وجه شاب من دولة تشاد رسالة خاصة إلى الشباب السوداني، أكد فيها محبة أبناء شعبه لجيرانهم في السودان، ونفي خلالها أن يكون لأهل بلاده أي دور في الحرب الدائرة الآن.
وقال الشاب سعيد أبكر أحمد، في مقالة نشرها على منصة “أكس”، إنه يتوجه بهذه الكتابة لشباب السودان، فهي لهم دون غيرهم من الناس، موضحا إنه درس في مدرسة سودانية (مدرسة الصداقة التشادية السودانية)، وتعلم على يد أساتذة أكفاء من السودان.
وأضاف: “هناك تضليلٌ في الرأي العام ومحاولة لتصوير المجتمع التشادي بأنه السبب في أزمتكم، لا أقول الحكومة التشادية إنما المجتمع التشادي، ولأن الشعوب لا ذنب لها. سأنقل لكم بصورة مختصرة ما فعلته حكومة السودان بنا”.
وقدم سعيد أبكر سردا مختصر لوقائع تاريخية توضح تورط حكومات السودان المتعاقبة في تغيير أنظمة الحكم في دولة تشاد، وقال إن حكومات السودان تدخلت لتغيير أربعة أنظمة للحكم في تشاد، “فقد قادت عبر اتفاقية الخرطوم في تعيين حبري رئيساً للوزراء عام ١٩٧٨ ثم ساهمت في إسقاط نظام مالوم عام ١٩٨٠، وقامت بالانقلاب على قوكوني عام ١٩٨٢، وساهمت في وصول حسين حبري إلى السلطة في يونيو ١٩٨٢، ودعمت ديبي للوصول إلى الحكم في ديسمبر ١٩٩٠”.
وقال سعيد أبكر إن آلآف الشباب لقوا حتفهم وتيتم أبناؤهم وتجرعوا الألم ونسيهم المجتمع، مضيفا أن العاصمة (أنجمينا) تحولت عام ١٩٧٩ – ١٩٨١ إلى مدينة أشباح “لأنَّ القتال فيها استمرّ بين الفصائل لمدة ١٨ شهرا على فترتين. الفترة الأولى بين مالوم وحبري، والفترة الثانية بين قوكوني وحبري”.
وواصل سعيد أبكر في سرد الوقائع التاريخية وقال: “أمَّا في العصر الحديث فقد ألقت تشاد بفلذات أكبادها في الفترة بين ٢٠٠٦ – ٢٠١٠ من تسمونه (تشاديو الدعم السريع) اليوم هم جزء من هولاء، وهم ضحية خطاب المخابرات السودانية، مبينا أن الحكومة السودانية ضغطت في فبراير عام ٢٠٠٦ على (محمد نور عبدالكريم – تاما) فأخذ شباب تشاديين لمهاجمة العاصمة التشادية أنجمينا، كان جلهم من مواليد التسعينات، وبعضهم طلبة في الجامعات السودانية زجُّوا إلى الحرب زجَّاً.
وأوضح أن أكثر من ٨٩٠ شاباً قتلوا في تاريخ ١٣ إبريل ٢٠٠٦، مشيرا إلى أنهم لم يكونوا يعرفون العاصمة ولا أحيائها، إنما هاجموا مبنى البرلمان بدل الذهاب إلى القصر الجمهوري.
وقال سعيد أبكر: “ثم جاءت معركة أنجمينا (فبراير ٢٠٠٨) عندما اجتمع رؤوس المعارضة التشادية في السودان لتغيير نظام الحكم في تشاد، وبدعم سوداني، انطلقوا نحو العاصمة، مات مئات الشباب في تلك الحرب الباهظة، كنتُ يومها في أنجمينا وعرفتُ معنى الحرب العشوائية، هنا في تشاد لا توجد استراتيجيات عسكرية حربية، إنما يفضلون المواجهة العسكرية المباشرة لذلك يتعاظم الخطر ويموتُ الناس بأعداد كبيرة، كذب صلاح قوش على المعارضة التشادية ومنحهم نظام دفاع جوي (نزع عنها بطارياتها) ولم تكن مفعلة، ظنَّ المعارضون أنَّ الحكومة التشادية لا تستطيع حسم المعركة جوياً، لأنهم يملكون منظومة الباترويت، لكنَّ خيبة الأمل كانت عظيمة عندما عجزت المنظومة صدَّ الهجمات الجوية وهزموا ولم يستطيعوا بسبب زيادة القصف الجوي الاستمرار في الحرب، ومات خلق كبير من التشاديين”.
وأضاف سعيد أبكر، أن أولئك المقاتلين عادوا إلى السودان، وتقارب البشير مع ديبي عام ٢٠١٠ ووقعا اتفاقية سلام بين البلدين، ثم أمروا المعارضة التشادية برمي أسلحتهم والعودة إلى تشاد، رفض بعضهم وقالوا إن الحياة في السودان أفضل من العودة إلى النظام الذي سيحملهم مسؤولية الحرب فقرروا البقاء في دارفور. ولما أسس حميدتي قوات الدعم السريع اعتمد عليهم لأنهم مقاتلون شرسون، صالوا وجالوا ضد الحكومة التشادية، وبموافقة من الاستخبارات السودانية أُدمجوا في قوات الدعم السريع عام ٢٠١٣.
وختتم سعيد أبكر مقالته بالقول: “إذن هذه هي القصة الكاملة فيما حدث، ولا يوجد هجرة من التشاديين إلى السودان كما يصور البعض، وأنا متيقن جداً أنَّ موقف الحكومة التشادية لا يمثل موقف المجتمع التشادي، ولكن ما فهمته أن كافة دول جوار السودان تتآمر على السودان لتصفية حساباتها السابقة، فالكل يريد أخذ حصته من حزازات الماضي، وكما قالوا قديما (إذا طاح الجمل كثرت سكاكينه)”.