السودان اليوم:
(1)
أشرتُ أمس إلى مخارج آمنة وغير مُكلفة للخروج من مأزق الأوضاع المتأزمة الحالية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، وبيَّنتُ خطورة تلك الأوضاع على الصُعُد الثلاثة من وجهة نظري الشخصية، فالمتأمل لأوضاعنا الحالية يترآى له المشهد السوداني أشبه بحال سفينة قابعة في بركة ضحلة راكدة بل آسنة لا تستطيع الإبحار، يحاصرها الطمي والطين من ثلاثة جوانب (سياسية،أمنية ،اقتصادية)، ويأتيها الموج من كل مكان… فـ «طين» السياسة اللزج يحول بينها والانطلاق، كما يفعل «طين» النزاع القبلي «القاني» الذي تشرب بلون الدم، ومثله كذلك يفعل «طين» الوضع الاقتصادي المتأزم…
(2)
ولكي تُبحر سفينة الوطن إلى بر الأمان يلزمنا إزالة الطمي والطين اللزج أولاً وهذا لن يقدر عليه إلا قوى الحرية والتغيير، فهي القادرة على حسم خلافاتها السياسية، وتسوية نزاعاتها وصراعاتها حول المواقع والمناصب ، وهي الأقدر على إغلاق باب المحاصصات والترضيات إن أرادت خيراً بالسودان وإلا فلتذهب غير مأسوفٌ عليها، قوى الحراك الثوري هي المعنية بإنهاء خلافاتها والظهور بمظهر التحالف القوي الموحد الأهداف والصفوف، وهذه الخطوة بالضرورة لا بد أن تمر عبر الإصلاح وإعادة الهيكلة، وبناء المؤسسات، وتوحيد الصف والهدف والابتعاد عن الصغائر الحزبية والالتفات إلى الهَمْ الوطني بتجرد، فالخلافات هي المدخل الأول للفشل وذهاب الريح، وتوحيد التحالف وتمتينه هو المدخل المناسب لتقوية الجبهة الداخلية، والاستقرار السياسي، وتحقيق أهداف الثورة.
(3)
ولكي تُبحر السفينة لا بد أيضاً من إزالة «طين» النزاعات القبلية المسلحة، والتفلتات الأمنية ، وهذه مهمة لا يقوم بها إلا الجيش السوداني القومي، وهي خطوة لن تحدث إلا بسن تشريعات تمنح أفراد الجيش حق التدخل لحسم هذه النزاعات القبلية، وتحميهم من أي مساءلة قانونية، فقد حدثت مواجهات قبلية مسلحة في إقليم دارفور قبل أيام، وامتنع أفراد من الجيش من التدخل خوفاً من الإدانة كما أشار أحد الولاة السابقين…فالجيش هو الأقدر على القيام بهذه المهمة وحسم هذه التفلتات والمواجهات المسلحة بين القبائل وهو الأقدر على بسط هيبة الدولة، فأرجو ألا تقزموا جيش بلادكم وتضعوا الأغلال على يديه حتى إذا وقعت الواقعة ندمتم وحينها لن ينفع الندم، فالأمن مقدم على الحريات في كل بلاد الدنيا خاصة في مناطق الحروب والنزاعات المسلحة.
(4)
ولكي تُبحر سفينة الوطن وتنطلق وتعبر إلى بر الأمان لا بد من إزالة «طين» الوضع الاقتصادي المتأزم، وهو وضع تحول إلى فوضى عارمة شملت كل المجالات ،عنوانها انفلات الأسواق والأسعار، وتصاعد الدولار، وتهريب الذهب والسلع الاستراتيجية المدعومة مثل الدقيق والوقود من بنزين وجازولين وغاز طبخ، وهذه الخطوة لا تتم إلا بحسم ثوري صارم تعبر عنه قوانين صارمة تصل الإعدام في الميادين العامة للمتلاعبين بقوت الشعب، ومحاكمة كل المجرمين الذين سرقوا المال العام، وقتّلوا وشرّدوا ونكّلوا وعذبوا من جهابذة «الفلول»، ومحاسبة كل مسؤول يُقصر في عمله، وإبعاد كل مسؤول فاشل… وهذا أمر يتطلب في المقام الأول إرادة سياسية، ومتى ما تحققت هذه الإرادة يصبح تطبيق هذه الوصفة أسهل من احتساء كوب شاي على شارع النيل… اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.
The post الإعدام للمتلاعبين بقوت الشعب.. بقلم أحمد يوسف التاي appeared first on السودان اليوم.