السودان اليوم:
جاءت ثورة ١٩ ديسمبر وهي مدركة لهدفها وطريقها.
وهذا لا يعني أنها لم تتعثر بل المقصود أنها تدرك تماما من الذي يقف بجانبها ويدعم ويبارك غاياتها.
بدأت الثورة بقلع حكم البشير الذي وقف الجميع مستسلمين له منتظرين طيرا أبابيل تقضي عليه.
حتى قوش الذي عرف ببطشه وبكثرة خيوطه الداخلية والخارجية حينما وجد هديرها يتدفق من كل مدن السودان وضع عوده مع عودها لعله من خلالها يظفر بما يريد.
وما علم هذا القوش أن الشعب السوداني كل الشعب السوداني يدرك ويميز تماما بين الجلاد والضحية.
كما ميز هذا الشعب العظيم حتى ممن كان من صنعة النظام البائد فلم يضع حميدتي في سلة واحدة مع مليشيات النظام.
ما الذي حل بهذا الشعب؟
هل نزل عليه الوعي والقدرة على تقسيم المواعين فجأة؟
كلا.
إنه الشعب السوداني من يومه الوعي صفته، وفهم المشاهد السياسية مهارته.
فقط ما تميزت به ثورة ديسمبر عن بقية نضالات هذا الشعب العظيم هو توفر المعلومة، وفي لحظتها، وذلك بسبب تطور الاتصالات، ووسائل التواصل الاجتماعي.
فهي التي أذكت لهيب الثورة، واستمرت تدعم الثورة وتنورها وتبصرها بمن يريد نجاحها، وتكملة مشوارها ومن يريد وأدها والقضاء عليها.
حنى ممن كان معها وحاد عن الطريق عرته وكشفت تغيره وانقلابه على الثورة.
ومن بوست واحد تكتشف من الذي قبض الثمن ومن الذي أغري وحاد عن مسيرتها.
وقد أدرك أعداؤها أن ميزة هذا العصر، وهو تطور الاتصالات قد أفاد الثورة كثيرا ومنع عنها كل تشويش وتضليل يراد بها.
وما قطع شبكة الاتصالات ليلة عيد الفطر المشؤومة منكم ببعيدة يظنون بهذا القطع أنهم يستطيعون أن يمارسوا وحشيتهم وشيطنتهم بكل سهولة، ودون أن يعرف مجزرتهم أحد.
من كان يصدق ويخطر على بال أحد أن يرمى ببشر في النهر وهم مربوطون بالحجارة؟
من كان يظن أن تمارس كل أنواع الجريمة على هذا الشعب الأعزل البسيط الذي لم يطلب من الجاني سوى رحيله؟
لولا أن الصورة صادقة ولا تكذب لما صدق أحد هذه الجرايم التي ارتكبت وهذه الأرواح التي أزهقت.
لم يكن أثر وسائل التواصل الاجتماعي على الثورة وحدها، ولم تكن مساندة ومقوية لهذا الشعب المعلم فقط.
وإنما أيضا كشفت ضحالة وغباء وسذاجة ممن كانوا يحكمون هذا الشعب.
يعتمدون على التضليل وعلى بث الشائعات واختلاق القصص والتمثيليات يخدعونه بها، فجاءت الميديا وكشفت خورهم وعرف الجميع الصغار قبل الكبار أن هؤلاء ليس لديهم أي رؤية، وأي قيمة في حكمهم للبشر سوى الخديعة المدعومة بالكذب والغش والمرواغة.
وعرف الجميع أن (كيسهم فاضي) مجرد فقاعات في الهواء أول ما تسقط واحدة يدعمونها بأخرى.
ولأنهم لا يملكون سوى تزييف الحقايق فما زالوا على ذات طريقهم رغم انكشافه ووضوحه.
ينشرون الدعاية ويختلقون الكذب، فتأتي الحقيقة كالبرق تدحض ما يروجون وما يبثون من سموم.
فهم لا يهمهم شعب ولا وطن همهم أنفسهم.
فمن أساء إلى الدين فهل يقدر غيره ؟؟؟
فالشعب لم يتغير، ولم تحل عليه صفات جديدة فهو نفسه الذي ثار على الدكتاتورية في أكتوبر، وفي أبريل، وهو نفسه الذي كانت تتقدم نساؤه في الحرب قبل رجاله.
الجديد فقط هذه السوشيل ميديا التي كشفت الأقنعة، وعرت الجميع فوضح بها الغث من السمين والزيف من الحقيقة.
عرف خطورتها ذلك الطاغية حينما حجبها وقطعها عن الثوار .
وعرفها الثوار وأدركوا خطرها حيث كانت سلاح السلمية مع الأربعة صفقات.
حقيقة يمهل ولا يهمل.
The post الشعب لم يتغير.. بقلم محجوب مدني appeared first on السودان اليوم.