مع دخول الحرب في السودان شهرها التاسع وسيطرة قوات الدعم السريع على معظم مناطق ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني، تشهد الأوضاع على الأرض تغيرات متسارعة وسط ضبابية وتباين في المواقف حول المخرج من هذه الأزمة المستفحلة، التي أدت إلى مقتل 12 ألف شخص وتشريد نحو 8 ملايين حتى الآن.
ووسط غياب تام لأي معلومات أو بيانات من قبل الجيش، الذي تتواجد قياداته العليا في مدينة بورتسودان على بعد ألف كيلومتر من الخرطوم، أكدت قوات الدعم السريع سيطرتها على كافة المدن الرئيسية في الطريق الرابط بين العاصمة وحتى نهاية ولاية الجزيرة وعمق ولاية سنار جنوبا، على بعد أكثر من 300 كيلومترا.
ونشرت منصات تابعة لقوات الدعم السريع مقاطع فيديو لقواتها وهي تقيم نقاط ارتكاز في مدن الكاملين والحصاحيصا، ومناطق أخرى على الطريق الواقع غرب النيل الأزرق، إضافة إلى نقاط سيطرة أخرى في مدن الهلالية والجنيد ورفاعة وتمبول والمناطق الممتدة حتى مدينة ود مدني من الجهة الشرقية للنيل الأزرق.
كما نشرت مقاطع أخرى تظهر وجود كبير لقواتها داخل مدن استراتيجية في منطقة النيل الأبيض المجاورة لدولة جنوب السودان.
وتسيطر قوات الدعم السريع بالفعل على أكثر من 80 بالمئة من مدن ومناطق إقليمي كردفان ودارفور، وسط تضارب في الأنباء حول الموقف في مدينة الفاشر المحاصرة، كبرى مدن إقليم دارفور.
واعتبر مراقبون أن السيطرة على مدينة ود مدني كانت بداية لتحول درامي في سير العمليات الحالية.
ويرى الصحفي السوداني عبد الله إسحق لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “السيطرة على ود مدني تجعل كل الاحتمالات واردة، نظرا للموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تتميز به”.
ومع تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية والأمنية في البلاد، تتزايد الدعوات لتسريع الحلول اللازمة للأزمة.
وقالت منظمة التنمية في إفريقيا “إيغاد” التي وضعت خارطة طريق في قمة عقدتها مطلع ديسمبر الجاري وتضمنت 6 نقاط للحل، إنها شكلت الثلاثاء لجنة اتصال لتسريع مخرجات القمة التي وجدت قبولا دوليا واسعا وحصلت على تعهد من قائدي الجيش والدعم السريع بلقاء مباشر بينهما، من أجل العودة لطاولة التفاوض من خلال منبر جدة الذي تقوده السعودية والولايات المتحدة.
لكن الصحفي السوداني الجميل الفاضل قال لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “أي جهود لوقف هذه الحرب تبذل من أي جهة كانت، سترتطم بحقيقة سيطرة وتحكم تنظيم الإخوان على مراكز القرار في الدولة”.
وأوضح الفاضل: “هذه الحرب تهيمن وتتحكم في مساراتها وتمسك بكافة خيوطها جماعة الإخوان، وهي تخوضها بحسبان أنها معركة وجودية، وبالتالي فإن مثل هذه الجهود مهما تعاظمت لن تعدو أن تكون حرثا في البحر”.
وعلى الجانب الآخر، تؤكد الكاتبة صباح الحسن على أهمية ما يمكن أن تلعبه الجهود الدولية والإقليمية في حل الأزمة.
وتقول لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تمتلك إيغاد تجربة تاريخية في حل النزاعات في الدول الإفريقية وكانت لها إسهامات واضحة في التسويات السلمية للنزاعات بين الدول عن طريق الحوار وحماية السكان، وفقا لأحكام الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان”.
وترى الحسن أن “الحل السياسي عبر الإيغاد لا يزال ممكنا”، إذ تشير إلى أن بيان المنظمة في قمة جيبوتي الأخيرة وجد ترحيبا دوليا، واعتبرته الأمم المتحدة خطوة محفزة للحل.