
تحولت حملة إنسانية لمكافحة الملاريا في شرق دارفور إلى فرصة تجارية غير مشروعة، بعد أن كشفت معلومات حصل عليها موقع ” الراي السوداني ” عن تسرب عشرات الآلاف من الناموسيات المشبعة، التي وزعتها منظمة “يونيسف” مجانًا للفئات الهشة، إلى الأسواق المحلية، بل وتهريبها إلى دول مجاورة، في واحدة من أكثر الحالات المثيرة للقلق في ملف الإغاثة الصحية بالمنطقة.
وأفادت مصادر ميدانية أن كميات ضخمة من الناموسيات المخصصة لتسع محليات بالولاية، تم تداولها بشكل علني في أسواق مدينة الضعين، حيث يجري بيعها بأسعار متدنية، وصلت إلى 3 آلاف جنيه للناموسية الواحدة، بعد أن كانت تُباع سابقًا بنحو 25 ألف جنيه. وأظهرت مقاطع مصورة، جرى تداولها على نطاق ضيق، تكدس الناموسيات في محلات تجارية معروفة، في مخالفة صريحة لأهداف الحملة الصحية.
وأكد تجار في سوق الضعين، في تصريحات خاصة، أن بعض الكميات تم شراؤها من أطراف المدينة ونُقلت إلى السوق الرئيسي لبيعها بالجملة، فيما تحدث آخرون عن تسرب جزء منها إلى أسواق خارج السودان، دون أن توضح الجهات الرسمية أو منظمة “يونيسف” كيف حدث ذلك.
وتثير هذه التطورات تساؤلات حادة حول آليات الرقابة والتوزيع، خصوصًا أن “يونيسف” أعلنت رسميًا في 10 يوليو الماضي أنها سلّمت 297 ألف ناموسية إلى مدينة الضعين، بهدف حماية ما يزيد عن نصف مليون شخص من خطر الملاريا، خصوصًا النساء والأطفال.
في المقابل، كشف مواطنون عن اختلالات واضحة في عمليات التوزيع، إذ أوضحت سعدية خميس، من سكان شمال السكة، أن أسرتها المكونة من 13 فردًا تسلمت فقط ناموسيتين، بينما قال سكان من محليتي ياسين وشعيرية إن بعض الأسر حصلت على ناموسية واحدة، بغض النظر عن عدد أفرادها، وهو ما وصفوه بـ”الظلم الممنهج”.
كما أشار تجار محليون إلى أن بعض المستفيدين قاموا ببيع الناموسيات بعد استلامها، مستغلين ضعف الرقابة الميدانية، بينما عمد آخرون إلى تخزينها بانتظار مواسم الذروة لإعادة بيعها بأسعار مرتفعة، في ظل حقيقة أن مثل هذه الحملات لا تتكرر إلا مرة كل ثلاث سنوات.
وتواجه الجهات المعنية، سواء في المنظمات أو السلطات المحلية، ضغوطًا متزايدة للكشف عن تفاصيل تسرب الناموسيات ، وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها في منطقة تعاني من أعلى معدلات الإصابة بالملاريا في البلاد.









