عشاق المسلسلات دائما ما يأخذونها على محمل الجد ..تجد احدهم لا يتورع عن الغاء موعد يتعارض مع موعد عرض مسلسله المفضل ..كان ذلك في زمن يأتي المسلسل فيه مرة في الاسبوع ..ولا تعاد الحلقات ..الا الحلقة الاخيرة ..والتي فيها تحسم كل القضايا ..وتعود الطيور الى وكناتها ويتم القصاص من القاتل ..ويسود السلام العالم ..ويعيش الابطال في تبات ونبات ولو كان بيتهم قريب كنا جبنا ليكم صحن زبيب ..
من المسلسلات تعلمنا اهم درس ..ان كل شئ الى نهاية ..ليس هناك معضلة بدون حل ..ولا غموض يسود الى الابد ..حتما سيأتي يوم تنجلي فيه كل الحقائق ..وتظهر الشمس بعد طول احتجاب .لكل مسلسل حلقة اولى وحلقة أخيرة ..الا مسلسل (من الجاني ) الذي يتم بثه منذ الازل في احب مكان بلدي السودان.
كل يوم يتناول الاعلام الرسمي ..قصة من شاكلة القبض على عصابة تقوم بعمل تخريبي ..من شاكلة تهريب سلع تموينية ..او سلع استراتيجية ..العثور على شاحنات مهربة تحمل مواد بترولية ..ولا ننسى شاحنات المخدرات ..والخمور ..وآخرها العصابة التي تم القبض عليها في كسلا وفي حوزتهم مبالغ طائلة من العملة السودانية المزورة ..وعملات اجنبية اخرى ..طيب وبعدين ؟ الحلقة التانية من هذا المسلسل .بتجي متين ؟ متى يتم بث الحلقة الأخيرة من مسلسل من الجاني ؟
الطريف في الامر ..ان هناك حرص وتكتم شديد على اسماء المهربين والمخربين ؟ لا يتم البوح باسمائهم ويشار اليهم اما باطلاق لفظ العصابة ..او الاحرف الاولى من الاسم ..تحت شعار (ما يقدر ابوح انا ما قادر اصرح ) ..وقد نما الى علمي ان هناك ثغرات في القانون تسمح للمهرب بالخروج بالضمان الشخصي الى حين موعد المحاكمة ..ايه الجمال دا؟ في احلى من كدا ؟ القانون الذين يقضي بسجن سارق الدجاجة شهرين ..يسمح لذلك الذي يقوم بتهريب الجازولين بالخروج ومعاو (كيكة) ..
عندما شاهدت صور العملات المحجوزة ..ورأيت شخصيات رسمية تهلل لهذا الانجاز ..قلت في نفسي (لي متين لي متين ؟) ..إلي متي سنظل نشاهد الحلقة الأولى والثانية على الاكثر ومن ثم يتم قطع البث ..ليبدأ مسلسل جديد ..القبض على عصابة والصور والتهليل ..ووو ..وقد حاولت استرجاع عدد المسلسلات التي اود معرفة نهايتها ..لم استطع احصائها ..من زمن شجرة الصندل التي اختفت من المتحف ..مرورا بالحرائق التي شبت في مخازن القطن ..وتلك التي شبت في ملفات البنك ..عدا شاحنات المخدرات ..وتناكر التهريب …و(عيييك )..اعتقد ان بعضها قد سقط بالتقادم لطول المدة …وعدم وجود مساحة في الذاكرة .
طرفة نحكيها في الختام ..قيل ان هناك رجلا خليجيا على فراش الموت ..بعد ان اوصى اولاده بتوزيع الاملاك والاموال ..نادى احدهم وهمس له بشئ ما ..بعد موته سال بقية الابناء اخاهم عما قاله الراحل قبل الموت ..ضحك الاخ وقال لهم (يبغي يعرف نهاية المسلسل المكسيكي )..رحمه الله ..ونحن كمان قبل نهاية حياتنا بعد عمر طويل ان شاء الله نبغي نعرف نهاية مسلسل (من الجاني السوداني).
صحيفة الجريدة