اخبار السودان

من الذي اكل صنم العجوة ؟

متابعات - الراي السوداني

متابعات – الراي السوداني

 

من الذي اكل صنم العجوة ؟

بقلم: رشان أوشي

في خضم أزمة ممتدة تهدد بتمزيق ما تبقى من أوصال السودان، تتكشف يومًا بعد يوم ممارسات تهدد مشروع الدولة برمّته، كان آخرها تجاوزات خطيرة طالت قرار مجلس الوزراء رقم (154) الصادر في ديسمبر 2024 بشأن تنظيم استيراد السيارات.

 

نص القرار على فرض غرامة تصاعدية على المركبات المستعملة، تبدأ بنسبة (5%) للموديلات الحديثة (2024)، وتزيد تدريجيًا كلما قَدِم طراز السيارة. ورغم أن الشارع السوداني، بطبعه القدري، لم يتفاعل سريعًا مع القرار، فإن شبكات الفساد داخل الدولة كانت أول من التقط هذا الامتياز واستغله لصالحها.

 

في مخالفة صريحة للوائح، وجّه عضو مجلس السيادة الانتقالي عبدالله يحيى، في 13 مايو 2025، بإنزال عدد (22) سيارة تعود لطرازات بين 1997 و2016، عبر ميناء دقنة بولاية البحر الأحمر، تخص مواطنين يحملان الحرفين (ا.ا.ع) و(م.ا.ا)، وتم تخليصها جمركيًا بغرامة لا تتجاوز (5%)، ما كبّد خزينة الدولة خسائر مباشرة في عائدات الجمارك.

 

المفارقة الصادمة أن عبدالله يحيى، أحد مصدّقي القرار (154) بصفته عضوًا في مجلس السيادة، ساهم بنفسه في تقويضه. وكأن من صنع صنم العجوة هو أول من التهمه.

 

لقد أظهرت حكومة “البرهان” منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 بعض المؤشرات على استعدادها لإعادة البناء، غير أن استمرار التجاوزات والفساد المنظم يجعل من مهمة الإصلاح أكثر تعقيدًا بمرور الوقت. فالصمت تجاه عبث الفاسدين يهدد بانزلاق البلاد إلى فوضى شاملة.

 

معركة مكافحة الفساد اليوم ليست خيارًا، بل ضرورة وجودية. فأمة تغرق في الفساد، من أعلى هرمها إلى قاعدته، لا يمكن أن تنهض. وهذه اللحظة تمثل اختبارًا حقيقيًا لرجال الدولة. كثير منهم – للأسف – رسب في امتحان القيم الوطنية.

 

وعليه، فإن على الفريق أول عبد الفتاح البرهان المُضي قدمًا في تفكيك شبكات نهب المال العام واستغلال السلطة. فالتاريخ لا يرحم، ولن يغفر له إذا سمح لهؤلاء بجرّه إلى نفس مستنقع النظام البائد.

مع خالص المحبة والاحترام،
رشان اوشي

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

منى الطاهر

منى الطاهر – صحفية متخصصة في القضايا الاجتماعية والإنسانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى