هل تحسم المُسيّرات نتيجة الحرب بين الجيش والدعم السريع
زيادة الاعتماد على استخدام الطائرات دون طيار في السودان قد تلعب دورا مهما في الخرطوم عقب نزوح ملايين المواطنين، وبالتالي التوسع في عمليات القصف دون كابح الخوف من سقوط الكثير من المدنيين.
الخرطوم – أثار تقرير حول استخدام أوكرانيا مسيّرات ضد قوات تابعة للدعم السريع، يعتقد أنها على علاقة بقوات فاغنر الروسية، الكثير من التساؤلات حول التوسع في سلاح الطائرات المسيرة في الحرب الجارية بين الجيش والدعم السريع، حيث ذكر كل طرف سابقا أنه أسقط طائرات تابعة للآخر.
ولم يؤكد التقرير ما إذا كانت أوكرانيا قد استهدفت مواقع لقوات الدعم السريع في السودان، أو أن هناك علاقة وطيدة بينها وبين فاغنر، ولجأ إلى نظرية الاحتمالات والتخمينات والترجيحات.
وقالت شبكة “سي أن أن” الأميركية، التي أذاعت التقرير، إن القوات الخاصة الأوكرانية “على الأرجح” نفذت هجمات بطائرات مسيّرة، مستهدفة عناصر مدعومة من فاغنر قرب الخرطوم، وإن الشبكة “لم تتمكن من التأكد بشكل مستقل من وقوف أوكرانيا وراء الهجوم، لكن مقاطع فيديو للهجوم كشفت عن تشابه بينه وبين الهجمات التي تنفذها الطائرات الأوكرانية دون طيار”.
وزادت الشكوك في تقرير الشبكة الأميركية عندما نقلت عن مسؤول عسكري سوداني قوله إنه “لا علم له بتنفيذ أوكرانيا لعملية عسكرية في السودان”، مشيرًا إلى أنه يعتقد أن “مثل هذه الأخبار غير صحيحة”.
محمد خليل الصائم: معظم الطائرات دون طيار على ذمة الجيش السوداني
وسألت “العرب” مصدرا عسكريا سودانيا كبيرا، فأكد أن “هذه المعلومات غير دقيقة، وتحوي خلطا مقصودا بين ما يجري في أوكرانيا وما يدور في السودان، لأنها تريد التحذير من تداعيات الحرب هناك، التي لن تقتصر على نطاقها الجغرافي الراهن، ويمكن أن تمتد إلى مواقع أخرى”.
وبصرف النظر عن مدى مصداقية تقرير “سي أن أن”، تظل ميزته كامنة في لفت الانتباه إلى تزايد الحديث عن دخول المسيرات الحرب السودانية، والتي يمكن أن تفك جانبا من ألغاز استمرارها حتى دخول شهرها السادس، وقد تستمر أكثر من ذلك.
ويقول متابعون إن زيادة الاعتماد على استخدام الطائرات دون طيار في السودان قد تلعب دورا مهما في الخرطوم عقب نزوح ملايين المواطنين منها، وبالتالي التوسع في عمليات القصف دون كابح الخوف من سقوط الكثير من المدنيين.
ويضيف هؤلاء المتابعون أن وجود بعض المناطق العسكرية الحيوية بالقرب من أماكن مدنية قوض التمادي في القصف الجوي سابقا، وإن كانت الطائرات التابعة للجيش تخلت عن هذا الحذر أخيرا، ما تسبب في وقوع الكثير من الضحايا المدنيين، بينما لجأت قوات الدعم السريع إلى عمليات الكر والفر التي تجيدها.
وساعدت طلعات قامت بها طائرات مسيرة، تجمع المعلومات للجيش السوداني، على استخدام طائرات الميغ والسوخوي في مهاجمة مواقع مدنية وأخرى تابعة للدعم السريع.
وأشارت تقارير سودانية في أغسطس الماضي إلى أن الجيش استخدم طائرات استطلاع معروفة باسم “زاجل 3” تُصنع محليا في مجمع الصافات بمنظومة الصناعات الدفاعية في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال أم درمان.
وأعلنت قوات الدعم السريع في مايو الماضي أنها أسقطت طائرة مسيرة تابعة للجيش بالقرب من جسر الحلفايا الذي يربط الخرطوم بحري بأم درمان.
وأكد الخبير العسكري السوداني اللواء محمد خليل الصائم أن الجيش يمتلك طائرات مُسيرة ويقوم بتصنيعها، كما أن قوات الدعم السريع قبل نشوب الحرب امتلكت عددا قليلا منها، وطوّرت الأسلحة التي بحوزتها بعد اندلاع الحرب وحصلت على مسيرات من عدة جهات، لذلك يستخدم الطرفان المسيّرات في المعارك الدائرة الآن.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “معظم الطائرات دون طيار في يد الجيش، ما يخدمه عسكريا في حسم بعض المعارك التي تحتاج إلى تدخل من المسيرات. غير أن المشكلة تكمن في المخاطر التي تنعكس على المواطنين بعد أن تعرضوا لأشكال مختلفة من الجرائم، فالمجتمع الدولي لا يتحرك بشكل كاف لوقف الحرب”.
وتُصنع طائرات مسيرة محلية أو تعدّل في مجمع اليرموك، وهو مجمع عسكري يقع في الخرطوم، هاجمته قوات الدعم السريع في مطلع يونيو الماضي وأعلنت السيطرة عليه.
وذكر موقع “سودان تربيون” أنه جمع معلومات من مصادر عسكرية متعددة أكدت أن الجيش يمتلك طائرات حربية، وأخرى مسيرة لم تدخل الحرب، وطائرات مسيرة من طراز “CH – 3” صينية مستخدمة في الحرب بسرعة قصوى تصل إلى 256 كيلومترا في الساعة لمسافة نحو 3 آلاف كيلومتر وبمدة تحليق تصل إلى 12 ساعة وحمولة تقدر بنحو 180 كيلوغراما من صواريخ أرض – جو.
وأوضح القائد السابق للقوات الجوية السودانية الفريق أول صلاح عبدالخالق أن قواته استخدمت طرازَيْ “CH – 3″ و”CH – 4” الصينييْن، وهما من الطائرات المسيرة الحديثة.
وهناك طائرة أخرى من طراز “CH – 5” ذات قدرات قتالية أكبر ومميزة وتحلق نحو 30 ساعة في الجو، وتستطيع حمل صواريخ أرض – جو موجهة بالليزر وصواريخ “AR – 1” وقنابل “TG 100″، بجانب صواريخ مضادة للمدرعات والدبابات.
وقالت تقارير صحفية مؤخرا، نقلاً عن مصادر عسكرية في الصين، إن السودان حصل على طائرات دون طيار من طراز “CH – 5 Rainbow” التي تنتجها الشركة الصينية لعلوم وتكنولوجيا الفضاء. وأفادت معلومات “سودان تربيون” بأن الجيش السوداني استخدم طائرات إيرانية الصنع مثل ما عرف محليا باسم “بابيل قدس” قبل استخدام المسيرات الصينية.
ولجأت قوات الدعم السريع إلى استخدام طائرات مسيرة مسلحة بقنابل وبعضها بالقذائف خلال هجومها على مواقع إستراتيجية مكنتها من الاستيلاء على أماكن عديدة، وحصلت على بعض المسيرات من مصنع اليرموك العسكري في الخرطوم.
وعزا خبراء تركيز قوات الدعم السريع على سلاحيْ المهندسين والمدرعات إلى معرفتها بوجود طائرات دون طيار يمكن أن يؤدي الاستحواذ عليها إلى تغيير سير المعارك. وفي أكثر من مرة قال الجيش السوداني إنه أسقط مسيرات تابعة لقوات الدعم السريع، من بينها المرة التي حاولت فيها الهجوم على سلاح المهندسين في أم درمان، وأخرى في محيط قيادة الخرطوم بحري، وثالثة في محيط سلاح المدرعات بالخرطوم.
وأشارت المعلومات إلى أن قوات الدعم السريع استخدمت طائرة دون طيار صربية الصنع ومعدلة وتحمل قنابل هاون عيار 120 ملم، ظهرت في أجواء السودان خلال يونيو الماضي، وهاجمت مقريْ سلاح المدرعات والقيادة العامة للجيش.
ولفتت تقارير محلية في يوليو الماضي إلى أن الجيش السوداني حصل على طائرات بيرقدار التركية التي أثبتت كفاءتها في حرب ليبيا وإثيوبيا، وأنه تم تسلم 50 طائرة ضمن صفقة بين الجيش وأنقرة، وهو ما لم يؤكده الجيش ولم ينفه أيضا.