
للحقيقة لسان
رحمة عبدالمنعم
أطفال السودان في خطر..!
في خضم الحرب الدامية التي شنتها مليشيا الدعم السريع على الدولة السودانية منذ ما يقارب العامين، يدفع الأطفال الثمن الأفدح وسط انتهاكات جسيمة طالت حتى الرضع،حيث كشف تقرير حديث صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) عن كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدد مستقبل جيل بأكمله، حيث يعاني ملايين الأطفال من الجوع، الحرمان، والانتهاكات الوحشية التي تفوق التصور.
رصدت التقارير الحقوقية، وعلى رأسها تقرير اليونيسف، انتهاكات صادمة ارتكبتها مليشيا الدعم السريع بحق الأطفال في السودان ،ففي مشاهد تعكس أبشع صور الإجرام، تم توثيق حالات اغتصاب لأطفال رضع، حيث وثقت الأمم المتحدة 16 حالة اغتصاب لأطفال دون سن الخامسة، بينهم أربعة رضع لم يتجاوزوا عامهم الأول، وهي جرائم ترتقي إلى مصاف جرائم الحرب ،لم تقتصر الجرائم على الاعتداءات الجنسية، بل امتدت إلى القتل والتشويه، حيث تعمدت المليشيا استهداف المدنيين بمن فيهم الأطفال بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، إضافة إلى المجازر الجماعية التي راح ضحيتها مئات الأبرياء، بينهم عدد كبير من الأطفال الذين قتلوا أمام أعين أمهاتهم.
وفقًا لليونيسف، يحتاج 16 مليون طفل في السودان إلى مساعدات إنسانية عاجلة، فيما يُحرم 17 مليون طفل من التعليم بسبب الحرب المستمرة، كما يعاني 3.2 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، بينهم 770 ألف طفل في حالة خطيرة تهدد حياتهم، إذ تزيد احتمالية وفاتهم بمقدار 11 ضعفاً مقارنة بالأطفال الأصحاء، الأوضاع المأساوية لا تقتصر على الغذاء فقط، بل تمتد إلى انهيار كامل للخدمات الصحية، مما يعرض 3 ملايين طفل لخطر الأمراض المميتة بسبب عدم توفر الرعاية الطبية والمياه النظيفة.
مع استمرار المعارك، اضطر الملايين إلى الفرار من ديارهم، حيث يوجد اليوم أكثر من 10 ملايين نازح داخل السودان، معظمهم من النساء والأطفال. هؤلاء الأطفال يعيشون في ظروف غير إنسانية، وسط انعدام الأمن الغذائي وانتشار الأمراض، في حين تستمر مليشيا الدعم السريع في استهداف النازحين والاعتداء على الفتيات والنساء في المخيمات.
لم تسلم الطفولة في السودان من الاستغلال في الحرب، حيث أكدت تقارير الأمم المتحدة قيام مليشيا الدعم السريع بتجنيد الأطفال قسراً، وإجبارهم على حمل السلاح والمشاركة في القتال، وهو انتهاك صارخ للقوانين الدولية المتعلقة بحماية الأطفال في النزاعات المسلحة.
رغم بشاعة الحرب، تبرز بعض المبادرات الإنسانية التي تحاول التخفيف من معاناة الأطفال، المجتمعات النازحة والمضيفة تتعاون لإيواء ورعاية الأطفال الفارين من مناطق القتال، كما نجحت بعض الجهود في توفير مياه نظيفة لأكثر من 9.8 مليون شخص، وفي مجال التعليم، ساهمت بعض المبادرات في إنشاء مراكز تعليمية مؤقتة لأكثر من 2.7 مليون طفل، مما يمنحهم بصيص أمل في مستقبل أفضل.
في ظل هذه المآسي، يطرح السؤال نفسه: أين المجتمع الدولي من هذه الانتهاكات الجسيمة؟ وما هي الخطوات الجادة لوقف الجرائم التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع ضد الأطفال في السودان؟ فبينما تتزايد الإدانات، تبقى الإجراءات الرادعة غائبة، مما يسمح باستمرار مسلسل القتل والاغتصاب والتشريد، إن مأساة أطفال السودان ليست مجرد أرقام وإحصائيات، بل هي كارثة إنسانية تتطلب تحركاً عاجلاً قبل أن نفقد جيلًا بأكمله في أتون الحرب.