كشف مقطع فيديو تم تداوله بشكل واسع بوسائل التواصل الإجتماعي معاناة مصدري الماشية عبر ميناء سواكن ، ويبدو أن صاحب الفيديو احد المصدرين والذي اوضح بشكل صادم نفوق المئات من الخراف داخل المحجر دون ان تشرع الجهات المسؤولة في إبعاد النافق منها بعيدا ، تفاديا للمضار والمخاطرالصحية والبيئية التي يمكن ان تنجم من تراكم الخراف النافقة داخل الحظيرة ، كما دحض المقطع إدعاءات المسؤولين وحديثهم الممجوج بشان المحاجر وتهيئتها وإعادة تأهيلها ، وهي على ارض الواقع وحسب (المقطع ) لا تعدو عن كونها رواكيب وحظائر غير قادرة على الصمود في وجه الرياح، ناهيك عن حماية مابداخلها من قطيع ظل يلهث ككلب صيد اعيته الطريدة ، فقد تبين ان محجر سواكن بكل صيته وسمعته هو اس الداء وسبب البلاء ، اجواء ساخنة ومناخات ملتهبة هي من اجبرت صاحب القطيع ان يدفع مبلغ 25 الفا من الجنيهات مقابل شراء تانكر مياه في سبيل تلطيف الجو لها بصب الماء عليها في محاولة منه لإبقائها اطول فترة ممكنة ، والقطيع تم حبسه بارض جرداء قاحلة ، فاصبح حاله مماثلا لحال تلك القطة التي أدخلت صاحبتها النار .
تلاعب بصادر الماشية
عدد من المصدرين رموا باللائمة على الدولة واكدوا ان الجهات المسؤولة عن الصادر ظلت تتجاهل الاسباب الحقيقة التي كانت وراء إرجاع الماشية ونفوق عشرات الالاف منها وأرجع الذين يعملون في الصادر أن السبب الأساسي هو سوء المحاجر وعدم تهيئتها بجانب رداءة المواعين الناقلة، التي حسب مراقبون انها اصبحت (إسكراب )، وفقا لرأي عضو شعبة الصادر الطاهر محمد نعيم الذي بدوره كشف عن إرجاع باخرة جديدة محملة بالخراف من الاراضي السعودية مطلع الإسبوع الحالي واردف ان نحو 1800 من الخراف قد نفقت بسب غياب الادوات والمعينات الخاصة بأكل وشرب الماشية ،وزاد ان صاحب الباخرة ويدعى سليمان قد اصبح هو وآخرون مهددون بالسجن جراء الخسائر المتلاحقة للمصدرين .
إتفاق معيب
وفيما يتعلق بنسبة المناعة حمل الطاهر عضو شعبة الصادر وزير الثروة الحيوانية السابق مسؤولية تكرار راجع صادر الماشية السودانية في الفترة الاخيرة ، لافتا الإنتباه الى ان السودان ومنذ السبعينات إتفق مع السعودية على ان تكون نسبة مناعة الصادر 17 % فقط واردف الوزير السابق ودون التشاور مع جهات الإختصاص وافق على طلب تقدمت به السعودية لاحقا حددت بموجبه ان تكون نسبة المناعة مابين 30ـ40 % ،ورأى الطاهر ان هذه الإتفاقية الجديدة كانت وراء تراجع نسبة الصادر وستظل كذلك مالم تعيد السلطات النظر فيها وان دعى ذلك الى إيقاف الصادر ،زاعما ان مناعة الماشية وإن كانت 100% ستتراجع بعد رفعها الى الباخرة في ظل غياب دور اللجنة المختصة بالمواعين الناقلة ، ومضى ، كل المواعين غير صالحة للنقل ولا تتوفر فيها إحتياجات القطيع من مأكل ومشرب وبيئة صحية تمكنها من المحافظة على مناعتها بشكل سليم ،هذا علاوة على بطئها وعدم موائمتها ومواكبتها لوسائل النقل الحديثة ، وقطع الطاهر ان كل العوامل تلك مجتمعة كانت سببا ومن الموانع التي حالت دون تصدير الماشية ،كما حمل الدولة ممثلة في وزارة التجارة والصناعة وبنك السودان المركزي المسؤلية في منح سجلات ورخص تجارية لافراد يسعون الى الكسب المادي دون النظر الى مايمكن ان يلحق بالثروة الحيوانية من دمار وخراب .
رواكيب وحظائر
وفي تعليقه على مقطع الفيديو الذي كشف عن حجم الخسائر التي طالت عدد من المصدرين ، اكد ان الذي تم تداوله من خلال مقطع الفيديو لا يعدو عن كونه نصف الحقيقة ، وان الحقيقة الكاملة قد كشف عن دمار ممنهج لصادر الثروة الحيوانية وقال لـ( الجريدة) ان محجر سواكن الذي تتحدث عنه السلطات اتضح انه عبارة عن رواكيب من القش وانها غير قادرة على الصمود في وجه الرياح ناهيك عن حماية ما بداخلها من قطعان لماشية سودانية ما نزال نعول عليها كثيرا لتكون رافدا للإقتصاد السوداني ، وزاد ان مقطع الفيديو يمكن ان يكون بينة وبرهان على تواطؤ السلطات مع من يسعون ويخططون لتدمير الإقتصاد السوداني بشكل ممنهج ،واردف صحيح ان المصدرين هم من يدفعون فاتورة الخسائر الإ ان الدولة هي الاخرى ستدفع الثمن باهظا ان إستمرت في ذات السياسات البائدة .
حقائق صادمة
وكان وزير الثروة الحيوانية عادل فرح قد كشف في وقت سابق عن إرجاع نحو 58 ألف رأس من الماشية، من السعودية ، لأسباب تتعلق بضعف المناعة لديها، واوضح أن السعودية أعادت 15 باخرة محملة بالماشية، وقالت: إن مناعتها أقل من المستوى المطلوب، والذي حددته بـ 30% ،كما اقر مسؤول المحاجر يحي سبيل ، بوجود مشاكل في بعض المحاجر داخل البلاد، بما يحتاج إيجاد معالجات عاجلة لها لتلافي مثل هذه المشاكل مستقبلًا، وأضاف: “صدَّرنا 829 ألف رأس من الماشية، في الفترة بين مارس حتى أغسطس ، لعدد من الدول العربية من بينها السعودية”ومضى يمتلك السودان 107 ملايين رأس من الماشية، بما يجعل البلاد تعتمد عليه كأحد أهم موارد النقد الأجنبي للبلاد بعد الذهب واردف في ظل الظروف السياسية المعقدة التي تعيشها البلاد، عقب الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع، يحاول مصدرو الماشية سد فجوة الإيرادات من النقد الأجنبي عبر تصدير أكبر عدد من الماشية إلى الخارج ولكن المؤسف ان المصدرين ولاسباب تتعلق بمواعين النقل تتعرض ماشيتهم الى الهزال مما يفقدها المناعة المتفق عليها مع السعودية وبقية الدول المستوردة.
إستياء وإمتعاض المصدرين.
وأبدى عدد من المصدرين استياءهم وإمتعاضهم من عملية إرجاع الماشية إلى السودان، لا سيَّما وأنها ليست المرة الأولى، وطالبوا الحكومة ببذل جهدٍ أكبر لضمان عدم تكرار هذه المشكلة، والحفاظ على سمعة الثروة الحيوانية السودانية ،وحسب المصدرين ان عملية إرجاع الماشية وعدم دخولها الى الدول المستوردة ظل يدفع المصدرين فاتورتها من خلال عمليات الحبس التي تتم للماشية داخل الحظائر ومن ثم إعلافها بصورة دائمة حتى تكتسب المناعة اللازمة ، واوضح خالد محمد خير عضو شعبة الصادر بوزارة الثروة الحيوانية إن خسائر المصدرين للماشية بلغت 105 مليار جنيه، لعدد 7 سفن محملة بالماشية تم إرجاعها من الموانئ السعودية وأشار إلى عدم وجود سياسات واضحة ومستقرة فيما يلي الصادر، واصفا ما يدور بأنه فوضى تمارس بواسطة أجهزة الدولة، مبينا أن سياسات بنك السودان المركزي هي السبب الرئيسي في مشاكل صادر الماشية ودلل بذلك بسوء المواعين الناقلة من البواخر غير مستوفية للمواصفات وانها كانت وراء نقصان مناعة القطيع لبطء حركتها وإفتقارها لمعدات اكل وشرب للماشية ، داعيا أجهزة الدولة المعنية بالصادر، والمصدرين، للوقوف على كافة المشاكل التي تواجه الصادر بما فيها اسباب إرجاع بواخر الماشية ومعالجتها لمصلحة الاقتصاد القومي .
عبدالرحمن حنين
صحيفة الجريدة