من هوَ صاحب متحف الإبادة الجماعية في رواندا الذي زارهُ حميدتى ؟
من هو صاحب متحف الإبادة الجماعية فى رواندا الذى زاره حميدتى؟
بول كاغامي.. زعيم حرب أصبح رئيس دولة
بول كاغامي، زعيم حرب رواندي من عرقية التوتسي، قاد الجبهة الوطنية الرواندية إلى النصر على نظام الهوتو في المجازر العرقية ربيع عام 1994. تولى رئاسة رواندا بتزكية البرلمان عام 2000، ثم انتُخب في الأعوام 2003 و2010 و2017. وفي عام 2015 عدَّل الدستور ليتسنى له البقاء في الرئاسة ثلاث فترات أخرى تنتهي عام 2034.
المولد والنشأة
وُلد بول كاغامي في 23 أكتوبر/تشرين الأول 1957 بقرية نائية وسط رواندا، لأسرةٍ من التوتسي تنتمي إلى سلالة من السلاطين تعاقبت على عرش هذه العرقية في فترات ما قبل الاستعمار البلجيكي.
ووافق ميلاده استعداد بلجيكا لمنح الاستقلال لرواندا بعد عقود طويلة من الاستعمار والتمييز، عملت خلالها السلطات الاستعمارية على إحداث خرقٍ اجتماعي وعرقي بين الهوتو والتوتسي والتمييز بينهم رغم أنَّ العرقيتين غير متمايزتين.
نزح كاغامي مع أسرته وهو في الثانية من عمره إلى أوغندا فرارا من القمع الذي استهدف التوتسي قبيل نيل البلاد استقلالها عام 1959، حيث جرت إعدامات وتصفيات ودُمرت منازل بذريعة وجود مخطط للتوتسي يرمي إلى الإمساك بالسلطة؛ ليدشن ذلك شرخا عرقيا عميقا وصم التاريخ السياسي للبلاد وانتهى بمجازر عرقية مروعة قُتل فيها أكثر من ثمانمئة ألف إنسان، غالبيتهم من التوتسي، ربيع 1994.
الدراسة والتكوين
تلقى بول كاغامي تعليمه الأولي في أوغندا التي كانت توجد فيها أكبر مخيمات اللجوء الخاصة بالتوتسي، وانخرط في أكتوبر/تشرين الأول 1979 في مليشيات جيش المقاومة الوطنية الأوغندي بزعامة يوري موسيفيني الذي كان يخوض حربا مفتوحة ضد عيدي أمين دادا.
التجربة السياسية
كان كاغامي في الـ22 من عمره حينئذ، وكان ضمن عدد من الشبان التوتسي الروانديين الذين شكلوا نواة جيش موسيفيني الذي كافأهم بتجنيسهم وتعيينهم في مناصب مهمة بالأجهزة العسكرية والأمنية، بعد نجاحه في الإمساك بسدة الحكم إثر إطاحته بنظامي ملتون آبوت ثم تيتو أوكيلو عام 1986.
فور إعلان موسيفيني رئيسا لأوغندا، تم تعيين كاغامي رئيسا للاستخبارات العسكرية الأوغندية، وهو منصبٌ خوله نفوذا واسعا سخَّره في خدمة قضيته الأولى، وهي عودة التوتسي إلى رواندا وحكمها.
أنشأ كاغامي لهذا الغرض الجبهة الوطنية الرواندية التي تولى رئاستَها فريد رويجيما، وهو صديق مخلص لكاغامي.
عام 1990، مُنيت الجبهة الوطنية الرواندية -التي أنشأها كاغامي- بهزيمةٍ مدوية خلال معاركها الأولى مع الجيش الرواندي النظامي التابع للرئيس جافينال هباريمانا، لكن جهود الأمم المتحدة ووساطة زعيم الهوتو باستور بيزيمنغو وضغوط الحكومة الفرنسية، دفعت نظام هباريمانا إلى التفاوض مع الجبهة الوطنية في آروشا.
وحققت المفاوضات تقدما باتجاه تسويةٍ سياسية تضمن عودة التوتسي إلى رواندا وتمتعهم بحقوقهم المدنية وضمان قدرٍ أكبر من المشاركة السياسية، في المقابل تخلي الجبهة عن حمل السلاح ودمج مقاتليها في الجيش الوطني.
قُتل زعيم الجبهة الوطنية رويجيما في المعارك مع الجيش الرواندي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 1990، وبعد صراعٍ مرير كاد يُودي بوحدة الجبهة، تدخل الرئيس الأوغندي موسيفيني ليفرض رئيس استخباراته العسكرية ورجل ثقته كاغامي رئيسا للجبهة.
رجل الإنقاذ
بينما كانت مفاوضات آروشا تُراوح مكانها، كانت أجنحة وازنة في نظام هباريمانا -أغلبها من الهوتو- ترفض أي اتفاق مع التوتسي، بل بدأت التحريض ضد التوتسي وضد المتعاطفين معهم من الهوتو.
وهكذا شهدت كيغالي اغتيالات استهدفت سياسيين وناشطين بالمجتمع المدني اشتُهروا بمواقفهم المؤيدة للمصالحة الوطنية والتعايش بين الهوتو والتوتسي، وبحلول مارس/آذار 1994 بلغت موجة التحريض أوجَها وأصبح لحملة التحريض على التوتسي إذاعة خاصة بها.
أسهمت في حالة الاحتقان تلك مواقف القوى الدولية المتصارعة على السيطرة على المنطقة، ومنها فرنسا وبلجيكا الداعمتان لنظام الهوتو بقيادة هباريمانا، والولايات المتحدة الداعمة لنظام موسيفيني وحلفائه من التوتسي، كما أنَّ المكاسب الميدانية التي بدأت الجبهة الوطنية تُحققها من أواخر 1993 كانت مقلقة للهوتو.
وفي السادس من أبريل/نيسان 1994، اغتيل الرئيس هباريمانا بإسقاط طائرته لدى هبوطها في كيغالي لدى قدومها من تنزانيا، وعلى متنها رئيس بوروندي المجاورة وعدد من كبار مسؤولي البلدين.
وأعقب ذلك قيام المتطرفين الهوتو في النظام بتصفية المعتدلين من أبناء عمومتهم مؤكدين رفض أي تقارب مع التوتسي. وأفادت شهادات منشقين على الجبهة الوطنية الرواندية لاحقا بضلوع كاغامي في الاغتيال، وهو ما جلب عليه أواسط العقد الأول من القرن الـ21 متابعات قضائية في فرنسا وإسبانيا.
ومهد الاغتيال للمجازر العرقية التي استمرت ، وأوقعت أكثر من ثمانمئة ألف قتيل غالبيتهم الساحقة من التوتسي، واستغل كاغامي المجازر لحشد التعاطف الإقليمي والدولي .
كما سرَّعت المجازر بهجوم الجبهة الوطنية التي تمكنت من الوصول إلى كيغالي في يونيو/حزيران 1994، لتَتوقف المجازر ويستقر الأمر لكاغامي الذي أسند رئاسة البلاد إلى باستير بيزيمنغو.
الرئاسة
عام 2000، أزاح كاغامي الرئيس بيزيمنغو وأحاله إلى المحاكمة بذريعة الفساد ومخالفة توجه المصالحة الوطنية القاضي بنبذ أيديولوجيا التفرقة العرقية، وحُكم على الرئيس المخلوع بالسجن لمدة 15 سنة، وكان ذلك كافيا للتخلص منه.
وكانت الخطوة التالية تسمية كاغامي رئيسا للبلاد بتزكية من البرلمان، وكانت المهمة الأولى التي تنتظره سنّ دستورٍ جديد قادر على مسايرة المرحلة الجديدة وتجاوز شبح المجازر.
وقد تم وضع دستور ألغى التفرقة العرقية التي كانت الوثائق المدنية الرسمية تنص عليها، وتم إقرار الدستور عام 2003، وبالتزامن مع ذلك أُعيد انتخاب كاغامي بالاقتراع العام المباشر، وشكَّل حكومة حظيت فيها النساء بنصيب وافر فاق 30%.
أعيد انتخاب الرجل بعد ذلك في عام 2010، ثم حقق في 4 أغسطس/آب 2017 فوزا كاسحا في انتخابات الرئاسة، ليحصل على ولاية رئاسية ثالثة تمتد سبع سنوات أخرى في حكم الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، وذلك بعد أن تم تعديل الدستور في ديسمبر/كانون الأول 2015 بما يسمح له بالاستمرار في السلطة.
ظل كاغامي يسوّق المأساة المترتبة على المجازر لتبرير جميع قراراته السياسية ومواقفه، وكانت التهمة الجاهزة دائما بحق المعارضين هي تمجيد أيديولوجيا المجازر والتفرقة العرقية. وباسمها اعتُقل معارضون وسُجنوا، كما شهدت البلاد اغتيالات غامضة مست نشاطين سياسيين وحقوقيين وصحافيين ومعارضين في المنفى.
وفضلا عن ذلك، يُواجه كاغامي تهما بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب الأهلية، ومن ثم لم يجد غير البقاء في السلطة ضمانة وحيدة لحماية نفسه ومقربيه من المتابعات القضائية وربما الانتقام.
الاتحاد الأفريقي
انتخب كاغامي رئيسا للدورة الجديدة للاتحاد الأفريقي خلال اليوم الأول من القمة الأفريقية الثلاثين التي عقدت يومي 28 و29 يناير/كانون الثاني 2018 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.