السودان اليوم:
يشهد القطاع المصرفي هذه الأيام صراعات مكتومة وانتقادات واسعة لبنك السودان المركزي لتراجع دوره خلال الفترة الأخيرة وتعليق استحقاقات العاملين وإحداث اشكالات مصرفية أخرى عبر تقليص صلاحيات اللجان الادارية التي كونها للاشراف على عمل البنوك ، إثر حل مجالس الادارات بأمر لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد.
وقال مصدر مصرفي عليم فضل عدم ذكر اسمه لعدم التخويل له بالتحدث لوسائل الاعلام لـ( السوداني) إن بنك السودان المركزي أهمل القيام بدوره الاشرافي والتنفيذي والاداري وصار يعمل كذراع تنفيذي للجنة ازالة تفكيك التمكين ويصدر كافة منشوراته وتعميماته للبنوك كافة بناء على قراراتها هي ، واشار الى أن الصلاحيات المحدودة التي منحها للجان الاشراف على البنوك تسببت في شلل كبير في العمليات المصرفية بغالبية البنوك ، لعدم منح لجان الاشراف هذه صلاحيات تخول لها المصادقة على عمليات تمويل كبرى والاكتفاء فقط بالعمليات البسيطة ، فضلا عن تعطل عمليات الرهونات والضمانات اللازمة لمنح التمويل المصرفي بسبب قرارات لجنة ازالة التمكين بإيقاف تسجيلات الأراضي ، وأسباب أخرى كجائحة كورونا مما أثر على مجمل النشاط المصرفي والاقتصادي خاصة وأن البنوك التي أعلنت عن الاضراب تمثل ثلثي البنوك العاملة بالبلاد والتي يصل عددها لـ(34) بنكا حكوميا وخاصا .
ودخل بنك الأسرة اعتبارا من أمس الأحد في إضراب شامل عن العمل ضمن حملة جماعية قوامها (12) بنكا حكوميا تنفذ اضرابا متفاوتا في التوقيت بحر هذا الاسبوع لحين الاستجابة لمطالبهم بتعديل الهياكل والمخصصات للمصارف الحكومية وملء الفراغ الاداري فيها .
وتشمل البنوك (التنمية الصناعي ـ المزارع التجاري ــ البلد ـ الزراعي السوداني ـ العمال الوطني ـ الأسرة ـ المزارع التجاري ــ الثروة الحيوانية ـ الإدخار ـ النيلين ـ السعودي السوداني .
في الوقت الذي يلزم فيه بنك السودان المركزي الصمت عن التعليق على أضخم حملة اضرابات بنكية مطلبية يتعرض لها القطاع المصرفي خاصة من مصارف حكومية منذ إنشائه ، الا أن (السوداني) تلقت تسريبات بأن بنك السودان استعجل ــ إطفاء للحرائق ــ قيام الجمعيات العمومية التي تنتخب مجالس الادارات .
وقلل مراقبون تحدثوا لـ(السوداني) من خطوة توجيهات بنك السودان بعقد الجمعيات العمومية في هذا التوقيت، مشيرين الى أن انعقادها يتطلب اجراءات وتعقيدات طويلة أبرزها ضرورة الحصول على إذن من لجنة الطوارئ الصحية بسبب جائحة كورونا ، مؤكدين وجود بنوك حكومية لا تحتاج الى جمعيات عمومية باعتبارها أنشئت بقوانين خاصة كالبنك الزراعي مثلا ، وبنك السودان المركزي يملك صلاحية تعيين مجالس اداراتها ومنحها الصلاحيات الكاملة ، واصفين الاجراء بأنه مماطلة من بنك السودان المركزي .
وقال رئيس اللجنة التسييرية لبنك الأسرة عثمان عكاشة لـ(السوداني) إن اضراب العاملين بالبنك بدأ اعتبارا من أمس الأحد ، بجانب تضامنه مع الـ(11) بنكا حكوميا الأخرى في مطالبهم المشروعة ، مشيرا الى أن المطالب التي رفعت للجنة الادارية لبنك الأسرة تشمل اقالة الادارة التنفيذية العليا ( المدير العام ونائبه ومدير الادارة العامة للتخطيط والتطوير والتقنية ) لعجزها عن حل المشاكل الادارية بالبنك وحل مشاكل السلفيات والترقيات المتراكمة منذ انشاء البنك في 2008 والمحاباة في التدريب الداخلي والخارجي وعدم محاسبة المخالفين للضوابط المصرفية من مديري الإدارات والفروع والموظفين، والتنقلات التعسفية للعاملين للعمل بالولايات لمشاركتهم في العصيان والاضرابات.
وأشار عكاشة الى اخطار اللجنة الادارية للبنك بموعد الاضراب وألحقوه بخطاب لتحديد سقف زمني لتنفيذ المطالب أو الرد على مذكرة المطالب الا أن اللجنة لم ترد علينا ، ودخلت في مفاوضات معنا لإثنائنا عن الإضراب .
وقال إن محافظ بنك السودان أكد مؤخرا عدم صلاحية اللجان الادارية لزيادة مرتبات العاملين بالبنوك .
وقال إن الادارة التنفيذية بالبنك حاولت إفشال الإضراب المعلن الا أن العاملين مصرون على تنفيذه .
واشار ممثل اللجنة التسييرية لمصرف المزارع التجاري الحكومي محمد عواض لـ(السوداني) لضعف صلاحيات اللجان الادارية المشرفة على المصارف ، وتأخر محاسبة المفسدين في الجهاز المصرفي ، مبينا تسبب ذلك في اعاقة العمل المصرفي ، داعيا لمنح صلاحيات أوسع للجان المعنية وتعديل الهياكل الادارية بالبنوك ومراجعة وتعديل المخصصات .
وكشف في السياق نفسه المصرفي بهاء الدين محمد إبراهيم بمصرف الادخار والتنمية الاجتماعية الحكومي لـ(السوداني) عن وقفة احتجاجية في الثامنة من صباح أمس الأحد لمماطلة المدير العام المشرف على مصرف الادخار في تنفيذ القرار الوزاري بإعادة المفصولين تعسفيا من الخدمة منذ العام 1989 وحتى ديسمبر 2018 والبالغ عددهم (182) واعادتهم للخدمة وتسوية معاشاتهم
وانتقد مسؤول مصرفي في حديث لـ(السوداني) ترك بنك السودان المركزي أكثر من ثلثي المصارف العاملة بالسودان شبه عاطلة عن العمل لفترة (5) أشهر بينما المناط بها تمويل الزراعة والصادر ، وقال “علينا ألا نغض الطرف عن التقاعس من قبل البنك المركزي في تكوين مجالس ادارات وادارات تنفيذية للبنوك الحكومية التي تم اعفاء اداراتها منذ تلك الفترة بطريقة مؤسسية وشفافة” ، لافتا لأهمية دور البنوك في هذه المرحلة المهمة من عمر الثورة.
وحذّر مسؤولون سابقون في كبرى المصارف العاملة في السودان في حديث سابق لـ(السوداني) من توابع قرار لجنة إزالة التمكين لرموز نظام الرئيس السابق، عمر البشير، بحلّ مجالس إدارات 14 من أصل 38 مصرفاً في البلاد، وإعفاء عدد من مديري العموم ممن ينتمون إلى النظام .
وقطعوا بعدم أحقية اللجنة في ذلك، لأقلية عدد المصارف التي تُسهم فيها الحكومة، وعدم صلاحيتها لحلّ مجالس إدارات المصارف الأهلية الخاصة المنتخبة، الذي يعتبر حقاً أصيلاً لبنك السودان المركزي بحكم إدارته للقطاع المصرفي بالبلاد.
وقال المديرالسابق للبنك السعودي السوداني، محمد أبو شورة، لـ”السوداني”: ليس هناك قانون يسمح بالتدخل في عمل مؤسسات خاصة لا تملك الحكومة أي أسهم فيها أو حل مجالس إداراتها وإعفاء مديريها من العمل.
وأشار أبو شورة إلى تدخل بنك السودان المركزي فقط عند الضرورة لمعالجة أخطاء إدارية أساسية في مجالس إدارات المصارف أو اتخاذ قرار بحلها وتعيين مجالس أخرى لتسيير العمل إلى حين انتخاب مجالس جديدة.
وأوضح أن طبيعة القرار سياسية أكثر من كونها مهنية أو ذات صلة بمشاكل إدارية أو مالية، ومن شأنه التأثير سلباً في جمهور المتعاملين مع النظام المصرفي وتراجع ثقتهم فيه، فضلاً عن تداعياته السلبية كذلك على مناخ الاستثمار في البلاد.
The post المركزي والمالية.. صراعات مكتومة تبرز على السطح appeared first on السودان اليوم.