 14 يونيو 2020 والمقدمة في مرحلة متقدمة من الجولة الأخيرة للمفاوضات تمثل أفضل نص توفيقي متوفر، حيث سعى فيها السودان إلى استيعاب مصالح واهتمامات جميع الأطراف. هذه المسودة شاملة وعادلة ومتوازنة ويمكن أن تمهد الطريق لإبرام صفقة شاملة ونهائية. ونعتقد أن الدول الثلاث يجب أن تتبنى هذه المسودة كأساس لإبرام اتفاق نهائي وملزم لكل الأطراف.
يساور السودان قلق عميق بشأن قرار إثيوبيا البدء في ملء خزان سد النهضة في حالة عدم وجود اتفاق. يقع خزان سد الروصيرص السوداني على بعد 15 كم فقط من سد النهضة. مع صغر حجم خزان الروصيرص (عُشر حجم سد النهضة) ، فإن ملء سد النهضة الإثيوبي بشكل أحادي يمثل خطرا” على سلامة تشغيل سد الروصيرص، و حياة الملايين من الناس حتى المصب
لذلك نطلب من مجلس الأمن النظر فيما يلي:
(1) دعوة قادة الدول الثلاث لإظهار إرادتهم السياسية والتزامهم بحل القضايا القليلة المتبقية وإبرام اتفاق.
(2) دعوة الأطراف إلى اعتماد المسودة الشاملة التي قدمها السودان كأساس لعمل وإكمال وثيقة الاتفاق.
(3) ثني جميع الأطراف عن أي إجراءات أحادية بما في ذلك البدء في ملء خزان سد النهضة قبل التوصل إلى اتفاق.
يرى السودان أن الزمن المتبقى للوصول للاتفاق ضيق وحرج. وعلينا أن نعمل جميعا بجد للوصول للحظة تاريخية في حوض النيل وتحويل سد النهضة إلى محفز للتعاون بدلاً من سبب للصراع وعدم الاستقرار.
صاحب السعادة،
تفضلوا بقبول فائق الاحترام.
أسماء محمد عبدالله
وزيرة الخارجية
جمهورية السودان
صحيفة السوداني