متابعات – الراي السوداني – بادرت بعض الأجهزة الرسمية باتخاذ قرار الاستمرار في أداء مهامها خلال المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد، متصدّرة المشهد كمؤسسات تنفيذية ساهمت بفعالية في دفع عجلة معركة الكرامة، وترسيخ أركان الدولة، وترتيب الأدوار بما يتماشى مع متطلبات المرحلة. وكان جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج من بين تلك المؤسسات التي تحمّلت المسؤولية وانطلقت في مسيرتها المهنية بروح وطنية عالية.
في إطار مشروع العودة الطوعية، الذي يُعد من أبرز مشروعات الدولة في المرحلة المقبلة، اضطلع الجهاز بدور محوري، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن عودة المواطنين تُمثل خطوة أساسية في مسار استقرار البلاد والانطلاق نحو التنمية والإعمار، خاصة بعد أن تمكنت القوات المسلحة من دحر المليشيات. وبيّن الأمين العام للجهاز، د. عبد الرحمن سيد أحمد، خلال حديثه في “منصة الناطق الرسمي”، أن المشروع يتم تنفيذه بالتنسيق مع المبادرات الشعبية والجهات المختصة.
شهدت الفترة الأخيرة عودة أعداد كبيرة من السودانيين، من بينهم 143 مواطناً في رحلة سيرتها مبادرة شعبية من سلطنة عمان بالتنسيق مع السفارة والخطوط الجوية السودانية، إضافة إلى اكتمال عملية نقل العائدين من إيران. وذكر د. عبد الرحمن أن الجهاز تلقى طلبات متزايدة من سفارات السودان بالخارج لترتيب عودة المواطنين، مشيراً إلى تجارب سابقة ناجحة أعاد فيها الجهاز أكثر من 60 ألف سوداني من ليبيا و70 ألفاً من السعودية في ظروف مختلفة. كما نوّه إلى قرار د. جبريل إبراهيم، رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية السودانية، بمواصلة الشركة نقل العائدين.
استطاع الجهاز تحقيق تقدم ملموس فيما يتعلق بالتسهيلات المقدّمة للعائدين، حيث نجح في تعديل القرار 203 بعد اجتماعات مثمرة مع وزارة المالية وقوات الجمارك، مما أدى إلى تذليل العديد من العقبات السابقة. وأشاد د. عبد الرحمن بمساهمات السودانيين العاملين بالخارج في دعم الوطن، سواء من خلال التبرعات أو المساعدات العينية كالأدوية والمستلزمات الغذائية، إلى جانب التنسيق مع المنظمات في بلدان المهجر. كما أكد حرص الجهاز على إشراكهم في جهود إعادة الإعمار، من خلال تقديم رؤاهم ومشروعاتهم والاستفادة من خبراتهم في تنفيذ تلك المشروعات.
عقد الجهاز شراكات فاعلة مع عدد من الجهات ذات الصلة لمعالجة قضايا الهجرة، باعتباره الجهة التي تتبنى قضايا السودانيين بالخارج وتنسق مع الجهات المختصة. وشملت هذه الشراكات القطاع الخاص، لاسيما شركات التطوير العقاري لبناء مدن سكنية خاصة بالمغتربين في مختلف الولايات. كما تم عقد اجتماعات بنّاءة مع منظمة الهجرة الدولية للمساهمة في عمليات الإعادة، إلى جانب مشاركة الجهاز في لجان مكافحة الاتجار بالبشر وغيرها من القضايا ذات الصلة.
وفي سياق التحضير للمرحلة القادمة، أعاد الجهاز تشكيل المجلس الأعلى للخبراء والكفاءات، وقدم تصورات ومقترحات متكاملة للعمل في القطاعات المختلفة، إضافة إلى تنفيذه خطة شاملة لترتيب أوضاع الجاليات السودانية في الخارج. كما يعمل الجهاز على إنشاء صندوق لدعم العودة الطوعية، بهدف مساعدة العائدين في الاندماج بالمجتمع وتحفيزهم على الاستقرار.
أما على مستوى التعليم والمشروعات المستمرة، فقد واصل الجهاز تشغيل المدرسة الإلكترونية التي أُطلقت العام الماضي باستخدام أحدث النظم التقنية، فضلاً عن جامعة المغتربين في ولاية القضارف، وعدد من المراكز التعليمية خارج السودان. وأكد الأمين العام أن الجهاز يولي أهمية لتنوع الموارد وضمان استدامتها، بما يخدم مصالح المغتربين والدولة على حد سواء.