السودان اليوم:
كثيرون هم الزعماء فى العالم الثالث الذين يظنون ، أو هكذا تصور لهم بطانتهم أنهم فقط من يصلح للاستمرار فى الحكم ، وإن مستقبل بلدانهم وخلاصها مرهون بهم ، وفى أفريقيا تكاد تصبح هذه هى القاعدة العامة الا من استثناءات قليلة جدا ، وهذا النوع من التفكير الخاطئ والقرارات الخاطئة الناتجة عنه ليس إلا نوعا من طغيان داخلى يعشعش فى باطن هذا الزعيم الى الحد الذى يرى نفسه فيه الوحيد المؤهل لقيادة الناس ، وتزين له بطانة السوء هذا الفكر فيتبناه الى الحد الذى يجعله يعادى من ينادى بعدم ترشيحه والاكتفاء بالسنوات التى حكمها وافساح المجال لغيره , لكن الزعيم ليس فقط لايقبل هذا الرأى وانما يذهب ابعد بترصده لمتبنى هذا الرأى ومن الممكن الحاق الاذى به و جعله عبرة للاخرين حتى لايفكروا فى الاعتراض على ترشيح الزعيم الاوحد.
وقد حدث هذا فى السودان ووصل الطغيان بالرئيس المعزول عمر البشير ان يجعل معياره لتكليف المسؤولين بمهامهم هو موقفهم من ترشيحه لدورة رئاسية قادمة اذ يتخطى الاختيار كل من يتحدث عن ضرورة التغيير وإن يقدم الحزب مرشحا للرئاسة غير البشير ، والنماذج على ذلك كثيرة .
ونتطرق اليوم لرغبة الرئيس التشادى إدريس ديبى فى الترشح لدورة رئاسية جديدة وهو يعلم ان استمراره فى الحكم طوال هذه الفترة كاف وزيادة ، وعليه ان يتنحى مفسحا المجال لغيره لكنه وكغيره من الطغاة فى العالم لايتصور ان يتبوأ منصب الرئاسة غيره طالما بقى حيا مدركا واعيا ، وهذا الأمر يجعل كل من يفكر فى الاعتراض على استمرار الرئيس فى منصبه ليس إلا معارضا – بحسب التصنيف الرسمى الخاضع للرئيس أو المجامل له – يستحق على الاقل اعاقة جهوده ومراميه لمنافسة الرئيس أو ترشيح غيره ، هذا ان لم يكن القرار التعرض له فى عمله ومضايقته أو حتى التسبب فى الحاق ضرر به ، وهذا الموقف ليس حصرا على الرئيس ديبى فالبشير كما قلنا قد فعل هذا وزيادة ، وهناك اخرون فى القارة وخارج أفريقيا كانوا بنفس المنهج وساروا على نفس المنوال ، والرئيس ديبى بتوجهه لهذا المسار انما يسير على نهج الطغاة ويضع نفسه ضمن قائمة أعتى الطغاة المتجبرين فالرجل يحكم منذ مطلع تسعينات القرن الماضى وهاهى أربعة عقود من حكمه تشارف على الانتهاء وهو مازال يأمل فى الاستمرار وكأن بلاده لم تنجب غيره ولم تعرف سواه.
The post رؤساء استمرأوا الطغيان..إدريس ديبى نموذجا… بقلم محمد عبد الله appeared first on السودان اليوم.