اخبار السودانمقالات

العيد وسَط الضِبَاع

الراي السوداني

تابعنا على واتساب

متابعات – الراي السوداني 

العيد وسط الضباع..أنين ريف أم درمان الجنوبي

أحمد غباشي

مرَّ العيد على أهالي ريف أم درمان الجنوبي هذا العام، قاتماً مريعاً، بعد أن هبطت عليهم جحافل الظلام ومردة العالم السلفي الذين تمثلهم الحثالة المتبقية من فلول المليشيا الهاربة!!..في الوقت الذي تحررت فيه معظم العاصمة المثلثة من ربقة الجنجويد، يعيش سكان الريف الجنوبي أسوأ كوابيسهم، وهم في معية أسوأ مجرمي التاريخ!!.. القتل المباشر، اقتحام البيوت وطرد أهلها منها، أو نهب مقتنياتهم.. شبح الجوع الذي يخيم على تلك القرى، بعد أن أصبحت الأسواق شبه مغلقة جراء حالة الفوضى التي أشاعها أولئك الوافدون!!.. حتى الطرق القديمة للفرار من ذلك الجحيم باتت شبه منعدمة، وإن وجدت فمع نسبة عالية جداً من المخاطرة بالنفس!!.. هذه هي بعض ملامح الحياة بعد العيد في الريف الجنوبي لأم درمان.

يعلم السكان في قرى الجموعية الممتدة من الجانب الغربي لخزان جبل أولياء، إلى قرى صالحة وحي الجامعة، أن قدرهم أن تكون أرضهم هي آخر الممرات التي تعبر منها الوحوش الجريحة وهى في طريق الفرار إلى مستقبلها الأسود!!.. ويأملون أنه ما أن تتقدم نحوهم طلائع الجيش من الجنوب ومن الشمال والشمال الغربي، حتى تلوذ تلك الكائنات الجنهمية بالفرار، فهى منهكة القوى وفاقدة للقيادة، بعد أن تخلى عنهم قادتهم وأسلموهم إلى قدرهم يواجهونه وحدهم، بعد أن سقطت كل الأحلام التي زينتها لهم الدعاية السوداء!!.. ولكن المساحة الزمنية الفاصلة بين هذا وذاك، هي أقسى المحن التي عاشها الأهالي طيلة فترة الحرب التي أكملت عاميين قمريين!!.. وكل ما عاشوه وواجهوه من انتهاكات خلال الفترة السابقة لا يعد شيئاً بأزاء ما يواجهونه هذه الأيام!!.

لقد بدأت معاناة سكان الريف الجنوبي عقب تحرير جبل أولياء وفرار آخر فلول الجنجويد المنهزمين، غرباً، حيث اقتحمت تلك الذئاب الجريحة قرى الجموعية مرتكبة المذابح الشنيعة، على نحو ما وقع في (إيد الحد) و(المكداب)، أكثر من عشرين شهيداً سقطوا غدراً برصاص المليشيا.. وبعدها سادت حالة من التوحش نشرتها تلك الكائنات البربرية، على طول شريط القرى الممتدة من غربي خزان جبل أولياء، حتى منطقة حي الجامعة.. وبالأمس القريب ارتفع عدد القتلى في قرى الجموعية إلى ما يزيد عن المائة شهيد!!..

فوضى ونهب منقطع النظير، لم تعرف المنطقة مثيلاً له منذ بداية الحرب..خصوصاً في منطقة صالحة، حيث المواطنون ينهبون جهاراً نهاراً في الطرقات، توقفهم المليشيا بعرباتها القتالية أو بدرَّاجيها، ويقومون بالاستيلاء على مقتنياتهم ومشترواتهم، ويتم السطو على المتاجر والاستيلاء على بضائع الباعة الجائلين والفريشة، ومن يجرؤ على إبداء أي مقاومة يطلق عليه النار بلا تردد، وفي أقل الأحوال يتم رفعه على ظهر قتالياتهم، مما يعني أنه انضم إلى قوائم المفقودين!!.

توقف سوق هجيليجة تماماً بعد أن قامت تلك الكائنات البربرية بأكبر عملية نهب شهدها السوق، الذي كان آخر الأسواق التي يعتمد عليها الأهالي في تسوقهم والحصول على موادهم الغذائية، عقب توقف أسواق (المثلث) و(الشبيلاب) وسوق (صالحة زلط)، ونفس الأمر حدث لـ(سوق المدينة) الكائن في منطقة جادين جنوب!!..ومنذ عشية آخر يوم في رمضان أحجم الناس عن القدوم إلى السوق لشراء مستلزماتهم، لأن أفراد المليشيا المنتشرين بالسوق يوقفونهم وينهبونهم تحت تهديد السلاح!.. كما ترك التجار والباعة جلب بضائعهم إلى الأسواق بعدما أخذت منهم قسراً وعنوة!!..هذا فضلاً عن الاشتباكات المتكررة التي تقع وسط السوق بين أفراد المليشيا بعضهم البعض ويطلق فيها الرصاص بشكل عشوائي، قتل بسببه وجرح عدد من المواطنين!!..

وقبل عدّة أيام قُتل أحد الجزارين في هجيليجة رمياً بالرصاص، بينما اختطف آخر ولم يستدل على مكانه حتى الآن، في حادثين مروعتين، زادتا من حدة التوتر والخوف الذي يسود المنطقة الآن.

بعد توقف السوق أصبح شبح الجوع يخيم على المنطقة، حيث المؤن في حالة تناقص، والناس يحصلون الآن على ما تبقى منها من منازل الباعة، ولكن سرعان ما تتنفذ تلك البضائع، ومع عدم وجود مصادر لجلب بضائع جديدة، لما في مثل هذه العملية من درجة عالية من المخاطرة..

لاذ المواطنون ببيوتهم، التي لم تعد آمنة من أن يقتحمها عليهم جنود المليشيا ومرتزقتها، ويفعلون بها ما يشاؤون!.. وبات تقدم الجيش إلى تلك المناطق هو الأمل الذي يعيش في ترقُّبه أهالي الجموعية وسكان منطقة صالحة.

فالكابوس الجديد الذي حل بهم أسوأ بكثير من الكوابيس السابقة، أعني الذين حزموا أمتعتهم ورحلوا تاركين المجال لهؤلاء الأشقياء الجدد الذين هم أسوأ النسخ التي أنتجتها عصابة آل دقلو.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى