اخبار السودانمقالات

ينزعون الموت من المقابر..التفاصيل

ينزعون الموت من المقابر

 

كتب: الزبير نايل

عجائب هذا الزمان لا تنقضي ومحنه أصبحت تطل علينا كل يوم بوجه جديد، وفواجعه لم تخطر لنا على بال كأنما هذه الابتلاءات تريد أن تختبر عندنا أقصى درجات التحمل والصبر.

 

 

وأنا أطالع صورا على جدار الزميل نزار بقداوي وسط القبور في (أحمد شرفي) برفقة فريق لمكافحة الألغام هالني الأمر وقلت ماذا هناك؟ وفجأة قفز إلى ذهني بيت الشعر الشهير لمحمود درويش في قصيدته ملحمة الأوراس (يا كبرياء الجرح لو متنا لحاربت المقابر)، التي مجّد فيها درويش ثوار الجزائر وهم يناضلون بالظُفر والنَاب لطرد المستعمر الفرنسي عن بلادهم للحد الذي إذا استشهدوا جميعا نهضت مقابرهم لمواصلة مسيرة التحرير..

 

لكن المقابر في بلادنا كانت خلاف ذلك فقد نُزع عنها غطاء الصمت المهيب وأصبح الموت في باطنها وظاهرها وعلى أسوارها عندما جعلها الأوباش حقلا لزرع الألغام لتحصد الأحياء وهم يودعون أحباءهم ويغالبون دموعهم.

 

مشهد تراجيدي لا تجد له توصيفا، ومفارقة لم يسجل التاريخ لها مثيلا إلا في مقبرة أوكرانية وهي أن تدس لغما في صدر قبرٍ كأنك تريد مضاعفة الموت للموتى.. إنه الجنون بعينه..

 

نخشى أن تصبح عبارة (طَلِع ميتينك) حقيقة بعد أن لجأ البعض خلال الفترة الماضية لدفن موتاهم في فناء منازلهم عندما استحال عليهم سترهم في المقابر بسبب تلك الألغام.. وأصل هذه العبارة كما تواتر، أن الناس كانوا يدفنون موتاهم أو كبارهم في بيوتهم وعندما يريدون بيع المنزل يطلب المشتري أن (يطلعوا) موتاهم من المنزل حتى يكتمل البيع، أما إذا أرادوا بيعه (بالميت) فإنه سعره يكون رخيصا، وقد أصبحت العبارة شائعة للتعبير عن بعض المواقف..

 

الرحمة لأولئك الذين يرقدون في تلك الديار ..

وتباً لأولئك الذين يُلغمون الحياة والموت ..

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى