كما تعمدت مليشيات “حميدتي” منذ بداية هذه الحرب خطة الفظاعة، هناك فظائع أخرى تحدث داخل اروقة الدولة، و تحت غطاء السلطة يجري تدمير المؤسسات، ونهب مال الشعب السوداني الذي يعيش إذلال لا ينسى.
دخلت الدولة السودانية عهد الارتباك ، وايضاً عهد العدمية، تبدو وكأنها تتفكك عند الحواف.
كما عرفت البشرية، منذ الأزل، أن قطعة “البصل” المتعفنة في الجوال تُفسد سائر البصل ، وهذا ايضاً ينطبق على البشر ، وذكر في الإنجيل “احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم ذئاب خاطفة، من ثمارهم تعرفونهم. هل يجتنون من الشوك عنبًا، أو من الحسك تينًا؟ هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثمارًا جيدة، وأما الشجرة الردية فتصنع أثمارًا ردية”.
رغم الأحداث الكبرى التي لا تزال تعصف بالسودان ، من الواضح أنَّنا بحاجة إلى صدمة اعنف من حرب ١٥/ابريل الطاحنة التي اهلكت الزرع والضرع والبشر ، لكي توقظنا وتساعدنا في إيجاد طرق أفضل للتعامل مع الوظيفة العامة.
رغم مساعي القيادة السودانية لحمايةِ ما تبقى من بلادنا من تداعيات الحرب المحتملة و الخطيرة التي تلوحُ في الأفق، إلا إن بعض كبار الموظفين يعملون على الاصطياد في المياه العكرة، وذلك باستغلال اللحظة الراهنة وانشغال أجهزة الدولة الرقابية بالحرب .
ارتبطت وزارة “التنمية الاجتماعية” بعدد من قضايا الفساد سنتناولها بالتفصيل في سلسلة مقالاتنا هذه.
بدءً.. نظراً لسقوط أجزاء واسعة من العاصمة الخرطوم في أيدي المليشيات وسرعة الاحداث ، تقرر توزيع مقرات الجهاز التنفيذي على الولايات الآمنة ، ومنها وزارة “التنمية الاجتماعية” التي أصبح مقرها الرئيس بولاية “القضارف”
استأجرت حكومة ولاية “القضارف” منزل مفروش لاقامة الوزير “أحمد آدم بخيت” بمبلغ (٨٥٠) الف جنيه ، ولكن بعد فترة ، طالب الوزير باستئجار منزل آخر أكثر فخامة ، بحجة إن منزله الحالي لا يليق بمقامه، وقدم فواتير لاستئجار منزل بقيمة (٥) مليون شهرياً.
اشترط صاحب المنزل سداد مقدم (٦) أشهر بتكلفة (٣٠) مليون جنيه، رفضت حكومة الولاية سدادها ، و تمت مطالبة وزارة المالية بسداد المبلغ ،إلا إن الوكيل “عبدالله ابراهيم” رفض بحجة أن المبلغ كبير ووضع الميزانية العامة لا يسمح بذلك ، ولكن وزير المالية “د.جبريل ابراهيم” ضرب بقرار الوكيل عرض الحائط ،وسدد مبلغ (١٥) مليون جنيه، بينما تكفل ديوان الزكاة بولاية القضارف بمبلغ(١١) مليون، وصندوق الاستثمار بمبلغ (٥) مليون جنيه لتكملة تكلفة استئجار منزل يليق بمقام السيد وزير التنمية الاجتماعية “أحمد آدم بخيت”.
بما أن المنزل غير مفروش ، فقد طالب الوزير “احمد أدم بخيت” بشراء اثاثات جديدة واجهزة تكييف وادوات مطبخ ، فرض على ولاية القضارف سداد مبلغ (٥٥) مليون جنيه لشراء اثاثات فقط ، بعد فترة قصيرة طالب الوزير بضرورة شراء “ثلاجة واواني مطبخ” وتمت مخاطبة حكومة ولاية القضارف، بعد ضغوط مورست على الوالي تم التصديق بمبلغ (٥) مليون، تأخر الاجراء المالي بسبب الدورة المستندية ، لم ينتظر وزير التنمية الاجتماعية ، بل قدم فواتير جديدة لوزارة المالية بمبلغ (٦٩) مليون جنيه لشراء معدات المطبخ ، قام وزير المالية بالموافقة على سداد المبلغ.
لم يكتف وزير التنمية الاجتماعية “أحمد آدم بخيت” بالمبلغ الضخم الذي أنفق على تأثيث منزله الفخم الجديد ، بل قدم فاتورة بقيمة (١٦) مليون جنيه لصيانة سيارته المخصصة للمأموريات الرسمية ، سددها ديوان الزكاة بولاية القضارف .
هذا هو السودان الحالي حطام الأرواح، وحطام النفوس، وحطام الدولة ، جرائم فساد ونهب للمال العام ، والاكثر بشاعة إن أبطالها هم من يقع عليهم عبء تقديم العون للأطفال الجوعى، واليتامى الجدد، والسعي من أجل أن ينام السوداني عميقاً بين كوابيس فظاعة الحرب .
في الحلقة القادمة من هذه السلسلة ، سنروي تفاصيل بشعة لسيدتين والغتين في جرائم فساد يندى لها الجبين ، إحداهما تم تعيينها مؤخراً وكيلاً لوزارة التنمية الاجتماعية رغماً عن أنف وزارة مجلس الوزراء.
محبتي واحترامي