مساء الأربعاء الماضي، وفجر الخميس، بدأت وسائل الإعلام العالمية، نشر أنباء عن إجازة مجلس الأمن الدولي لقرارين، الأول بإنشاء بعثة سياسية جديدة، في السودان، لدعم الفترة الانتقالية في البلاد، والثاني خاص بتمديد نشر قوات بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي “يوناميد” حتى نهاية العام الجاري،على الأقل.
حدثت مغالطات على مستوى وسائط التواصل الاجتماعي عن صحة تلك الأنباء، وتفرقت التقديرات ما بين وجود قرار نهائي صدر من مجلس الأمن وتمت إجازته بالإجماع، وأصبح ساري المفعول، ويلزم الأمين العام للمنظمة الدولية بتسمية رئيس للبعثة الجديدة، وبين من يرى أن الأمر كله مشروع قرار ما زال في طور النقاش بين أعضاء مجلس الأمن .
المؤكد عندي أن وزارة الخارجية ، استلمت منذ الخميس نسخة من القرار، وقد حاول كثير من الصحفيين الحصول على ردها على القرارات، لكنها وعدت بإصدار بيان يوم الخميس نفسه، وتحججت بوجود مشاورات داخل الوزارة، وأخرى في الحكومة ، وثالثة مع مجلس السيادة ، لكن حتى كتابة هذه السطور اليوم السبت، لم تتكرم وزارة أسماء محمد عبد الله عمر قمر الدين، من إصدار أي موقف أو توضيح أو مبررات التأخير.
كذلك لم يصدر موقف من مجلس الوزراء ولا مجلس السيادة ولا قوى إعلان الحرية والتغيير وهو أمر مثير للاستغراب ، إذ لم يتصور أحد استمرار نهج “الغتغتة والدسديس” بعد الثورة مهما كانت المسببات والدوافع، وربما اعتقدنا خطأ نهاية ذلك النهج ، فالتعامل مع ملفات حساسة ، أشبه إلى حد ما ،بما كان عليه في العهد السابق، رغم التصريحات الوردية التي تصدر من الحكومة .
نعم يدرك الجميع وجود تباين وسط هياكل السلطة الانتقالية حول البعثة الجديدة والتمديد ليوناميد، وهو أمر طبيعي في ظل الشراكة المعطوبة بين المكون العسكري والمكون المدني ،وفي ظل اختلاف العقليات.. العقلية الأمنية للمكون العسكري، والسياسية لدى المدنيين، وهو أيضاً أمر طبيعي ،لكن هذا ليس مدعاة للصمت المستمر ، وتجاوز قضية تناولتها كل وسائل الإعلام العالمية، وهي محط اهتمام مجالس السياسة منذ أن بعث رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك، بخطابه للأمم المتحدة.
على الجميع التوضيح اليوم قبل الغد للرأي العام حقيقة موقف كل طرف ودفوعاته ليكون الشعب على بينة واضحة للحكم ، وسيكون ذلك من عافية الممارسة السياسية التي يتوق لها الجميع في عهد ما بعد الثورة ، وفي الديمقراطية المنشودة ، لا يكون الخلاف عيباً أو مذمة، بل إنه مطلوب في كثير من الأحايين وبإلحاح ، ذلك لأنه يساعد الجميع للوصول للقرار الأصح ، وليس الصحيح ، وعلى العكس من ذلك تماماً لن تقودنا حالة الصمت واللاشفافية، إلا لتكرار أسوأ التجارب في التاريخ .. تجربة الإنقاذ..
صحيفة السوداني