
في تحول لافت وموقف يُعد الأكثر صراحة منذ بدء الحرب في السودان، أدان السفير التركي لدى الخرطوم، فاتح يلدز، في تغريدة حادة، القصف المتصاعد الذي تنفذه قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، واصفًا ما يجري بأنه “استهداف متعمد للمدنيين وانتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني”، وفق معلومات حصل عليها ” الراي السوداني”.
السفير يلدز، كتب على منصة “إكس”: “قصف المستشفيات والمساجد ليس فقط انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، بل جريمة مدانة أمام الله والضمير الإنساني”، مضيفًا: “يُقصف في الفاشر أولئك الذين يعالجون المرضى ويقيمون الصلاة في المساجد”.
موقف غير مسبوق من أنقرة
رغم امتناع أنقرة سابقًا عن إصدار مواقف معلنة ضد قوات الدعم السريع التي دخلت في صراع دموي مع الجيش السوداني منذ أبريل 2023، إلا أن التصريح الجديد يعكس تحوّلًا نوعيًا في الخطاب التركي، بحسب ما أفادت به تقارير دبلوماسية متقاطعة.
الدعم التركي للجيش السوداني تجاوز البيانات السياسية، حيث شمل صفقات لتوريد طائرات مسيرة من طراز “بيرقدار”، ساهمت في تنفيذ عمليات دقيقة لاستعادة مدن استراتيجية مثل الخرطوم وسنار والجزيرة.
خلفيات التحول التركي
وكانت أنقرة قد طرحت، في أبريل 2024، مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الخرطوم وأبوظبي، لكنها لم تُثمر، مما دفع تركيا إلى تعميق شراكتها مع الحكومة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي أجرى عدة لقاءات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تناولت التعاون العسكري والاقتصادي.
مشاريع اقتصادية قيد التنفيذ
في السياق الاقتصادي، تواصل الشركات التركية تنفيذ مشروعات حيوية في قطاع الطاقة، أبرزها كلانيب وقري، لدعم البنية التحتية للكهرباء، إلى جانب تعاون مستمر في مجالات الزراعة والصناعة، وهو ما يُنظر إليه كجزء من استراتيجية تركية لتعزيز النفوذ الإقليمي في إفريقيا، وخصوصًا في الدول الخارجة من النزاعات.
رسائل مزدوجة للمجتمع الدولي
تحليل سياسي نشره مركز أبحاث مقرب من دوائر القرار في أنقرة، اعتبر أن تغريدة السفير التركي تمثل “رسالة ضغط مزدوجة”، موجهة أولًا للمجتمع الدولي لحثّه على التحرك لوقف جرائم الحرب في دارفور، وثانيًا لإثبات موقف أنقرة الداعم لوحدة السودان واستقراره.
أظهرت مقاطع مصورة من داخل الفاشر حجم الدمار في المستشفيات والبنية التحتية، مما يزيد من حرج المجتمع الدولي إزاء صمته، بينما تلوّح تركيا – دون إعلان صريح – بإمكانية التحرك على مستوى أعلى، سواء عبر مجلس الأمن أو تحركات إقليمية بالشراكة مع دول الجوار.









