في تطور غير مسبوق، أفادت مصادر مطلعة في وزارة الري السودانية بارتفاع إيراد النيل الأزرق إلى أكثر من 750 مليون متر مكعب يوميًا، ما أدى إلى تجاوز عدد من المحطات السودانية لمناسيب الفيضان، وسط تحذيرات عاجلة للمواطنين على ضفاف النهر من خطر داهم يهدد الأرواح والممتلكات.
وبحسب معلومات حصل عليها ” الراي السوداني ” فقد شملت المناطق الأكثر تأثرًا من زيادة النيل الأزرق كلًا من الخرطوم، شندي، عطبرة، بربر، وجبل أولياء، بالإضافة إلى ولايات نهر النيل والنيل الأبيض، حيث سُجِّلت مناسيب غير مسبوقة، دفعت وزارة الري لتوسيع التصريف في جميع السدود، في محاولة عاجلة للحد من تفاقم الأزمة.
سنار ترفع حالة التأهب القصوى في السياق ذاته، أكد العميد شرطة آدم محمد سنان، مدير الدفاع المدني بسنار، أن مناسيب النيل الأزرق مرشحة لمزيد من الارتفاع حتى السادس والعشرين من سبتمبر، مشيرًا إلى نشر قواته في أربعة ارتكازات حول الجسر الواقي لمدينة سنجة.
وأشار إلى أن التدابير شملت تحريك الآليات الثقيلة، توزيع أكثر من 500 شكيرة، وتنفيذ أعمال التعلية والتحصينات الوقائية، بالتعاون مع لجان المقاومة، الهلال الأحمر والكشافة، وسط تنسيق مستمر مع وزارة الري وهيئة الإنذار المبكر لرصد التحولات السريعة في السدود والسيول.
سد النهضة: تراجع غير متوقع في المنسوب
في تطور آخر لافت، أظهرت مقاطع مصورة انخفاض منسوب المياه في بحيرة سد النهضة الإثيوبي إلى ما دون مستوى 640 مترًا للمرة الأولى منذ إعادة تشغيل السد تلفزيونيًا هذا الشهر، وذلك نتيجة لزيادة التصريف عبر أربع بوابات للمفيض العلوي بأكثر من 635 مليون متر مكعب يوميًا.
ووفقًا لما كشفه خبير المياه المصري الدكتور عباس شراقي، فإن هذا الانخفاض تسبب في توقف تدفق الفيضان فوق الممر الأوسط للسد، ما يمثل سلوكًا غير معتاد في مثل هذا التوقيت من العام، ويطرح أسئلة حول إدارة المياه داخل السد في ظل استمرار هطول الأمطار.
التأثير الأكبر يقع على السودان
وأشار شراقي إلى أن هذه التغيّرات لن تؤثر على حصة مصر من مياه النيل خلال الموسم الحالي، لكن التأثير الفوري والواضح سيكون على السودان، الذي يواجه خطرًا مباشرًا بسبب التغيرات المفاجئة في تصريف المياه، وتوقف التوربينات، واعتماد السد بالكامل على بوابات المفيض لتصريف المياه.
وأضاف أن التوقعات تشير إلى انخفاض تدريجي في تصريف المياه من سد النهضة خلال أكتوبر، من 350 إلى حوالي 200 مليون متر مكعب يوميًا، ما قد يزيد الضغط على المدن السودانية إذا لم تُدار التحوطات بصورة دقيقة.
أزمة مياه أم خلل في الإدارة؟
يرى مراقبون أن هذا التحول المفاجئ في سلوك سد النهضة، بالتزامن مع تحذيرات الطوارئ في السودان، يعيد طرح تساؤلات ملحّة حول استقرار إدارة السد الإثيوبي، وتأثيره المتزايد على دولتي المصب، خصوصًا في ظل غياب اتفاق ملزم بين الأطراف الثلاثة، الموقف يتصاعد، والمياه لا ترحم، بينما ينتظر الملايين في السودان ما ستؤول إليه الأيام القليلة القادمة.









