حزنت وصدمت عندما شاهدت صورة تلك المرأة التي وقفت في وسط أحد شوارع الاسفلت بالخرطوم وبجانبها جركانة عرقي.
لم تكتف تلك المرأة بذلك إنما تفوهت ، وهي تمسك بالشيشة ، بعبارات وأتت بحركات مستفزة ومتحدية!
بعدها بأيام قليلة ظهرت صور مصانع الخمور البلدية في بعض المواقع في أطراف العاصمة!
لا غرو أن يحدث ذلك فقد نص تعديل القانون الجنائي الذي أباح الخمر لغير المسلمين ، نص على حقهم في تصنيعها ، بما يعني السماح بعودة مصنع البيرة التي كان يروج لها في تلفزيون السودان في سبعينيات القرن الماضي (البيرة أبوجمل) وكذلك بقية الخمور ، لكن الأخطر من حيث سهولة الإنتشار والتوزيع هي الخمور البلدية (العرقي والمريسة).
معلوم أن حكومة قحت أعلنت إلتزامها بأتفاقية الحريات الأربع التي تمنح الجنوبيين حرية الإقامة والعمل والتملك والتنقل.
هل فهمتم أيها الناس الآن لماذا خرجت تلك المرأة الجنوبية متحدية ورافعة أصبعها الأوسط بصورة بذيئة وكأنها تشير إلى قوات الشرطة التي كانت قبل حكومة قحت الشيوعية المحبة لثقافة المريسة أو كما قال وزير العدل الفرح بقانون إباحة الخمور والدعارة ، كانت الشرطة تقيم من حين لآخر كشات في أطراف العاصمة وفي كل محليات ولاية الخرطوم حيث معسكرات الجنوبيين وتقبض خلالها آلاف (كرستالات) العرقي والمريسة وعشرات البراميل المعباة بتلك الخمور!
أما الآن في زمن (الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا) وفي زمن تناول الكبار لتلك المنكرات فحدث ولا حرج!
أيها النائب (العام) أنت لست نائباً (خاصاً)
عجبت أن يقف النائب (العام) أمام مقبرة (محتملة) لضباط انقلاب 28 رمضان 1990م الذين صدرت في حقهم أحكام قضائية عسكرية ، كما عجبت أن يشرع في التحقيق حول قتلهم بعد أن ألقي القبض على ما يقرب من مئة (متهم)!
لكن النائب العام الذي يفترض أنه (عام) ويقف على مسافة واحدة من جميع مواطني السودان وقواه السياسية والمجتمعية ، يأبى إلا أن يكون (خاصاً) ومنحازاً لفئة دون أخرى من مكونات الشعب السوداني ، بل إن ذات النائب العام الذي غادر مكتبه وزار مقابر الضباط البعثيين الذين حاولوا القيام بإنقلاب رمضان هو ذات الرجل الذي قدم عريضة لمحاكمة إنقلاب الثلاثين من يونيو 1989م.
وبالرغم من ذلك وافق على أن يعين نائباً عاماً ليقوم بدور (الخصم والحكم) في تناقض غريب مع مطلوبات منصبه العدلي الخطير!
أود أن اسأل : هل وقف النائب العام أمام قبور شهداء ودنوباوي والجزيرة أبا الذين حصدهم رصاص الحزب الشيوعي عام 1970م ، بل هل زار ضباط وجنود بيت الضيافة الذين فتك بهم الإنقلاب الشيوعي الذي قاده الرائد هاشم العطا في ذلك العام المشؤوم ؟!
ليت النائب العام ينهض بأعباء منصبه متكئاً على مبادئ الحكم الراشد ودولة القانون التي لا تطفف في المكيال والميزان.
لم أتعرض في هذه العجالة لمختلف جوانب الظلم و(الخرمجة) السائدة في أداء النيابة العامة ، ولذلك أقولها مجدداً إن عجلة التاريخ لا تزال تنبض بالحياة ، وإن هذا المنصب لو دام لغيرك لما وصل أليك ، وأن ما يجري في هذه الدنيا مرصود من رب لا يزول ملكه .. رب توعد المطففين بعذاب أليم ، فهلا راجع نفسه قبل يوم الحساب؟!
حتى لا ننسى
قال عبدالخالق محجوب ، السكرتير العام للحزب الشيوعي بتاريخ 17أبريل 1970م متحدثاً عن عملية الإبادة الجماعية التي أرتكبوها في حق الأنصار في الجزيرة أبا وودنوباوي والتي استشهد فيها آلاف الأنصار ، قال ما يلي:
(إن تصاعد الصراع الطبقي والسياسي في بلادنا والذي أتخذ الجزيرة أبا وودنوباوي مسرحاً له ليس أمراً عابراً ، استطعنا توجيه ضربة قاصمة لتنظيم حزب الأمة الرجعي .هذه الضربة أنزلت بالقوى الطائفية هزيمة واضحة ومهدت الطريق لمرحلة الثورة الوطنية الديموقراطية).
*هل تصدقون إن هؤلاء الوحوش يمكن أن يذرفوا دمعة واحدة على شهداء ميدان الاعتصام أم أنها المتاجرة بدمائهم لتحقيق أجندة حزبهم السياسية الشريرة ، فضلاً عن أنها تقدم أنموذجاً للاستهبال والخداع الذي تنبني عليه نظريتهم الميكافيلية الرجعية؟!
صحيفة الانتباهة