فشلت مسيرة تفويض الجيش التي دعا لها أنصار النظام المخلوع فشلاً ذريعاً، وقد كشفت مسيرتهم (القاصدة) عن بؤس التفكير وقلة الحيلة، وجيناتهم الشمولية وطبيعتهم الديكتاتورية التي لا تتسق مع الديمقراطية والدولة المدنية وبسط الحريات والقانون والحكم الرشيد، لذلك طبيعي جداً أن ينادون بإسقاط الحكم المدني والعودة إلى أحضان الأنظمة الشمولية العسكرية، فهذه بيئتهم ومناخهم الذي يعشقون، فالإنسان ابن بيئته وأسير عشقه، وكل إناء بما فيه ينضح..
لم استغرب دعوة الفلول الجيش لاستلام السلطة لقناعتي الراسخة أن الديمقراطية هي العدو الأول لهذا التنظيم الشمولي الذي ينشط في أجواء العتمة والظلام، وأن الحريات ليس لها مكاناً فيه اللهم إلا شكلياً، فهم لا يؤمنون بالديمقراطية ولا الحريات ويستعيضون عنها بـ»شورى شكلية « تسند إلى جماعة لها مصالح مرتبطة بالسلطة يسمونهم أهل الحل والعقد، وحتى هؤلاء يزوِّرونهم فلا هم أهلُ حلٍّ ولا عقد مثلما يطلقون على اللص الفاشل لفظ «القوي الأمين».. وحتى الديمقراطية يلجأون إليها للاحتماء بهياكلها فقط دون الأخذ بمضامينها ولا أهدفها ولا الحكمة في تطبيقها، فالشورى عندهم صورية والديمقراطية شكلية، والحكم عضوض شمولي، وقد كشفت سنوات حكمهم العجفاء خلال العقود الثلاثة البائسة الاستبداد بالرأي وانفراد ثُلة قليلة بالحكم والقرارات والسياسات وتعطيل حتى مؤسسات الشورى الصورية فتم عزل وإقصاء «إخوانهم» المخالفين في الرأي .
بمسيرة الخميس البائسة كشف الفلول عن وجههم الحقيقي الذي أخفوه زمناً طويلاً وقد أزاحوا القناع عن عدائهم السافر للدولة المدنية، والثورة وأهدافها وأعطوا مبرراً قوياً للسلطة القائمة بتصنيفهم رسمياً بأنهم أعداء ألداء لثورة الشعب السوداني، وبهذه الخطوة هم يعلنون العداء الصريح للثورة وأهدافها …
الثورة ليست حمدوك وحكومته، كما أنها ليست قوى الحرية والتغيير ولا تجمع المهنيين، قد تطيح الثورة بكل هؤلاء وتستبدلهم اليوم أو غداً وتقطع الطريق أمام المحاصصات ومحاولات الاختطاف والسرقة وكل الممارسات الحزبية الفاسدة، ولكنها لن تطيح بأهدافها العليا ولن تُسقط العشم الذي لامس شغاف القلوب التائقة إلى الحرية والسلام والعدالة، ولن تغفل آلام وآمال المواطن السوداني الذي فجر الثورة بقوة واقتدار..
هذه الثورة هي ثورة كل الشعب السوداني وعلى عاتقه تقع حمايتها من المتآمرين والمتربصين والانتهازيين ولصوص الثورات، ومن الخطأ الشنيع اختزالها في حزب سياسي أو جماعة من الناس أو شخص من الأشخاص مهما كان وضعه، فعلى الشعب ألا ينخدع بدعوات الفلول اليائسة والمستفزة للثورة والثوار، وعلى الجيش أن ينتبه إلى هذا «الاستهبال» والمكر والاستغفال الذي يمارسه المؤتمر الوطني من خلال التهويش والاحتيال وهو يدرك تماماً أن الجيش الآن حاكم ولا يحتاج إلى تفويض من المؤتمر الوطني الذي أفسد الحياة السياسية بممارساته الفاسدة التي طالت كل شيء ولم تستبق شيئاً… اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة