اخبار السودانمقالات

ذات تعديل هيئة قيادة الجيش

 

في الجيش ثوابتٌ لا تتغيّر وسننٌ لا تتبدّل وهي أشبه بالطوابير وكلمة طوابير أو طابور سادتي الأعزاء كمصطلح عسكري كلمة (حمّالة أوجه) ولها في (العسكرتاريا) عديد المعاني ولكن ما عرفناه ورسخ في أذهاننا لأول عهدنا بالميري أن كل شئ يتم في الجيش ما هو إلا (طابور).. خلاف ما اصطلح عليه (الملكيّة) الذين يستخدمون الكلمة وقد انداحت الثقافة العسكرية بفعل تطبيق قانون الخدمة الوطنية وتفعيل آلية الدفاع الشعبي حيث أن (الزول الطابور) هو ذلكم الشخص المزعج (اللزج) لصقةً ولبانةً والذي يطوبرك أيما طوبير..

 

أحياناً تقفز الكلمة من هذا المعنى المسالم إلى معني آخر (عدوانياً) وأكثر سوءاً ليكون توصيف الشخص الطابور أنه (طابور خامس) وتختصر الكلمتين في واحدة لتعبّر عن ذلك الشخص (العدو) ولربما المتعاون.. وعوداً على استخدام العسكريين من أن كل شئ في الجيش طابور حتى الموت والجنازة ومراسم الدفن قبل إلغاء (طابور الجنازة) بطريقته القديمة وحتى الدفن للعسكريين (حزية) وبخط مستقيم.. وهناك طابور الميس والسفرة سيما ميس الخميس (وفطور القائد) حيث كان يجلس قائد الكلية الحربية على (الهاي تيبل) ويخيّم الصمت (الرهيب) مطبقاً كأن على رؤوسنا الطير فلا تسمع إلا أصوات الشوّك والسكاكين..

 

 

وهي تلك التي أجبرنا سيادتو حسين أحمد داوود (سانت هيرتس) رحمه الله وهو الدفعة 29 أن ناكل بها ملاح (البراطيش) وهو ملاح الأسود الذي كان مضبوحاً بيني وبين (كلب) غير مقبور (بقبر الكلب) قبل أن أتصالح معه (مجبراً أخاك لا بطل) وأنا طالب حربي يأكل (كل شئ).. ثم نأكل بها عدس الجيش ذلك المطبوخ (بي تفله) الأسود البائن بالعين المجردة وما خفي بالميكروسكوب كان أعظم ثم فول (ود المحنا) وطلب إلينا ألا يُسمع سوى (رنينها) أثناء قطع الخبز باليمين وغمسها باليسار في دمعة (الأسود المطفّح) كما جثث الدعامة الملاقيط في بحر أبيض.. لعل هذا الطابور (غير المقنع) بالنسبة لنا حين طابور ميس تعلّمنا منه ألا نكون بعيدين عن ثقافة (الشوكة والسكين) ولا يهم ما نأكله بهما ولكن المهم أن نتعلّم الاستعمال الصحيح لهما وقد أفادنا ذلك بالطبع فلم نغرق في شبر موية البروتوكول وبحره (العميق).. سواءً كان ذلك برفقة الرئيس البشير فرج الله كربته في سفرياته الخارجية أو في وظيفتي كملحق عسكري لابد أن أحسن استخدام الشوكة والسكين في مناسبات البعثات الدبلوماسية بكمبالا

 

 

واحدة من ثوابت الجيش وسننه الراتبة التعديلات التي تطال هيئة قيادة القوات المسلحة بمسمياتها المختلفة (مشتركة أو أركان عامة) فهي (طابور) ثابت راتب روتيني يتزامن مع كشوفاتٍ في كل القوات المسلحة لجميع الرتب وقد كان يتم في فترات مختلفة من العام ولكن في أواخر عهد الإنقاذ ظلت تتم وبشكل راتب ليس بعيداً من نهاية العام الدراسي في مارس أو أبريل.. ولعل هذا كان هو الأوفق والأصح سيما وأن هذه التنقلات والإحالات يترتب عليها حركة كثيفة ما بين إخلاء الطرف وتسليم السكن وترتيب أمر الانتقال لمسكن آخر وكلها مسائل تتضرر منها الأسر وبضمنهم من يجلس لامتحانات شهادة ما أو جامعة أو حتى امتحانات فصلية ولربما أثر ذلك تأثيراً نفسياً..

 

ذات خميس تحركت مع المشير البشير للقيادة العامة بالسيارة المرسيدس الرصاصية المصفحة وغالباً ما يكون الرئيس ممسكاً ذلك اليوم.. وصلنا سريعاً فمكتب الرئيس بالقيادة العامة بالطابية القديمة لا يبعد عن بيت الضيافة سوي دقائق معدودات (بالموتركيت) الذي يقوده الأخ عماد هاشم له التحيات حيث استلم الرئيس التحية من (الكركون) بإشراف الملازم أول التوم سليمان عثمان رحمه الله واستقبله كالعادة عمك المساعد عوض الذي يحي الرئيس ويشيعه بدعوات لا تنقطع حتى يصل الرئيس نهاية الدرج في (الطابية القديمة).. كان اليوم هو المخصّص لإجراء التغييرات في الهيئة وكان مدير مكتب القائد العام حينها العميد الركن محمد هاشم علي جلاس رحمه الله..

 

 

سرعان ما دخل على الرئيس ومكث مدةً من الزمن وجاء بمسودة بخط يد الرئيس احتوت أسماء السادة الفرقاء في تشكيل الهيئة الجديدة منهم من ترقّى من لواء ومنهم من تبدّل موقعه فقط فيما اختفت أسماء ما يعني أنه قد تم إعفائهم من مناصبهم..

 

 

لكن هذه المسودة لم تكن الأخيرة حيث جرى عليه تعديل أخير ربما أعاد البعض ورفّع البعض الأخر بعد طلب الرئيس من مدير مكتبه الحضور فعدّل فحذف وأضاف وبدّل وسلمها له مرةً أخرى.. ولا أزال أتذكر الأسماء التي جرى (تعديلها) وأقول في نقسي (سبحان الله) حيث أن الأقدار تكتب ولا يملك البشر غير إمضاء مشيئة الله وقد كانت هذه المسودة سبباً في تغيير حياة كل اسم تم تعديله فيها.. وبعد أن سلمها مدير المكتب للكتبة اتصل بالتليفون الميكرويف مباشرةً برئيس الأركان ونوابه طالباً منهم الحضور للقاء الرئيس فدخلوا بالتناوب حيث تمت تهنئة البعض وتقديم التمنيات (للآخرين) الذين ترجلوا

 

في (القزاز) هذه الأيام تعديل متوقع في هيئة قيادة القوات المسلحة والتي ظلت لم تراوح مكانها منذ العام 2019م اللهم إلا من تعديلات (جزئية) خرج من خلالها بعض الأعضاء وحل مكانهم آخرون.. وهي بهذا تعتبر أطول الهيئات بقاءً في المناصب ولربما كان للحرب التي تقودها القوات المسلحة أثر كبير في تطاول أمد بقاء الهيئة والتي لم يعد بد من تعديلها لضخ دماء جديدة تكون عافية في جسدها ستنعكس إيجاباً على كل المشهد العسكري..

 

 

التسريبات التي تصاحب التعديلات (وكالعادة) لم تتوقف ومن ذلك بقاء رئيس الأركان الحالي وهو دفعة الفريق أول البرهان (الدفعة 31) في موقعه ودخول دفعتنا الدفعة 37 هيئة القيادة ولأول مرة باعتبار أن الدفعة 36 سبقتنا بوجود الفريق صبير فيما سيدخل آخرون منهم.. متوقع في أي لحظة صدور تعديلات هيئة قيادة القوات المسلحة بعد توقيعها من قبل القائد العام وبحمد الله أن هذه التعديلات غير قابلة للترضيات والموازنات أو (المحاصصات) كما هو الشأن في هياكل الدولة الأخرى.. ترى كم مسودة (سيعدّل) الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة قبل أن تخرج علينا أسماء هيئة قيادة الجيش الجديدة؟

اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

عبدالمحمود نورالدائم

عبدالمحمود نورالدائم – كاتب ومحلل اقتصادي واجتماعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى