في خطوة غير متوقعة، أفادت مصادر مصرفية مطلعة بأن بنك السودان المركزي أصدر توجيهًا رسميًا يغيّر قواعد التعامل مع الحسابات المصرفية الخاصة بـ”اتحاد عام نقابات عمال السودان”، مانحًا الأخير كامل الصلاحيات المالية في السحب والتوريد دون الحاجة لموافقات مسبقة كانت مفروضة منذ العام الماضي.
ووفق معلومات حصل عليها ” الراي السوداني ” ، فإن التعميم الجديد من بنك السودان المركزي ألغي فعليًا القيود الإجرائية التي كانت تفرض إشرافًا مباشرًا من مسجل عام تنظيمات العمل على عمليات السحب من الحسابات المصرفية الخاصة بالاتحاد، وهو ما كان يعتبره مراقبون عائقًا أمام مرونة الأداء المالي للنقابات المهنية.
القرار، الذي عمّمه المركزي السوداني على كافة المصارف التجارية، جاء استنادًا إلى خطاب رسمي صادر من مسجل عام تنظيمات العمل رقم (ع/م ت ع أ ق/2025/1435م)، والذي تضمّن تعديلات هيكلية في العلاقة التنظيمية بين الاتحاد والمسجل.
وبحسب نص التعميم، تم توجيه المصارف إلى:
- السماح الكامل للتوريد والسحب من حسابات اتحاد العمال على مختلف المستويات دون الرجوع لأي جهة أخرى.
- حظر تعديل المفوضين بإدارة الحسابات البنكية إلا بموافقة مكتوبة من مسجل عام تنظيمات العمل.
- التنفيذ الفوري لهذه التوجيهات، على أن يتم إخطار البنك المركزي بنتائج التطبيق خلال يومي عمل فقط.
مراقبون اقتصاديون أشاروا إلى أن هذه الخطوة من المركزي تعكس تحوّلًا في سياسة الدولة تجاه النقابات المهنية، وتوجّهًا لتقليل القيود البيروقراطية التي كانت تحدّ من استقلالها المالي والإداري، لا سيما في ظل التوترات السياسية والضغوط الاقتصادية الراهنة.
كما اعتبروا أن القرار يحمل أبعادًا استراتيجية على النظام المصرفي، إذ يسهم في تنشيط السيولة المالية للنقابات، ويخفف الضغط التشغيلي على البنوك التي كانت تواجه تعقيدات تتعلق بالحصول على موافقات رسمية قبل تنفيذ عمليات السحب.
وفي سياق آخر، رجّحت مصادر قانونية أن الإبقاء على شرط موافقة المسجل لتغيير المفوضين، يهدف لضمان الرقابة القانونية وتنظيم العلاقة بين النقابات والأجهزة الحكومية دون المساس باستقلالية القرار المالي اليومي.
تجدر الإشارة إلى أن التعميم السابق، الصادر بتاريخ 13 أغسطس 2024، كان قد سمح بإجراء التوريد فقط دون السحب، ما تسبب في تجميد أجزاء كبيرة من موارد النقابات في الحسابات المصرفية، وفقًا لخبراء في العمل النقابي.
هذا التعديل يأتي في وقت حساس، يعاني فيه القطاع العمالي من تحديات جسيمة تتعلق بالتمويل والتشغيل، ما يجعل من هذه القرارات الجديدة عاملًا حاسمًا في تحريك عجلة العمل النقابي في السودان خلال المرحلة المقبلة.
