هل يُنقذ الصندوق السيادي السودان؟ رجل أعمال يكشف ما تخشاه النخب!
رجل الأعمال الخبير فى الاقتصاد وبرامج الاعمار المهندس نزار إبراهيم عمر ..
(……) هذا هو المطلوب لإنقاذ الاقتصاد السوداني…
السودان سيكون مارداً اقتصادياً بعد 5 سنوات إذا (……….)
إنشاء صندوق سيادي هو المدخل الحقيقي للإعمار …
نحتاج لدمج البنوك المحلية ودعم القطاع الصناعي والزراعي بالبنى التحتية…
التحول الرقمي مفتاح لزيادة إيرادات الدولة وإنهاء التسرب المالي…
فساد مدخلات الإنتاج يهدد المزارعين.. والحل في “وكالة التحول الزراعي”.
مستقبل السودان فى النفط والغاز بالبحر الأحمر .. والشراكة مع السعودية ممكنة.
روسيا والصين وتركيا وكوريا الجنوبية شركاء موثوقون.. والتفاوض مع البنك الدولي ضرورة.
قانون الاستثمار جيد.. لكن تطبيقه سيء ويحتاج إلى إصلاح جذري.
مشاريعنا غطت أفريقيا من تشاد لأنغولا.. وسنُسخّر علاقاتنا الدولية لخدمة وطننا.
لم أنتمِ سياسياً في حياتي.. وما يهمني دعم الجيش والإعمار لا المناصب.
حوار :رحمة عبدالمنعم
في ظل التحديات الاقتصادية المتعاظمة التي تواجه السودان بعد عامين من الحرب، تحاور “صحيفة الكرامة” اليوم الخبير الاقتصادي والمهندس المستشار نزار إبراهيم عمر، أحد رجال المال والأعمال الذين يمتلكون رؤية استراتيجية متكاملة لإعادة إعمار السودان والنهوض باقتصاده، بخبرة واسعة في تنفيذ مشاريع تنموية كبرى في أفريقيا، وعلاقات دولية تمتد من الصين إلى روسيا وبريطانيا، يفتح لنا المستشار نزار آفاقاً جديدة ويضع بين أيدينا خريطة طريق اقتصادية ترتكز على الشراكات، والبنى التحتية، والتحول الرقمي، وإصلاح الزراعة، واستعادة ثقة المستثمرين، فالي مضابط الحوار:
بداية.مرحباً بك في صحيفة الكرامة، الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال المهندس المستشار نزار إبراهيم؟
نرحب ترحيباً حاراً جداً بالزملاء في “صحيفة الكرامة”، التي كانت إحدى أعلام معركة الكرامة الإعلامية، كجهة قائدة ورائدة تصدت لقضايا مهمة في فترة الحرب. ونشيد بمجهوداتكم الكبيرة، وعبركم نرسل تحياتنا للقوات المسلحة والقوات النظامية والمشتركة، على ما قدموه في دحر هذا التمرد والمؤامرة القذرة على الوطن. هي مؤامرة تستهدف الشعب السوداني في تاريخه وثقافته ووجوده، والدفاع عن الوطن والزود عنه كان شرفاً كبيراً نالته القوات المسلحة.
كيف تقيّم الوضع الاقتصادي الراهن في السودان بعد عامين من الحرب؟
أعتقد أن الطاقم الاقتصادي في فترة الحرب أدى أداءً جيداً، حتى لا نظلمه، من بنك السودان ووزارة المالية والوزارات ذات الصلة، واستطاع أن يحوّل جزءاً من الاقتصاد إلى اقتصاد حرب، ودعم المجهود الحربي، ودفع الرواتب للأجهزة النظامية والخدمة المدنية، واستطاع الطاقم التحوّل بسرعة إلى بورتسودان لخلق وضع اقتصادي معين ساهم في دعم المجهود الحربي، والمحافظة على مظهر السيادة الاقتصادية، كما نجح في تغيير العملة في فترة حرجة جداً.
لكن، هنالك الكثير من الملاحظات، وهذا شيء طبيعي في فترة الحرب، ملاحظات متعلقة بالفساد وعدم التركيز على برامج التأهيل أثناء الحرب، وهذا شيء طبيعي، وأفتكر أن المرحلة القادمة ستشهد دخول الدولة في برامج تأهيل حقيقية من خلال إعادة الإعمار والبناء.
برأيك.. ما هي أبرز معالم التدهور الاقتصادي التي خلفتها الحرب؟
أبرز معالم التدهور الاقتصادي، في رأيي المتواضع، أن حجم النزوح كان كبيراً جداً، ودمار القطاع الصناعي، خاصة أن غالبية المصانع توجد في ولاية الخرطوم بنسبة 80%، كذلك الدمار في القطاع الزراعي، وكثير من المشاريع الزراعية خرجت من الدورة الزراعية هذا الدمار فاق مليارات الدولارات.
من وجهة نظرك، ما هي الأولويات العاجلة لإنقاذ الاقتصاد السوداني؟
في اعتقادي، إنقاذ الاقتصاد السوداني يجب أن يُبنى على رؤية اقتصادية متكاملة، هذه الرؤية يجب أن تنبني على أربعة محاور، وفي تقديري الشخصي، هناك فترة مهمة جداً لإعادة تأهيل البنى التحتية، والمدارس، والمستشفيات، حتى تعود الحياة إلى طبيعتها. ولكن يجب أن تضع الدولة رؤية استراتيجية لإعادة الإعمار من أربعة محاور.
هل لديكم تصور عملي لخارطة طريق لإعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي؟
كما ذكرت لك، هناك أربعة محاور يجب التركيز عليها، واعتمادها كخارطة طريق
أولاً : إنشاء صندوق سيادي سوداني تشارك فيه شركات حكومية مثل زادنا وشركات الصناعات الدفاعية، وتُخصص له عائدات الذهب والنفط والمعادن والغاز، هذا الصندوق يُمكنه التفاوض مستقبلاً مع المؤسسات الدولية بناءً على موارد السودان الضخمة غير المستغلة.
ثانياً: إنشاء وكالة للتحول الزراعي، لمعالجة قضايا الفساد في مدخلات الإنتاج، وتقوية البنك الزراعي، واستيراد المدخلات عبره مباشرة، وإنشاء بورصة للسلع لضبط السوق الزراعي.
ثالثاً: إنشاء وكالة للتحول الرقمي. الإيرادات تضيع حالياً لغياب النظام الرقمي، ونحتاج إلى رقمنة المالية والضرائب والجمارك على غرار النموذج الإثيوبي.
رابعاً: تأهيل البنوك المحلية ودمجها ورفع رؤوس أموالها، وإخراج البنوك الضعيفة من السوق. دعم القطاع الخاص ليعود إلى النشاط الإنتاجي يتطلب تمويلاً موجهاً من البنوك والصندوق السيادي.
ما الحوافز التي ينبغي أن تقدمها الحكومة لاستعادة ثقة المستثمرين الذين غادروا بسبب الحرب؟..
يجب على الدولة إعادة النظر في قانون الاستثمار والسيطرة على قوانين الأراضي، كما يجب تقديم تسهيلات مثل الإعفاءات الضريبية للمستثمرين الأجانب لمدة خمس إلى عشر سنوات لتشجيعهم. ويجب أن تتفاوض الدولة مع مستثمرين أجانب في مجالي الطاقة والمعادن.
باعتبارك خبيراً في مجال النفط، ما رؤيتكم لعودة الحقول النفطية للعمل بعد الدمار الكبير الذي طال هذا القطاع الحيوي؟
النفط في السودان، بعد خروج دولة الجنوب، ما زالت لدينا بنية تحتية للنقل وخطوط الأنابيب، نحن بحاجة إلى اتفاقيات نفطية جديدة ولفتح مربعات جديدة، على الدولة بدء حملة بعد استتباب الأمن للتحضير لفتح مربعات جديدة، والتركيز على مشروع الغاز في البحر الأحمر.
توجد تريليونات من أمتار الغاز، ويمكن الدخول في شراكة مع السعودية لتصديره إلى أوروبا لقربه من البحر الأحمر، هناك أيضاً شركات صينية وروسية لديها رغبة للدخول في هذا المجال.
ما المطلوب لاستعادة إنتاج النفط وجذب الاستثمارات الأجنبية في هذا المجال؟
كما ذكرت، نحتاج إلى سياسة اقتصادية مشجعة ومحفّزة. يجب أن تحدد الدولة قاعدة بيانات حقيقية للموارد الموجودة، سواء في البحر الأحمر أو في المربعات الموجودة بالشمالية، كردفان، أو دارفور بعد استقرارها، على الدولة أن تروّج لهذه المربعات لاستقطاب مستثمرين عالميين، ويجب تفعيل اتفاقية قسمة الشركات الحالية، وهي اتفاقية ممتازة جداً.
السودان عانى طويلاً من العقوبات الاقتصادية الخارجية.. كيف تنظرون لمستقبل علاقات السودان الاقتصادية الخارجية بعد الحرب؟
هذه الحرب (عرّفتنا صديقنا من عدونا)، وهي فرصة حقيقية لمعرفة وجهتنا وتحديد مصالحنا السودان يجب ألا تكون له عداوات دائمة ولا صداقات دائمة، وقد عرفنا في هذه الحرب الدول التي يجب أن تستمر علاقاتنا معها.
ما هي الأسواق أو الشراكات الخارجية التي ينبغي للسودان أن يركز عليها مستقبلاً؟
روسيا، الصين، تركيا، وكوريا الجنوبية، كانت هذه الدول مساندة للمجهود الحربي، وداعمة للقرار السيادي، أعتقد أنها الدول التي يجب أن نتوجه إليها لكن، هذا لا يعني ألا نتفاوض مع البنك الدولي لجدولة الديون، على أن نكون في مركز قوة بعد تحديد احتياطياتنا من النفط والمعادن.
برز اسمكم مؤخراً كمرشح محتمل لقيادة الحكومة الانتقالية القادمة.. ماذا تقولون للجهات والشخصيات التي رشحتكم لهذا المنصب؟
أولاً، أشكر من رشحني لهذا المنصب، ولا أعرف من الذي رشحني، ولم أتلقَّ أي ترشيح رسمي، نسأل الله أن يولي من يصلح، القوي الأمين، الذي يكون قلبه على البلد، ولديه رؤية واضحة في إعادة الإعمار، ومساندة القوات المسلحة في الفترة الانتقالية، ودعم الحوار الوطني، وبناء السلم المجتمعي. ومتى ما توفرت هذه الشروط في شخص بعيداً عن التجاذبات السياسية، نؤيده.
هل للمستشار نزار عمر أي انتماء أو توجه سياسي معين؟
طوال حياتي، لم أنتمِ لأي حزب سياسي، أو طائفي، أو جهوي، لقناعات شخصية أحتفظ بها.
باعتباركم من رجال المال والأعمال، هل لديكم حالياً مشروعات أو استثمارات قائمة في السودان؟
بدأنا قبل الحرب الاستثمار في مجال الزراعة، بزراعة البطاطس في الولاية الشمالية، وكان الهدف تصديرها إلى روسيا، كما لدينا استثمار في مجال الذهب في ولاية البحر الأحمر، من خلال شراكات سعودية-سودانية كانت موجودة قبل الحرب وتوقفت، ونأمل أن تعود بعد أن تضع الحرب أوزارها ويستتب الأمن.
ما هي أبرز ملامح حكومة ما بعد الحرب، باعتبارها حكومة إعمار وإعادة بناء؟
يجب أن تكون لديها رؤية اقتصادية واضحة، ورؤية استراتيجية لمعالجة قضايا الاقتصاد الكلي والجزئي، لا بد من وجود حكومة تكنوقراط حقيقية ومؤهلة، ولا بأس أن تستعين ببيوت خبرة عالمية. العالم أصبح قرية صغيرة، بيوت الخبرة قادرة على وضع خطط استراتيجية قصيرة وطويلة المدى. ساهمنا من قبل في وضع خطة استراتيجية لدولة إثيوبيا عبر أحد البنوك، وأنشأنا 12 منطقة صناعية وبورصة سلع وخط سكة حديد ووكالة التحول الإثيوبي، هذا ساعد على رفع الناتج الإجمالي بنسبة 11٪ في عام 2010م مع رئيس الوزراء مليس زيناوي، لذلك، من المهم لأي حكومة قادمة أن تكون لديها خبرة وتنظيم.
بحسب ما ذكرتم، واضح جداً أنكم نفذتم مشاريع كبيرة في إفريقيا وتستندون إلى خبرات عظيمة في مجالات متعددة؟
صحيح، نفذنا العديد من المشاريع في إنجمينا، أنشأنا الجواز الإلكتروني وربطناه بالقنصليات الخارجية بما فيها الفيزا الإلكترونية، ومشروع السجل المدني.
عملنا أيضاً في مجال الدفاع، وكنت وكيلاً لشركة “بويليتي” الصينية، رأس مالها الآن 350 مليار دولار نفذنا مشاريع دفاعية في تشاد والكونغو برازافيل، وأنشأنا ميناء “بونت نوار”. عملنا مع مليس زيناوي في مشروع النهضة الإثيوبية. كما عملنا في الاتصالات، وكلها مشاريع تهتم بالبنى التحتية والتنمية الزراعية في إفريقيا. لدينا علاقات جيدة في بريطانيا، وكنت مستشاراً لبنك التجارة الخارجية الروسي. عملنا معه على برامج صكوك بمليار ونصف دولار للحكومة الإثيوبية، ولأنغولا بملياري دولار، لتنفيذ مشاريع تنموية ونأمل أن نساعد السودان في المرحلة القادمة.
باعتباركم تملكون شبكة علاقات دولية، كيف يمكن توظيف هذه العلاقات في خدمة مشروع إعمار السودان؟..
أعتقد أن واجب أي مواطن سوداني هو أن يساهم في معركة الكرامة وهي مستمرة، ولن تنتهي إلا بالنصر على هذه المليشيا المتمردة، ومعركة البناء لا تقل عن الحرب الدائرة الآن. وسنساهم في المشاريع تحت أي مسمى، سواء عبر القطاع الخاص أو العام، بتقديم أفكارنا وتسخير علاقاتنا الخارجية لخدمة بلادنا، وهذا واجبنا.
ما الرسالة التي تودون توجيهها إلى الشعب السوداني وهو يستعد لدخول مرحلة إعادة البناء؟
نقول للشعب السوداني الصابر، القوي: صبرت وعاتيت، وأنت مستهدف في تاريخك، وثقافتك، وحضارتك، وإمكاناتك ومواردك الضخمة، هذا الصبر سيؤتي أُكله، نحن نحلم بوطن متقدم ومتحضر في الفترة القادمة، وبإذن الله نعد هذا الشعب، ونحن جزء منه، أن معركة البناء ستكون معركة قوية وقصيرة، خلال خمس إلى عشر سنوات في كل القطاعات.
كيف تتصورون شكل السودان الاقتصادي بعد خمس سنوات إذا بدأت عملية إعادة الإعمار بالشكل الصحيح؟
السودان مارد اقتصادي تخاف منه كل دول الجوار، ولعل المخطط القذر لغزوه عبر هذه المليشيا كان لتعطيل إمكاناته كمارد اقتصادي يؤثر في كل دول الجوار.
ولذلك، نرى السودان دولة متقدمة، ومتحضرة، وقوية، في ظل وجود حكومة قوية، واستقرار أمني، ورؤية اقتصادية. والشعب السوداني موعود بنهضة تخفف عنه هذه الآلام التي مرّ بها.