غير مصنف --

طة النعمان يكتب: ذبحُ الرُكّعِ السُجود..!!

* جريمة تتقاصر و تهون حيالها ميتة “جورج فلويد” الأمريكي – الأفريقي البشعة، التي أشعلت أمريكا والعالم احتجاجاً على العنصرية، و الذي مات خنقاً تحت رُكبة الشرطي الأمريكي الأبيض ، الذي أراد وزملاؤه اعتقال فلويد بجنحة شرائه علبة سجائر بعملة مزيفة قد تكون وصلت لحوزته و هو لا يعلم من قام بتزييفها وأدخلها للسوق.. مات فلويد وهو يصيح و يتوسل I can’t breath ” لا أستطيع أن أتنفس”.. لكن “قاتلنا” السوداني الذي ذبح النفس الزكية القائمة الراكعة لحظة السجود في أطهر بقعة هي “بيت الله” قد حق عليه قول الذكر الحكيم :” إنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض كأنما قتل الناس جميعاً” المائدة- 32.
* القاتل المدعو “ود عوض مدني” لم يمنح ضحيته الحاج ابراهيم بابكر الساجد ظهر الجمعة في جامع العبدلاب في قرية البركل بالولاية الشمالية فرصة الدفاع عن النفس، كما يفعل الخصوم الشجعان، أو حتى حق التوسل، كما فعل الشرطي الأبيض مع قتيله فلويد.. بل سدد له خلسةً أربع طعنات نجلاوات في القلب، و تركه سابحاً في دمائه التي روت باحة المسجد وهو يُسلم الروح.. ثم سلم نفسه – بكل هدوء وكأن شيئاً لم يكن – لجمع المصلين المفجوعين المذهولين، كما يفيدنا خبر قصير ل”آخر لحظة”، وصف القاتل بأنه اشتهر في أوساط القرية بأنه من “المتشددين” وأنه اشتبك في وقت سابق مع الحاج ابراهيم في نقاش “فقهي” رأى ود العوض أن ينهيه على هذا النحو المفلس بهذه الجريمة البشعة.

* وصفه بالمتشدد أو المتزمت وحده كافٍ لينبئنا عن انتماء القاتل، لتلك الفرق التي أصبحت معلومة بالضرورة لدى السودانيين والعالم أجمع، جماعات اتخذت من القتل والإرهاب منهجاً لفرض رؤيتها وتفسيرها للدين على العالمين بالقوة، متجاهلة الهَدي القرآني بالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة و الموعظة الحسنة.
* الإرهاب يبدأ في الأصل بفكرة.. فكرة تزرعها جماعة شيطانية في عقل ساذج خاوٍ من الحد الأدنى من المعرفة و مكنيزمات الدفاع النقدية، التي تغربل وتفرز ما يتلقاه الإنسان من معلومات دينية أو دنيوية قبل التسليم بها و الاستسلام لتوجيهاتها.. توجيهات تقوم على الإذعان لمبدأ “السمع والطاعة” القهري لتتحول فيما بعد إلى أفعال، قد تكون السكين أو البندقية أو الحزام الناسف بعض أدواتها، ضد فرد كما في حالة ود العوض مع الحاج ابراهيم في البركل، أو في حالة مسجدي الثورة و الجرافة بأم درمان، أو كما تابعنا كلنا على نطاق أوسع، أفعال “داعش” و الجماعات الشبيهة أو الرديفة في العراق وسوريا وليبيا وسيناء وعموم مصر و الخُبر السعودية أو محرقة البرجين التوأمين في نيويورك، وفي أنحاء عديدة من الكوكب الأرضي.. وكله – للأسف- باسم الدين وادعاء نصرته، و خلافاً لمقاصده و مبادئه الأصيلة القائمة على الرحمة الربانية التي وسعت كل شيء.. إدعاءٌ وتشدد جزافي يتراوح بين الجهل المطبق حد الخبل لدى عامتهم، والتآمر والاحتيال والتربح بالدماء و طلب الملك و زُخرف الدنيا لدى بعض خاصتهم و قادتهم.. وبقية القصة المعروفة التي أصبحت شُغل الساسة و دوائر صنع القرار في العالم كله.
* رحم الله المغدور الراكع الساجد حاج ابراهيم و بوأه مقام الشهادة في جنات الفردوس نُزلا، مع النبيين والصدِّيقين و أوليائه الصالحين.. ولينتظر قاتله، غيلةً وغدراً، القصاص العادل والجزاء الأوفى في الدنيا، ولعذابُ الآخرة أشد وأنكى.

صحيفة أخر لحظة

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى