السودان اليوم:
تناول معهد السلام الأمريكي الأوضاع بالسودان عقب مرور عام على الاطاحة بالنظام الحاكم بالسودان، معتبرا أن الفترة الانتقالية بالسودان مهددة بعدة عوامل من بينها ضعف الاقتصاد، انتشار الفيروس التاجي، وغياب الدعم الدولي الكافي.
وناقش خبراء معهد السلام الأمريكي عملية التحول السياسي في السودان، في ظل ضعف الانجاز، ووجود عوامل كبيرة للفشل حتى قبل تفشي وباء كوفيد – 19 وفقا للخبراء.
غياب دولي:
استعرض الخبراء بالمعهد الأمريكي منال طه وبايتون كنوبف والاي فيرجي الأوضاع بالسودان خلال العام الماضي والحاجة إلى مزيد من الدعم الدولي لدعم المرحلة الانتقالية.
فيما يتعلق بمرور عام على التغيير بالسودان وما تم انجازه خلال هذه الفترة يقول كنوبف أنه بالنظر إلى الطبيعة التاريخية لانتقال السودان والتأثير المحتمل – سواء كان إيجابيا أو سلبيا – ليس فقط للشعب السوداني ولكن للمصالح الغربية في القرن الأفريقي والشرق الأوسط، أنه ما زال متفاجئا بغياب مركز ثقل حقيقي في التعاطي الدبلوماسي الدولي لضمان عدم وقوع المرحلة الانتقالية ضحية للدوافع المتنافسة للجهات الفاعلة الإقليمية، وغياب جهود الإصلاح والدعم السياسي والمالي اللازم لنجاحها.
صراع السلطة:
وفي ذات الصدد تقول طه إنه صراع مستمر للحفاظ على التوازن بين السيطرة العسكرية والمدنية على قرارات الحكومة وأفعالها. في وقت يخشى فيه العديد من المواطنين – وخاصة الشباب، والجماعات النسوية، والنقابات العمالية، والأحزاب السياسية – من اغتصاب الجيش للسلطة خلال الفترة الانتقالية، مع خطر أن تفقد السلطات المدنية قبولها الشعبي وشرعيتها. وبالتالي، فإن الجمهور متشكك في الحكومة الانتقالية، ومع ذلك لديه توقعات عالية للإصلاح يصعب إدارتها.
ويقول فيرجي إنه كما لاحظ بعض المحللين، فقد بدأت الاحتجاجات المحورية التي أدت إلى الإطاحة بالبشير خارج الخرطوم. وأن هذه ثورة حظيت بدعم وطني حقيقي يتجاوز المركز السياسي التقليدي. الا أنه يبدي حاليا دهشته حيث يبدو أن التحول يتطور على مسارين، مسار للعاصمة وآخر للمناطق الريفية والحضرية في أماكن أخرى من البلاد. بالنسبة للكثيرين خارج الخرطوم، لا يبدو أن الكثير قد تغير جذريًا – فالدولة تظل إما مختلة أو غائبة.
أداء الحكومة الانتقالية:
ويقول خبراء معهد السلام الأمريكي في تقييمهم لأداء الحكومة الانتقالية، إنه بالنظر إلى الدور المتقدم الذي لعبه الشباب والنساء خلال الثورة السودانية، فإن غياب مشاركة الشباب والمشاركة المحدودة للنساء هو ضعف ملحوظ للحكومة الانتقالية، وتضيف منال طه أن على الحكومة اعادة النظر في مشاركة الشباب والنساء في الحكومة، في ذات الوقت ترى أنه على الرغم من إحراز بعض التقدم في السعي للتوصل إلى اتفاق شامل مع الجماعات المسلحة وترتيبات جديدة لقطاع الأمن للحفاظ على السلام في المناطق المتضررة من النزاع في البلاد، يبدو أن الحكومة الانتقالية تكافح أيضًا لتطوير وسائل عملية لتسريع عملية السلام. معتبرة أنه اختبار رئيسي للانتقال.
من جانبه يرى كنوبف أنه كان هناك حتماً رياح معاكسة تعمل ضد تحقيق تطلعات الثورة السودانية. مشيرا الى أن أولئك الذين انتقدوا الحكومة الانتقالية لعدم التحرك بسرعة وحزم بما فيه الكفاية لديهم الكثير من الأدلة لدعم هذه الحجة. ولهذه الغاية، سيكون من المهم لصانعي القرار أن يدركوا أن شرعيتهم جماعية وأن فصيلًا أو جماعة أخرى لن تكون قادرة على اكتساب الشرعية أو الحفاظ عليها – محليًا أو دوليًا – بمفردها.
التحديات الاقتصادية:
يناقش الخبراء ما يعانيه اقتصاد السودان من ضعف منذ سنوات. والآثار المترتبة على انتقال الصعوبات الاقتصادية المستمرة؟
وتحذر طه من أن استمرار الأزمة الاقتصادية قد يفقد الحكومة ثقة الشعب ودعمه. وقد تغذي الصراعات المحلية أو تعيدها، بسبب المعاناة، خاصة في المناطق التي تشهد منافسة على المياه الشحيحة وموارد الرعي. قد تكون المشقة أكثر حدة بالنسبة للنازحين واللاجئين، والمناطق الفقيرة والمعزولة في شرق وغرب السودان.
ويقول كنوبف إن اقتصاد السودان في حالة أضعف مما كان عليه قبل الإطاحة بالبشير. متوقعا أن يؤدي انتشار الفيروس التاجي الى جعل الأمر أكثر سوءا، في ظل ندرة السلع الأساسية مثل الوقود والغذاء، معتبرا أن الاعتماد على الاقتصاد غير الرسمي، والتحويلات، والإيرادات من الموارد الاستخراجية مثل النفط، يجعل السودان عرضة بشدة لتباطؤ الاقتصاد العالمي الذي يتكشف. إن أمر البقاء في المنزل الذي فرضته الحكومة مؤخرًا والذي تم تطبيقه مبدئيًا منذ الأسبوع الأول من مايو سيزيد من تآكل النشاط الاقتصادي المحلي، لافتا الى أن مصداقية جميع أجزاء الحكومة الانتقالية تعتمد على قدرتها على التخفيف من أشد السيناريوهات خطورة، والتي يمكن أن تشمل انعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع، بما في ذلك في المدن.
خفض الدعم:
من جانبه يقول فيرجي إنه بسبب الإنفاق الضخم على قطاع الأمن، لم تستطع حكومة البشير العيش في حدود إمكانياتها. وساهمت محاولات خفض الإنفاق العام من خلال إصلاح الدعم في إسقاط نظامه. لذلك، من أجل أن تفكر الحكومة الانتقالية أيضًا في تخفيض الدعم، فإن هذا أمر محفوف بالمخاطر بطبيعته ومن المرجح ألا يحظى بشعبية كبيرة. وبما أن الحكومة الانتقالية لا تملك المال اللازم لتلبية حتى جزء صغير من المطالب التي تواجهها، ومن غير الواضح ما إذا كان الإنفاق على قطاع الأمن قد تم السيطرة عليه بشكل كافٍ، فقد يفشل الانتقال على أسس اقتصادية فقط، بغض النظر عن الترتيبات السياسية القائمة.
وضع هش:
وفي ظل هذا الوضع الهش بالفعل يأتي وباء الفيروس التاجي. حيث تقول طه إنه من المرجح أن يمثل فيروس كوروظنا تحديًا كبيرًا لاقتصاد السودان الهش وضعف النظام الصحي. وقد تتطلب إدارة الوباء قدرات وموارد تقنية أكثر مما يبدو أن الحكومة تمتلكها. ومع ذلك، يوفر الوباء أيضًا فرصة للتكنوقراط في الحكومة المدنية لإثبات كفاءتهم وبالتالي كسب الشرعية من المواطنين. وسيكون مفتاح الاستجابة هو حملة تقوم على هوية وطنية مشتركة وليس على انتماءات قبلية أو إقليمية أو عرقية.
أزمة عالمية:
من جانبه يعرب فيرجي عن أمله في أن يوفر هذا الوقت من الأزمة العالمية زخما متجددا للتعاون المدني والعسكري السوداني وبالتالي تحسين آفاق الانتقال السياسي الناجح. لكنه يعرب عن قلقه من أن أي شهية دولية لدعم السودان مالياً قد تنخفض حيث يتعرض الاقتصاد العالمي لضغوط متزايدة، معتبرا أنه قد يكون خطأً تاريخياً، ويخاطر بإعادة السودان إلى الحكم الاستبدادي طويل الأمد، على حساب جيل آخر من الأرواح السودانية.
ويقول كنوبف إن فشل الفترة الانتقالية يمكن أن يؤدي إلى تفتيت الدولة وتصعيد التهديدات للسلم والأمن الإقليميين والدوليين. ومع ذلك، يمكن للنجاح أن يضع المنطقة على مسار أكثر استقرارًا وديمقراطية وازدهارًا لعقود. هذه فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل، وسوف يتطلب منع السودان من موجة المد والجزر التي تلوح في الأفق من جائحة كوفيد – 19 استراتيجية دولية أكثر قوة وتنسيقًا.
The post عام على سقوط البشير.. والفترة الانتقالية مهددة appeared first on السودان اليوم.