عام أكاديمي جديد يوشك أن يضيع على الطلاب والباحثين السودانيين، وذلك مع اقتراب الأزمة من إكمال شهرها السابع، دون وجود أي بارقة أمل حقيقية، في إمكانية التوصل إلى نهاية قريبة للقتال.
فاندلاع المعارك في منتصف أبريل الماضي قاد إلى أن ينتهي العام الدراسي مبكراً، بالنسبة للكثيرين ممن اضطروا للنزوح من ديارهم أو لمن أُغلقت مدارسهم وجامعاتهم ومعاهدهم التعليمية، سواء بسبب العنف، أو لأنه تم تحويلها إلى مراكز إيواء مؤقتة، للفارين من ويلات القتال.
أما العام الدراسي الجديد، فيبدو أنه لن يبدأ سوى في الولايات التي وُصِفَت بالآمنة، في حين لن تتاح هذه الفرصة للطلاب في المناطق المضطربة، وذلك في وقت يحذر فيه خبراء أكاديميون من تصاعد الخسائر التي يلحقها الاقتتال الحالي بوضع البحث العلمي ومستقبل التعليم في السودان.
فبحسب هؤلاء الخبراء، أفضت المعارك بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى تدمير أكثر من 100 جامعة، أو نهبها أو إلحاق أضرار جسيمة بها، فضلاً عن أن هذه المواجهات المحتدمة، تشكل تهديداً جسيماً، للمتاحف والمواقع التراثية، التي دُمِر بعضها بالفعل أو أُضِرمت فيه النيران خلال الاشتباكات.
بجانب ذلك، يمثل الطلاب والباحثون والعلماء جانباً لا يُستهان به من النازحين واللاجئين السودانيين، ممن لا يقل عددهم الإجمالي الآن عن 5.3 مليون شخص، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، وهو ما حدا بخبراء محليين ودوليين لإطلاق دعوات لمد يد العون لنقل الباحثين والطلاب المتضررين من المعارك في السودان، إلى جامعات أخرى بعيدة عن مناطق القتال، سواء داخل بلادهم أو خارجها. وشدد الخبراء على أن الجامعات التي ستستضيف أولئك الأكاديميين، من النازحين واللاجئين، ستكون بحاجة إلى موارد وبنية تحتية كافية، بما في ذلك اتصال مستمر بشبكة الإنترنت، حتى يتسنى لمن ستؤويهم، التواصل مع أقرانهم في الخارج، واستكمال دراستهم أو أبحاثهم. كما طالب هؤلاء الخبراء، في تصريحات نشرها موقع «نيتشر» الإلكتروني، بتوفير منح دراسية للطلاب والباحثين السودانيين اللاجئين إلى الخارج، على أن تكون قصيرة الأجل، وألا تستمر أكثر من عامين، كي يبقى أولئك الأكاديميون، على صلة وثيقة بوطنهم الأم، بما يجعل بوسعهم المساعدة في إعادة بناء مؤسساته العلمية والتعليمية، بمجرد عودة الهدوء إليه.
ويجمع الخبراء على أن عملية إعادة البناء هذه، ستتطلب دعماً دولياً كبيراً، بالنظر إلى ما ألحقته الحرب بالمنظومة العلمية في السودان من دمار من جهة، والتدهور الذي لحق بالقطاع الأكاديمي خلال العقود الأخيرة من جهة أخرى، وذلك بعد أن كانت جامعة الخرطوم، تُصنَّف من بين أفضل 10 جامعات في أفريقيا بأسرها، حتى ثمانينيات القرن الماضي.
جريدة الاتحاد