متابعات – الراي السوداني – تشهد مدينة النهود أوضاعًا إنسانية متدهورة تتفاقم بوتيرة متسارعة، في ظل غياب شبه كامل لأي دعم أو مساندة، وتعتيم ممنهج على ما يجري من انتهاكات وانفلات أمني.
ووفقًا لما ورد من غرفة طوارئ دار حمر، فإن المدينة تعيش عزلة تامة بعد انقطاع كامل لشبكات الإنترنت والاتصالات، وهو ما اعتُبر محاولة متعمدة من قبل قوات الدعم السريع لفرض حصار إعلامي ومنع توثيق وتسريب ما يتعرض له المدنيون من اعتداءات ممنهجة داخل الأحياء السكنية ومناطق النزوح.
هذا الانقطاع أدى إلى شلل كامل في حركة التواصل، وعطّل بشكل مباشر وصول المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى توقف الخدمات البنكية والتطبيقات المصرفية، مما ساهم في تفاقم أزمة السيولة وانهيار القدرة الشرائية لدى السكان. السكان باتوا غير قادرين على الوصول إلى أموالهم أو إتمام أي معاملة مالية، وهو ما ضاعف من معاناة الفئات الأكثر هشاشة وفاقم من مستويات الجوع والفقر المنتشر أصلًا في المدينة.
وفي سياق متصل، تعاني المدينة من انهيار شبه كلي في قطاع المياه، حيث تعرضت محطات الضخ الرئيسية للتعطيل، وتم تخريب خط المياه الناقل، ما أدى إلى غياب المياه الصالحة للشرب بشكل شبه تام، ليس فقط في المدينة، بل وفي القرى المجاورة ومناطق تجمع النازحين، ما ينذر بوقوع كارثة صحية مع تصاعد خطر تفشي أمراض مثل الكوليرا والتيفوئيد نتيجة تلوث المياه.
كما رُصدت حالة حصار داخلي خانق، إذ تم إغلاق جميع الطرق والممرات التي كانت تُعد آمنة، واحتُجزت أسر عديدة داخل المدينة دون أي وسيلة للخروج أو الوصول إلى أماكن أكثر أمانًا. وشهدت مناطق كانت تُعتبر آمنة سابقًا، مداهمات عنيفة وانتهاكات مروعة، بما في ذلك عمليات تصفية جسدية واعتداءات مباشرة على المدنيين.
الوضع الأمني المنهار أفرز موجة غير مسبوقة من النهب والسلب، حيث جرى الاستيلاء على مخازن السلع الأساسية والأدوية، ونهبت المتاجر والمنازل ومراكز النزوح، ووصل الأمر إلى سرقة المواشي والدواجن من المواطنين، في مشهد يعكس الانهيار التام لمقومات الحياة في المدينة.
واحدة من أكثر الوقائع المأساوية تمثلت في تكدس الجثث بمواقع مختلفة داخل النهود، أبرزها شرق سوق المطار، شمال وشرق طرمبة نبتة، بجوار مصنع الثلج، وعند مدخل غزة، دون أي قدرة على دفنها أو التعامل معها في ظل غياب الخدمات الصحية وتدهور الإمكانيات الطبية، مما ينذر بكارثة بيئية وصحية وشيكة.
أمام هذا الواقع المأساوي، أطلقت غرفة طوارئ دار حمر نداء استغاثة عاجل إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، مطالبةً بالتدخل الفوري لفك الحصار المضروب على المدينة، وتسهيل دخول المساعدات، وفتح ممرات آمنة لإنقاذ الجرحى وإجلاء المدنيين، ووقف الانتهاكات المستمرة التي تهدد حياة الآلاف.