رشان أوشي
بدءً .. علينا توضيح أن ما نتناوله عن أداء وزير التنمية الاجتماعية “أحمد آدم بخيت” ، لا علاقة له بحركة العدل والمساواة ، ولا بقبيلة وعشيرة ، هو نشر الحقائق وتنوير الرأي العام حول أداء مسؤول حكومي ، بغض الطرف عن انتماءه السياسي او الاثني ، طبعاً ليس للتعميم، حيث إن لكل قاعدة حالة شاذة، أو كما علمنا المنطق، النسبية تمثل شرطاً أساسياً من شروط الموضوعية.
ولكن لنعترف في لحظة صدق مع الذات: إن الغالب على رجال السلطة ونسائها في بلادنا هو الابتزاز بالقبيلة والموقف الجماعي لاغلاق نافذة الحقيقة حتى تهيمن العتمة ، كما أن السياسيين عندنا ينتمون إلى ثقافة تعد المسؤولية وحكم النّاس تشريفاً وليس تكليفاً.
نعود إلى قضية التجاوزات داخل وزارة التنمية الاجتماعية ، ولن يتوقف الأمر هنا ، بل ما وردنا من معلومات مؤخراً يشير إلى ضلوع وزارة مجلس الوزراء في حماية هذا الفساد المستشري داخل اروقة الدولة، وهو ما سنتحدث عنه في مقالات لاحقة .
“نجلاء الطيب منصور ” مدير المكتب التنفيذي لوزير التنمية الاجتماعية ، أو إن حق القول هي الوزير نفسه ، حيث تدير الوزارة وأموالها ، حسبما تشاء.
قبل أشهر، قام عضو مجلس السيادة الفريق “إبراهيم جابر” بزيارة الى مدينة أم درمان بعد تحرير الإذاعة، بغرض الوقوف على حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية واعادة تأهيلها ، رافقه عدد من الوزراء ومدراء الشركات الحكومية ، خاطبت “نجلاء” عدة جهات، حيث طلبت أموال بغرض تغطية مصروفات الرحلة وبعض التبرعات لصالح المتضررين في أم درمان .
استلمت “نجلاء” مبلغ (٥) مليون جنيه من ديوان الزكاة ، و(١٠) مليون جنيه من جهاز الاستثمار ، و(٢) مليون من بنك الادخار، بعد انتهاء المهمة في أم درمان ، وبعد إجراءات المراجعة الداخلية ، اتضح إن المبلغ لم ينفق منه فلساً واحداً على مهمة أم درمان ، بل واختفى مبلغ (٥) مليون وفشلت في إثبات أوجه صرفه ، وبعد جهد وإجراءات داخلية كادت إن تحدث عاصفة داخل الوزارة قامت بإيداع مبلغ (١٠) مليون في حساب بالرقم (١٥٠)مصرف الادخار .
الجهات الإدارية المختصة داخل الوزارة أبلغت الوزير بأن مدير مكتبه تتصرف وكأنها الوزير ، وتتخذ قرارات ليست من اختصاصها ولا صلاحياتها، و ابلغوه بأنها رفضت توجيه المبلغ المخصص لزيارة الفريق “ابراهيم” لصالح النازحين في أم درمان، لم يتخذ الوزير “احمد آدم بخيت” أي موقف حيال ممارسات سكرتيرته.
خاطبت الجهات الإدارية المختصة الوزير عدة مرات بمعلومات ومستندات توضح إن مديرة مكتبه تطلب اموالاً من الوحدات داخل الوزارة ، ويتم صرف تلك المبالغ الضخمة خارج الدورة المحاسبية ، ولم يحرك الوزير ساكناً، بل ظل يوفر الغطاء والحماية لحاشيته الكبيرة والممتدة إلى خارج الوزارة .
إذاً.. بشكل عام، اليوم، يتقاطع السودان بين مسارين اثنين متعبين: من جهةٍ إن بلادنا ما زالت في حاجة كبيرة إلى البناء والتأسيس، ومن جهة ثانية وفي الوقت نفسه يسيطر عليها هاجس إدارة الشؤون اليومية للمواطنين، وضبط الأداء الحكومي والحد من إهدار المال العام وحقوق دافع الضريبة .
في الحلقة القادمة من سلسلة مقالتنا هذه ،سنكشف بالأرقام والمستندات جريمة السطو على الاغاثة ، وحجم التجاوزات المهولة التي حدثت في هذا الملف خلال حقبة ما .
محبتي واحترامي