أفادت مصادر موثوقة من مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، أن ارتفاعًا غير مسبوقًا في رسوم التحويلات المالية عبر تطبيق “بنكك” وصل إلى 20% في بعض الوكالات، وسط أزمة حادة في السيولة النقدية. هذه القفزة اللافتة – التي قاربت الضعف مقارنة بشهر أغسطس – أثارت تساؤلات عن خلفياتها، خاصة في ظل تداول ملحوظ للجنيه الجنوب سوداني داخل السودان.
وفق معلومات حصل عليها موقع ” الراي السوداني ” تعود الأزمة جزئيًا إلى تعقيدات النقل في موسم الخريف، حيث تسبب تدهور الطرق الحدودية في منطقة النعام بتعطيل الإمداد بالسلع، خاصة الوقود المستورد من جنوب السودان. ويعتمد التجار في تعاملاتهم مع الموردين هناك على التحويلات الإلكترونية أو الدولار، مما يسحب السيولة من السوق المحلي، في مقابل اعتماد الجنيه السوداني في التجارة مع تشاد.
الجنيه الجنوب سوداني ينتشر بهدوء
تقارير ميدانية وشهادات سكان من ولايات غرب كردفان وشرق دارفور كشفت عن انتشار واسع للجنيه الجنوب سوداني، خاصة في مناطق تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، حيث لا تُقبل العملة السودانية الجديدة. أظهرت مقاطع مصورة متداولة استخدام المواطنين للعملة الجنوب سودانية في الأسواق، في ظل غياب رقابة مصرفية فعالة.
البرلماني الجنوب سوداني “شاقور أجاك” صرح بعزمه استدعاء وحدة الاستخبارات المالية للتحقيق في مصادر هذه العملة، مشيرًا إلى معلومات تفيد بتهريب كميات ضخمة منها إلى دارفور بواسطة تجار ينشطون بين جوبا ونيالا. وفيما لم يقدم أدلة دامغة على هذه الادعاءات، إلا أن التشكيك بات كافيًا لإثارة قلق اقتصادي.
تحذيرات من تداعيات اقتصادية خطيرة
خبراء اقتصاديون يرون أن تداول عملة أجنبية داخل البلاد يهدد السيادة النقدية ويصعّب مهام ضبط السيولة، ما يُضعف من فعالية السياسات المالية للبنك المركزي السوداني. كما أن ارتفاع نسب العمولات في تطبيقات التحويل مثل “بنكك” يعكس أزمة حقيقية في توافر النقد، قد تفتح الباب أمام السوق السوداء والتحايل المصرفي.
تحديات ملحة أمام الحكومة القادمة
الوضع المالي في دارفور وكردفان يضع الحكومة السودانية القادمة أمام اختبار حقيقي يتطلب تنسيقًا أمنيًا ومصرفيًا عاليًا، وضبطًا للحدود وتقييدًا لتداول العملات غير القانونية. فاستمرار الأزمة لا يهدد فقط استقرار الأسعار، بل قد يُفضي إلى موجات نزوح اقتصادي داخلي، ويؤثر على استقرار المجتمعات المحلية.
