غير مصنف 2

ازدواجية المفاهيم.. بقلم محجوب مدني

السودان اليوم:
يقول مثلنا العامي (الشينة منكورة) بمعنى أن الفهم، أو السلوك الخاطئ لا أحد يتبناه ولا أحد يفتخر ويعجب به.
لدينا نظامان في الحكم إما ديكتاتوري يؤسس لحكم الفرد، أو ديمقراطي يؤمن بالتعددية، وبالاعتراف بالآخر، وممارسة نشاطه السياسي.
النظام الديكتاتوري الذي يعزز لحكم الفرد، والذي يجعل صاحبه يعجب به ويتمسك به في سيطرته للحكم بالكامل وعدم السماح للآخر مجرد التفكير في أن يشاركه الحكم، ويستمر في بسط هذا المعتقد، وهو أنه أحق من غيره في الحكم وبالتالي لا يسمح لأحد أن ينازعه فيه.
أما الجانب المنبوذ في الحكم الديكتاتوري فيحاول بقدر الإمكان ألا يتبناه، وألا يعترف به وهو الوجه القبيح من الديكتاتورية.
فيسعى لنفيه بتطبيقات وممارسات من ضمنها إقامة مجالس تشريعية صورية يضع عليها أعضاء مهمتهم ليست ممارسة الشورى والديمقراطية، وبحث الرأي وتحديد أغلبية مؤيديه، فهذه ليست مهمتهم، وإنما مهتمهم في ظل الحكم الديكتاتوري هي إبعاد الصورة البشعة التي يوصف بها من يحكم بهذا النظام، وبأنه ليس متسلطا، وأنه لا يفرض رأيه، وأنه لا رأي سوى رأيه. إطلاقا، وعلى هذا تجرى له الانتخابات، ويحدد له منافسون، وتصويت وصناديق اقتراع ولجنة انتخابات محلية ودولية، وترصد الميزانيات لذلك كل هذا ليس لإثبات قيم الديمقراطية والشورى، وإنما لإبعاد فقط المنكورة وهي التسلط والتمسك بالرأي والحكم.
سمعتم مرة واحدة أن حاكما ديكتاتوريا خرجت نتيجة انتخابه بعدم فوزه؟
إذن ما الداعي لها؟
الداعي هو نفي صفة التسلط والاستحواذ بالحكم. التي لا يرضى أحد أن تنسب إليه.
وكذلك من يتمشدق بالاعتراف بالآخر، وبإيمانه بأن ممارسة السياسة حق مكفول للجميع ولا حجر فيه لأحد، فهذا هو الجانب المشرق لتبني المنهج الديمقراطي في الحكم، فتأتي الازدواجية عندما يتيح هذا المنهج لغيره الظهور، ويتطلب الأمر الاعتراف والإقرار بذلك حينئذ يتبين له الجانب الذي لا يحبه في هذا المنهج، فهو تبناه ليظهره هو لا غيره، وليوضح أنه مؤمن بهذا المنهج الذي يتيح المشاركة السياسية للكل، أما أن يجعل غيره يتقدم عليه، وألا يكون هو الخيار الأول فلا وألف لا.
من تبنى المنهج الديكتاتوري فليكن شجاعا وليعترف وليقر بأنه لا يسمح لغيره بأن يعتلي مكانه هذا، وبالتالي لا داعي لأي مجالس تشريعية وبرلمان وانتخابات.
ومن تبنى المنهج الديمقراطي عليه الاعتراف بالآخر، والسماح له بممارسته نشاطه السياسي، والقبول بتقدمه عليه في مرحلة من مراحل الانتخاب الديمقراطي، فالمنهج الذي تحتفي بمبادئه وقواعده لا بجعلك وحدك في الساحة كما لا يختارك دائما.
فالمنهج الديكتاتوري لا يجتمع مع المنهج الديمقراطي.
نجمعهما نحن فقط بسبب ازودواجيتنا فنأخذ منهما ما نريد ونعمل على تغطية وإخفاء ما لانريد.

The post ازدواجية المفاهيم.. بقلم محجوب مدني appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى