سياسة النعامة “قحت” .. رأس في السحاب وتغريدة بلا جواب!
على هامش القصف.. سياسيو “قحت” يبدعون في فن الصمت والتغريد المُبهم
في مسرح السياسة السودانية، حيث تتداخل الدراما بالتراجيديا، ويصبح الصمت أحيانًا أعلى صوتًا من القنابل، برزت ردود أفعال سياسيي “قوى الحرية والتغيير” (قحت) تجاه هجمات المسيّرات على بورتسودان كتحفة فنية جديدة في معرض “اللاموقف”.
خالد سلك، وجدي صالح، وعبد الله حمدوك، ثلاثي المرح السياسي، قدموا عروضًا متباينة لكنها متسقة في هدفها الأسمى: تجنب القول بأي شيء ذي معنى.
خالد سلك: الصمت الاستراتيجي وفن الظهور المؤجل
عندما ضربت المسيّرات بورتسودان، العاصمة المؤقتة التي تضم نازحين ومؤسسات وآمال السودانيين المتبقية، كان خالد سلك، نجم “قحت” الصاعد، في حالة تأمل عميق. لم يُصدر بيانًا، ولم يُغرد حتى بكلمة “إدانة” تقليدية.
بدلاً من ذلك، يُشاع أنه كان منشغلاً بصياغة منشور جديد عن “أهمية الوحدة الوطنية”، لكنه قرر تأجيله حتى “تهدأ الأوضاع”.
ناقد سياسي ساخر علّق قائلاً: “خالد سلك يتقن فن الصمت الاستراتيجي، كأنه يقول: إذا لم تستطع إدانة القصف، فلماذا لا تتظاهر بأنك لم تسمع به؟”.
وفي الواقع، يبدو أن سلك قد اختار أن يكون مثل ذلك الصديق الذي يغلق هاتفه عندما تحتاجه في أزمة، لكنه يظهر لاحقًا ليقول: “والله كنت مشغول!”.
وجدي صالح: التغريدة المُحيّرة وفلسفة “الكل مخطئ”
أما وجدي صالح، فقد اختار نهجًا مختلفًا قليلاً، لكنه لا يقل إبداعًا في التهرب من الموقف. بعد يومين من القصف، أطلق تغريدة غامضة على منصة إكس، تحدث فيها عن “ضرورة الحوار بين جميع الأطراف لإنقاذ السودان من الدمار”.
التغريدة، التي حصدت 37 إعجابًا (معظمهم من أصدقائه)، لم تُشر إلى بورتسودان، ولا إلى المسيّرات، ولا حتى إلى أي طرف بعينه.
أحد المعلقين الساخرين كتب: “وجدي صالح يكتب وكأنه يشارك في مسابقة لأفضل تغريدة لا تقول شيئًا”. في الواقع، يبدو أن وجدي قد أتقن فن “التوازن السياسي”، حيث يُدين الجميع ولا أحد في الوقت ذاته، كمن يقول: “القصف سيئ، لكن دعونا لا نُغضب أحدًا، فلنحتسي الشاي ونناقش المستقبل!”.
عبد الله حمدوك: الزعيم الذي يرى المجهول من بعيد
أما عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السابق وزعيم تحالف “صمود”، فقد اختار أن يرتقي إلى مستوى أعلى من الغموض الفلسفي. في تغريدة أطلقها بعد أيام من الهجمات، وصف الوضع بأنه “خطير” وأن “السودان يتجه نحو المجهول”. لم يُحدد من الذي يقصف، ولا من يُستهدف، بل دعا الجميع إلى “وقف القتال”، وكأنه يخاطب فريقين يلعبان كرة قدم في حي شعبي.
أحد الناشطين علّق بسخرية: “حمدوك يتحدث عن المجهول كأنه صديقه القديم، لكنه ينسى أن الناس في بورتسودان يعيشون الرعب، وليس المجهول!”. يبدو أن حمدوك، بأسلوبه الأكاديمي الهادئ، قرر أن أفضل طريقة للتعامل مع الأزمة هي كتابة بيان يُناسب أي مناسبة، سواء كانت قصفًا أو زلزالًا أو حتى نقص السكر في الأسواق.
المشهد العام: الكوميديا وسط التراجيديا
في النهاية، ردود أفعال هذا الثلاثي تُشكل لوحة كوميدية سوداء تُلخص حال السياسة السودانية.
بينما تُستهدف بورتسودان، الملاذ الأخير للنازحين ومركز الحكومة المؤقتة، يبدو أن قادة “قحت” قد اتفقوا ضمنيًا على استراتيجية موحدة: لا تُغضب أحدًا، لا تُدِن أحدًا، وإذا اضطررت للحديث، فقل شيئًا يُمكن تفسيره بمليون طريقة.
أحد الناشطين على إكس لخص الموقف بقوله: “بينما الدول الخارجية تُدين القصف، سياسيونا يُدينون الوضع العام، وكأن الحرب نزاع عائلي يُحل بجلسة صلح!”.
في هذا المشهد، يبقى السؤال: هل الصمت والتغريدات المُبهمة هي فعلاً استراتيجية سياسية عبقرية، أم مجرد عجز عن مواجهة الواقع؟ ربما الإجابة تكمن في تغريدة أخرى غامضة لم تُكتب بعد.
وإلى ذلك الحين، تبقى بورتسودان تحت القصف، والسودانيون ينتظرون من يجرؤ على قول الحقيقة… أو على الأقل، من يجرؤ على قول أي شيء.
اي تعليق إذا انتم تريدون مايحلو لكم