فهي أسوأ كارثة..
ونعني كارثة الفشل في التعامل مع كوارث الطبيعة من تلقاء الحكومات..
سواء التعامل الإنساني…أو الميداني..
بل إن انعدام العامل الأول هذا يؤدي – تلقائياً – إلى انعدام القدرة على التعامل الثاني..
أو إن شئت قل : انعدام (الرغبة) في التعامل..
فالرغبة (الرسمية) في إنقاذ الناس من كارثةٍ ما رهينة بتوافر الشعور…والعاطفة… والإحساس..
فإن لم تتوافر مثل هذه المشاعر تثاقلت الخطى نحو التعاطي..
التعاطي مع الكارثة – أو الأزمة – حتى وإن توافرت معيناته لدى حكومة البلد المنكوب..
وفي الغالب مثل هذه الحكومات تجدها بعالمنا الثالث..
والدكتور محمد عبد السلام لديه دراسة (طريفة) عن حكومات جزء من هذا العالم الثالث..
وهو الخاص بالعالم العربي ؛ بما إنه عربي..
يقول في دراسته هذه : في معظم دول العرب تُوجد خلية حكومية باسم (إدارة الأزمات)..
ولكن حين تقع – فعلياً – أزمةٌ ما تُكتشف أزمةٌ أخطر..
وهي عدم القدرة – وقلة الحيلة – في التعامل مع الأزمة ؛ رغم الدراسات…و الميزانيات..
أو – كما سماها هو – كارثة الكوارث..
وفي المقابل نجد مواقف مشرفة عند دول العالم المتحضر..
حيث يقطع رئيسٌ – مثلاً – زيارة خارجية مهمة فور وقوع كارثة طبيعية في بلاده..
ثم يظل متابعاً بنفسه – وعن كثب – خطوات التعاطي معها..
أو تحول حكومة – من الحكومات – نفسها إلى (حكومة أزمة) بمجرد حدوث كارثة طبيعية..
ثم لا ترجع لطبيعتها إلى برجوع الأمور إلى طبيعتها..
أي بزوال الكارثة الطبيعية..
بل ربما يستقيل مسؤول – بإحدى الدول – إن ضربت كارثةٌ بعض وطنه…وبعض شعبه..
رغم إنه غير (مسؤول) عن أقدار الطبيعة..
وبلادنا – الآن – غشيتها غاشية فيضان كارثي لم تشهد مثله منذ مئة عام..
فلم تجد – الغاشية – سوى (كل) الإهمال…و(نصف) الحكومة..
أما النصف الآخر فقد كان هناك – بعيداً هناك في جوبا – في سياق درء كارثة الحروب..
علماً بأنه لم تكن هنالك حروب لأكثر من عشر سنوات..
فطيلة سني العهد البائد الأخيرة لم يُسمع صوت رصاص…ولا مدافع ؛ وإنما صمتٌ تام..
بمعنى إنها كارثة (ملحوقة) ؛ والتوقيع على اتفاقياتها (ملحوق)..
وما كان ثمة معنى لأن يسافر كلا رئيسي الوزاري والسيادي لتخلو البلد من (أيها كبير)..
رغم علمهما بالكارثة…وقد حذرت منها وزارة الري كثيرا..
والبارحة فقط أعلنت الحكومة حالة الطوارئ لمواجهة الكارثة…بعد أن غرقت مدنٌ عديدة..
والسؤال : هل ستتعامل معها كتعاملها مع الكوراث الأخرى؟..
سواءً كارثة الجنيه؟…أو الوقود؟….أو الخبز؟…أو الأسعار؟…أو الفلول؟..
وأقصد بقليل من قلة الحيلة…وكثير من قلة الإحساس؟..
فنحن مشكلتنا ليست في الكوارث وحسب..
وإنما (أم الكوارث) !!.
صحيفة الصيحة