اخبار السودان

كتبت خلود من بنات الجزيرة: وما شهدنا إلا بما علمنا

متابعات - الراى السودانى

كتبت خلود من بنات الجزيرة: وما شهدنا إلا بما علمنا

في صباح الجمعة ١٦ فبراير اقتحمت مجموعة مسلحة ترتدي زي الدعم السريع بلدة الصفا ” فطيس” بوسط ولاية الجزيرة, القرية التي تنحدر منها أسرتي والتي نزحنا إليها بعد استعار الحرب في الخرطوم. جابت القوة المهاجمة شوارع القرية وأحياءها على متن دراجات نارية, واستولت على عربات المواطنين وأموالهم النقدية وحلي النساء تحت تهديد السلاح.اقتحمت جميع المنازل وهددت النساء داخل غرفهن بالقتل والسبي للحصول على ما يملكن من ذهب وهاجمت جميع المتاجر المحدودة أصلاً ونهبت جميع ما فيها من مواد غذائية وملابس وسلع, ودمرت سوق القرية الذي كان يرتاده الناس من كافة القرى القريبة وأوسعت المواطنين من الرجال والشبان ضربًا وتنمكيلاً وأجبرت الشباب على حمل السلع المنهوبة ورفعها على عربات المهاجمين تحت التهديد.
لم تكتفي العصابة بنهب المتاجر بل قامت بفتحها أمام لصوص القرية وحثت ضعاف النفوس والسكان من غير أبناء القرية الأصليين على النهب والشفشفة .
تزامن الهجوم الذي استغرق أكثر من أسبوعين مع انقطاع كامل للكهرباء والاتصالات ما بث الرعب والهلع في نفوس المواطنين بشكلٍ غير مسبوق, وأدى إلى موجات نزوح شاملة نحو المدن الآمنة شرق وشمال البلاد بينما نزح البقية جنوبًا نحو الأراضي الزراعية وقضوا أيامًا هناك ينزحون إليها صباحًا ويعودون في المساء بعد اختفاء الدراجات النارية؛ بينما نزح بعضٌ آخر إلى القرى المجاورة وكنت من بينهم.

حدث ذلك لقريتنا وجميع القرى المجاورة شرقًا وغربًا وكنت شاهدة على هجومها على قرية أم دوانة المجاورة والتي نزحنا إليها بعد يومين من بدء الهجوم بعد دخولهم المتكرر علينا داخل المنزل وتهديدنا بالتصفية والخطف

قطعنا المسافة بين القريتين عابرين الطريق المحفوفة بأشجار العدس وأشواكها وخضنا قنوات الري المصغرة المليئة بالمياه والطمي دون أن نشعر بشيء تحت وقع ما انتابنا من رعب.
كان الهجوم المماثل في اليوم التالي لوصولنا إليها حيث كانوا قبل ذلك يجمعون عربات المواطنين دون الدخول إلى داخل غرف المنازل ، في صباح اليوم التالي لوصولنا سرى في القرية نبأ مقتل شخصين وإصابة سيدة من عائلة واحدة على يد القوة التي هاجمت منزلهم فهرع معظم النساء والفتيات نحو الأراضي الزراعية بعيدا عن المنازل لكن أفرادا من القوة قامت بإعادتنا متعهدين بعدم إيذائنا وقالوا إنهم يبحثون فقط عن عناصر الجيش المختبئين أو”أبولدة ” على حد تعبيرهم.
عدنا بشيء من الطمأنينة بعد تعهداتهم بعدم إيذاء المواطنين والنساء
وفي المساء داهم أفراد من القوة منزل أقاربنا الذين كنا في ضيافتهم
دخلوا إلى الحجرة التي كانت مكتظة بالنساء والفتيات وطلبوا من الجميع المغادرة إلى منازلهم, ثم تكرر دخولهم تفوح منهم رائحة السجائر والخمور.
اقتادوا جميع رجال القرية إلى المسجد واحتجزوهم فيه حتى الصباح. اعتدوا عليهم بالضرب وحاولوا إجبارهم على تسليم ما لديهم من نقود, بينما ظلوا يلاحقوننا بين الغرف يتوعدون النساء ويعتدون عليهن بالضرب والتهديد ظنًا منهم أنهن زوجات جياشة أو كيزان على حد قولهم.

قضينا تلك الليلة المرعبة نتوسل إلى الله أن تنقضي بسلام. وفي ساعات الصباح الأولى انطلقنا نحو حقول المشروع التابعة لقريتنا؛ لنجد أهالي القرية وأسرها يفترشون الأرض ويلتحفون الفُرُش المثبتة على أعواد أشجار العدس. وانتظرنا حتى مغيب الشمس ثم عدنا إلى داخل القرية. قضينا شهرًا كاملاً نستمع إلى أصوات الأعيرة النارية التي كان يطلقها المسلحون لدى حصولهم على أي عربة أو غنيمة, ونتحسس أصوات الدراجات النارية وأصوات كسر الأبواب أو تعنيفهم وتهديدهم لإحدى الأُسر المجاورة. وفوق كل ذلك لا يزال أهلنا يعانون العطش في هجير رمضان بعد إقدام عصابات الدعم على نهب لوحات الطاقة الشمسية التي وفرها أهل القرية من حر مالهم لتشغيل بيارات المياه في ظل استمرار انقطاع الكهرباء . وعلمت أن هذه الهجمات لا تزال تجتاح جميع قرى الجزيرة باستثناء تحركات طفيفة ومتأخرة للجيش المتمركز في مدينة المناقل ينتظرها المواطنون على أحر من الجمر ويتلقفون الصادق والكاذب من أخبارها !

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى