غير مصنف 2

الأحزاب السودانية وتبادل الفشل.. بقلم محجوب مدني

السودان اليوم:
من يريد أن يغير ويحدث نقلة في مسيرة السياسة السودانية، فعليه أن يقدم نصيحته ووعظه للشعب السوداني من الموقع الذي يشغله.
فإن كان مسؤولاً فليعترف بالأخطاء ويصححها، ويستجيب لكل نقد بناء.
وإن كان مسؤولاً سابقا فليطرح تجربته بكل تجرد بسلبياتها كلها حتى يستفاد منها.
لا أحد يجبر على أن يقوم بعمل يعجز عن القيام به.
ولا أحد يجبر أن يبتكر حلولاً لمعضلات السياسة السودانية.
فنقل التجربة فقط كما هي بلا تجميل، وبلا تزوير قد يساهم بصورة واضحة وجلية في تصحيح مسيرة السياسة السودانية.
أما أحزابنا فقد تواطأت على العكس، فهي عندما تكون في السلطة تلبس ثوباً ملائكياً، فتجعل كل أعمالها صحيحة، وكل مشاريعها ناجحة، وكل وزرائها نبلاء، وعلى قمة عالية من الكفاءة.
وحينما تكون في المعارضة لا تشرح حتى الأسباب التي جعلتها تنتقل من خانة الحكم إلى خانة المعارضة.
لأنها مشغولة بلبس الثوب الآخر المختلف، إذ تبدأ هجومها على من يحل مكانها، فتلبس ثوب الوعظ والإرشاد، وتبدأ تشرح في مواضع الخلل، والضعف، وكيفية علاجها.
وتعطي نفسها كل الجرأة، والثقة، وكأنها لم تكن تحكم بالأمس، فهذه المعضلات التي تنظر فيها الآن وتقدم لها الحلول كانت ماثلة أمامها.
فهي ترى واجبها الآن أن تبصر الناس وتوعيها، فكيف لا تفعل ذلك وهي (أبو العريف)، وجربت الحكم، أما هذه الذي تحكم بعدها فهي فاشلة بكل المقاييس.
ونظرتها لها تتلخص في أن كل خطوة تقدم عليها في الحكم حتى دون أن تكلف نفسه لمجرد التعرف عليها، فهي فاشلة ووزراؤها أردى خلق الله.
أما عبارات التعظيم، والتبجيل. والشكر، والإشادة، والأعذار بمختلف أشكالها وألوانها فقد اختفت تماما مع اختفاء حكمها؛ لتحل محلها عبارات التخوين، والظلم، والفشل، وعدم القدرة على إدارة الحكم.
بالرغم من أن التغيير لا يتم إلا من موضع المسؤولية.
فأحزابنا أحزاب الهنا تتكلم عن الفساد، والعدل، والأمن، وعن الوزراء، والحكومة، كما تشاء عندما تكون خارج الحكومة فقط.
أما إذا كانت هي المسؤولة فلسان حالها يقول ليس بالإمكان أحسن مما هو عليه الآن.
وكل من يقدم لها نقدا، واعتراضا فهو عميل وخائن وشاق للصف.
وهكذا ظللنا نتبادل هذا الفشل منذ الاستقلال.
معادلة ثابتة تحفظها أحزابنا عن ظهر قلب.
وأصبحت قاعدة لهم:
( انا ناجح لأني حاكم، وأنت فاشل لأنك حاكم.)
وبعد كل هذا نسأل أنفسنا:
لماذا تأخرنا؟
ولماذا تخلفنا؟
وما زالت اللعبة مستمرة.
فهذه السياسة الكيدية غرضها كله يصب في استعداء الآخر لشغل مكانه.
إلا أن الأسوأ من ذلك هو أن هذه السياسة فارغة بلا معنى، فهي تغرد خارج السرب، فصوتها كله لا يعدو أن يكون استعداء، ولا يمكن تمييز صوابها من خطئها، وصدقهامن كذبها .
التصحيح الفعال هو الذي يكون من موقع المسؤولية وإن شابه شيء من الإخفاق.

The post الأحزاب السودانية وتبادل الفشل.. بقلم محجوب مدني appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button