الراى السودانى
تشهد العاصمة الخرطوم ارتفاعا حادا في الألبان السائلة من (50) إلى (100) جنيه فأكثرللرطل الواحد مما تسبب في تراجع كبير في القوى الشرائية من قبل الشرائح الضعيفة ومحدودي الدخل.
وشكا عدد من أرباب الأسر لـ (السوداني) من عدم قدرتهم على شراء الألبان السائلة لأبنائهم.
إهمال حكومي
وقال عابدين النور لـ (السوداني) كنت في السابق أشتري (4) أرطال لبن في اليوم بمبلغ (200) جنيه لأفراد أسرتي المكونة من (5) أفراد واضطرتني الزيادات الجديدة المتسارعة في أسعاره لـ (480) جنيه للأرطال الـ (4) بواقع (120) جنيه للرطل الواحد للتحول من اللبن السائل للبودرة والذي يباع (قدر ظروفك) حسب الحاجة لشاي الصبح فقط.
وانتقد النور إهمال الحكومة لحل مشاكل الألبان والمنتجين، والذي يعتبر من السلع الضرورية لحياة الإنسان خاصة العجزة والأطفال، متوقعا أن يؤدي تراجع القوى الشرائية للألبان لتراجع أسعارها.
وأشارت ربة المنزل منى محمد بابكر لـ (السوداني) لعدم تناول أطفالها للحليب منذ قرابة الـ (5) أشهر لعدم القدرة على شرائه بسبب الجشع والمغالاة في أسعاره دون مراعاة لظروف محدودي الدخل .
ويشهد السودان موجة غلاء حادة في السلع الاستهلاكية الضرورية مما تسبب في ارتفاع التضخم تجاوز خانة الـ (300)% في فبراير المنصرم .
استنكار حق المواطن
تاجر التجزئة علي عبد الرسول استنكر في حديثه لـ (السوداني) احتجاج المواطنين على زيادة الألبان، مشيرا إلى أن عملية إنتاجه وحتى توزيعه تمر بسلسلة من التكلفة المتصاعدة فالمنتج والموزع كل يحسب تكلفته ويضيف عليها سعره بما فيها تكلفة الترحيل ومن البديهي أن تصل للمستهلك الأخير بهذه الزيادة، والتي أتوقع أن تتضاعف خلال الفترة المقبلة بسبب مشاكل المنتجين، مبينا أن تجار التجزئة يشترون الألبان من المزارع بسعر (78) جنيها للرطل ويباع للمواطنين بالأحياء ومراكز التوزيع بأسعار تتراوح بين (100 ـ 120) جنيه فأكثر .
وشرح رئيس غرفة الألبان باتحاد غرف الزراعة والإنتاج الحيواني بالخرطوم محمد عثمان عوض الكريم الكردي لـ (السوداني)، مسببات ارتفاع الألبان والتي قال إن إرتفاع أسعار مدخلات الإنتاج من علف أخضر ومركز وعناية بيطرية وعمالة تتحمل المسئولية الرئيسية فيها، لافتا إلى أن تكلفة انتاج الرطل الواحد (من بطن البقرة) تصل لـ (113,5) جنيه ورغم ذلك نضطر لبيعه للموزعين بسعر يتراوح ما بين (75 ـ 78) جنيها فقط ليصل للمستهلك بأسعار أعلى ما بين (100 ـ120) جنيه للرطل، مؤكدا تحمل المنتجين لخسائر يومية كبيرة اضطرت عددا غير قليل لترك المهنة والتحول لمهن أخرى وقيام البعض منهم بذبح الأبقار غير المنتجة لعجزهم عن إطعامها ولتغطية خسائرهم مما أدى لتراجع كمية القطيع المنتج للألبان بالسودان من (165) في 2018م إلى (60) ألف رأس فقط في 2021م، محذرا من استمرار تناقص القطيع، والنفوق الكبير الذي تتعرض له العجول الولادة بسبب تردي البيئة، لعدم قدرة المنتجين على توفير البيئة الصالحة للرعي لأن غالب المراعي يتم استئجارها وليس مملوكة لهم، وقال إن أي عمل غير مربح لن يتطور ويؤثر سلبا على الانتاج.
وطالب الحكومة بتوفير العلف (العيش، المولاس، الأمباز، البرسيم، الرودس) للمنتجين من المخزون الاستراتيجي، وإيقاف تصديرها أو تصديرها بعد تلبية الاستهلاك والإنتاج المحلي لتقليل الأسعار .
مدخلات الانتاج
وشكا عضو غرفة الألبان محمد صديق دروس لـ (السوداني) من ارتفاع مدخلات الانتاج لـ (5) أضعاف حيث زاد العلف المركز من (21) إلى (100) الف جنيه خلال الفترة من العام 2020م ـ وحتى بدايات 2021، والقصب من (8 ـ 9) لأكثر من (90) الف جنيه للناقلة ما تسبب في مضاعفة سعر الرطل الواحد للمستهلك من (50) لـ (100) جنيه فأكثر.
وحمل دروس تصدير الحكومة لمدخلات إنتاج الألبان خاماً للدول العربية خاصة (الإمارات والسعودية) مسئولية تراجع إنتاج الألبان بالسودان من ٧٠٠ إلى ٢٠٠ طن أو أقل يوميا، مشيرا لارتفاع نسبة النفوق في المواليد العجول الجديدة بنسبة (70)% بسبب ندرة التحقين من الأمراض، فضلا عن عدم مراعاة الدولة للقطاع، وعدم التمليك الكامل للمراعي ومجمعات الألبان للمنتجين مما يحجم من تحسين البيئة وإنشاء البنى التحتية للعجول المنتجة .
ودفع بمقترحات عدة لحل المشكلة وتطوير قطاع اللحوم والألبان بتخصيص الحكومة لأراضٍ لإنشاء مراعٍ للألبان وتمليكها للمنتجين ضمانا لاهتمامهم ببيئتها وتوفير فاكسينات التطعيم والحد من صادر المواد الخام، متوقعا تفاقم المعاناة و تصاعد أسعار الألبان ومن ثم القوى الشرائية لها بشكل كبير لعدم تناسب دخول المواطنين مع الزيادة اليومية للسلعة .
وأشار دروس لمبادرة قادها المنتجون بالخرطوم بالانتظام في (4 ـ5) مراكز لمجمعات الالبان بـ (إيجار) و يحتوي المجمع الواحد على قرابة الـ (25) الف رأس من البقر الحلوب ويضم ما بين (300 ـ 400) منتج، بهدف تسهيل الخدمات والتطوير وتلقي الرعاية البيطرية اللازمة.
وأشارت الغرفة في بيان سابق لصعوبات ومعوقات القطاع والتي زادت تعقيدا بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية وتأثيرات جائحة كورونا وفترة الاغلاق الشامل والانخفاض الكبير في قيمة العملة الوطنية مقابل الارتفاع في تكلفة الإنتاج، ما انعكس سلبا على المنتجين والمواطنين.
من أجل الأطفال
وقالت مدير منظمة (إعلاميون من أجل الأطفال) ــ تعنى بمناصرة قضايا الأطفال إعلاميا ـ إنعام الطيب لـ (السوداني) إن الأطفال يمثلون نسبة (50)% من سكان السودان وفقا للمسوحات العنقودية لجهاز الإحصاء السوداني وأكثر من (30)% منهم يعانون من سوء التغذية والتقزم نتيجة لعدم حصولهم على المواد الغذائية الرئيسية اللازمة لبناء أجسامهم ومن أهمها الألبان (مسوحات منظمات معنية بالطفولة).
وانتقدت الطيب الزيادات الكبيرة المضطردة في أسعار الألبان السائلة بالخرطوم، وحذرت من أن يؤدي عجز الأسر الفقيرة عن توفيره لأطفالها لتهديد حياتهم بخطر الإصابة بالعديد من الأمراض، مناشدة الحكومة بسرعة الوصول إلى حلول للمشكلة مع منتجي الألبان وخفض أسعارها لتكون في متناول إيدي الجميع باعتبارها من السلع الضرورية، والالتزام بالمواثيق الدولية لحقوق الطفل التي وقع عليها السودان .
وطالب رئيس اللجنة الاقتصادية السابق، رئيس المجلس الاستشاري لجمعية حماية المستهلك د. حسين القوني في حديث لـ (السوداني) الحكومة الانتقالية بسرعة الجلوس مع منتجي الألبان وغرفة الانتاج الحيواني والوزارات ذات الصلة (الثروة الحيوانية، الزراعة) للوقوف على مسببات التكلفة الفعلية لإنتاج الألبان ووضع معالجات فورية لها لخفض أسعار الألبان التي صارت تشهد زيادات مضطردة اضطرت غالب المواطنين للإحجام عن الشراء رغم أنها سلعة استراتيجية خاصة للأطفال وتوفيرها بمبالغ معقولة، داعيا الحكومة كذلك لإلغاء الرسوم كافة المفروضة على منتجي الألبان وإيقاف تمدد الوسطاء والذين ينتشرون في مواقع الإنتاج ويتسببون في وصول السلعة المنتجة محليا بـأسعار أعلى للمستهلكين