غير مصنف --

الطيب مصطفى يكتب: بين بيان المؤتمر السوداني واستهبال وبلطجة الحزب الشيوعي

لم أُدهش البتة لآخر بيانات الحزب الشيوعي حين نعى حكومته، متبرئاً منها ومتهماً إياها بالفشل في محاولة يائسة للقفز من قاربها الموشك على الغرق!
لن اكترث كثيراً للتراجع التكتيكي عن ذلك البيان فقد فهمنا ما تمور به اجهزة الحزب الشيوعي من خلافات عاصفة بعد ان شعروا بالخطر الذي يكاد يفتك بسلطتهم المغتصبة.
ذلك عين ما ظللنا نكتب عنه وننبه الغافلين اليه حتى يفيقوا من سكرتهم ويعودوا الى رشدهم، وهو ذات ما التفت اليه حزب المؤتمر السوداني الذي اود أن استعرض في هذا المقال موقفه الاخير من سلوك الحزب الشيوعي.
فقد انتقد اسلوب الخداع والبلطجة والاستهبال الذي ظل الحزب الشيوعي ينتهجه، حيث درج على لعب دور الحكومة والمعارضة في ذات الوقت ليخادع الجماهير ويقطف ثمار الموقفين، فقد ظللنا على الدوام ننتقد ذلك السلوك اللا اخلاقي مذكرين دوماً بالانتهازية التي وسمت سلوك الشيوعي منذ ان زُرع في جسد السودان فاحدث من العلل والامراض في مفاصل السياسة السودانية ما اقعدها عن تحقيق مطلوبات الاستقرار والنهوض والحكم الراشد.
ظل ذلك الحزب الشيطاني الحقود مستمسكاً بالنظرية الماركسية الميكافيلية التي اضطرت العالم اجمع، خاصة في بلاد المنشأ، الى ركلها بالاقدام والقذف بها في مزبلة التاريخ.
كان موقف المؤتمر السوداني تجاه ممارسات الحزب الشيوعي اخلاقياً وشجاعاً ينبغي ان تحذو حذوه كل مكونات قحط التي يتعين عليها أن تتخذ في مواجهته من القرارات ما يجعله أمام خيارين : إما التخلي عن تلك الازدواجية والبلطجة التي عوقت مسيرة البلاد وتوشك ان تغرقها في الاحتراب وتهوي بها الى القاع وتمزقها إرباً، او مغادرة قحط كما غادرتها، بقرار من الحزب الشيوعي، بعض واجهاته السياسية مثل تجمع المهنيين.
اعجبني في موقف المؤتمر السوداني انتقاده لقيام الحزب الشيوعي عبر فصيل تجمع المهنيين التابع له بقيادة حملة ما سماه بـ(التصعيد الثوري) ضد الحكومة التي يعتبر اكبر المشاركين فيها بالرغم من ان الشيوعي حسبما اورده المؤتمر السوداني في بيانه :(شريك اصيل في الحكومة تنتشر كوادره في مختلف هياكلها ويتحمل اي قصور يحدث في ادائها ولا يستقيم ان يتنصل عن عمل يده تملقاً للحركة الجماهيرية) ووصف المؤتمر السوداني ذلك السلوك الانتهازي البغيض بـ(التخلي عن المسؤولية وعدم المصداقية مع الشعب السوداني) ثم مضى الى القول (إن الموقف المسؤول يتطلب ان تحدد اي قوى سياسية موقفها بوضوح، إما في صف الحكومة وتحمّل نجاحها وفشلها او في صف المعارضة، مما يستوجب الوجود خارج هياكل الحكم والتحالف السياسي الحاكم).
ليت المؤتمر السوداني يكون اكثر ايجابية باتخاذ قرارات حاسمة تنهي هذا الزواج الفاشل بين شريكين متشاكسين بدلاً من الاكتفاء بالنقد الذي ظل يوجهه للشيوعي من حين لاخر.
كذلك فقد كان موقف المؤتمر السوداني نبيلاً وشجاعاً وهو ينتقد استخدام المتاريس التي قال انها لعبت دوراً مهماً في اشتعال الثورة، اما الان فلا داعي لها بعد انتفاء مبرر استخدامها سيما وانها ادت الى مواجهات مع المواطنين في بعض المناطق بعد ان ضاقوا بها ذرعاً.
لقد ظللنا ننتقد صمت حزب المؤتمر السوداني الشريك في الحكومة باعتباره من اهم حاضناتها، ازاء كثير من الممارسات الظالمة والخاطئة التي ارتكبها الشيوعي سواء من حيث التشريعات الخرقاء او الاداء التنفيذي لحكومة القحط الجاثمة على صدر البلاد والعباد، واجدني اليوم، احقاقاً للحق وشهادة لله، معجباً ومشيداً بموقف المؤتمر السوداني المستهجن لممارسات الحزب الشيوعي طالباً من قيادته ان تتبع القول بالعمل سيما وان عدداً من المكونات الاخرى كحزب الامة القومي ظلت تتبرم من الممارسات الانانية والانتهازية المتواصلة للحزب الشيوعي الذي نرى ان عدم التصدي له – بالفعل وليس القول – يشكل خطراً على مستقبل البلاد وامنها واستقرارها وانتقالها نحو المسار الديمقراطي الذي نسعى الى بلوغه باسرع ما تيسر .
عجبت ان يصدر الحزب الشيوعي بالخرطوم بياناً يهاجم فيه المؤتمر السوداني متهماً اياه بمهادنة النظام السابق ومواددته بدون ان يسأل نفسه لماذا وضعتم يدكم في يده وتحالفتم معه وكونتم قحت؟! اليس هو ذات التكتيك المرحلي المخادع الذي خربتم به العمل السياسي وعوقتم به مسيرة السودان السياسية واحدثتم من الاضطراب والفوضى وعدم الاستقرار ما لا نزال نتلظى تحت هجيره وسعيره؟!
ذات السؤال يطرح حول موقف الشيوعي من حزب الامة الذي جرى الشيوعي خلفه حتى حفيت قدماه ، ثم امتطى ظهره الى ان مكنه من السلطة ، ثم ما ان بلغ مبتغاه حتى قلب له ظهر المجن واخذ يشتمه ويسيء اليه والى زعيمه الإمام عبر بذاءات صبيته واطفاله في الاسافير!
انه الحزب الشيوعي يا من ظللتم تلدغون من ذات جحره السام، لم تثنكم دماء الالاف من مؤيديكم الانصار في الجزيرة ابا وود نوباوي الذين حصدتهم اسلحة الحزب الشيوعي، ولم تعلمكم عشرات التجارب مع حزب يعتبر الاخلاق ترفاً برجوازياً احمق! لا خيار امام كل من تحالف مع الشيوعي غير التكفير عن خطيئته بالتوبة وبالعمل الجاد لكنسه من خارطة السودان السياسية.

صحيفة الانتباهة

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى