خاص السودان اليوم:
فى اطار الضجة التى اثارتها وزارة المالية باعلانها اجراء تعديلات على موازنة العام 2020 فان عددا من الجهات تناولت الموضوع بالتعليق ، ومن الجهات التى ادلت بدلوها فى الموضوع لجنة الخبراء الاقتصاديين لقوى الحرية والتغيير التى وصفت طريقة الحكومة فى طرح هذا الموضوع بالطريقة التى درج عليها النظام البائد فى اعلانه لاى زيادة يريد ان يطبقها على الاسعار مثلا ، وكان بيان لجنة الخبراء الاقتصاديين للحرية والتغيير قاسيا جدا على الحكومة بل حاكما عليها بالكذب والفشل، وانها تضيق اكثر على الجمهور المغلوب على امره .
وتعليقا على قول الحكومة أنه بالرغم من صعوبة هذه الإجراءات فمن المتوقع ان تساعد هذه الخطوة علي نمو اقتصادي متدرج خلال ثلاث سنوات ، قال البيان فى فقرة منه :
هذه لغة سبق أن استخدمها النظام البائد ، وهذا الوعد الكاذب لا يتسق مع سياسات تسير في طريق التغيير ، وهذه السياسات لا تعدو كونها مجرد إجراءات مالية واقتصادية فيها تضييق علي الشعب وليست برنامجا تنمويا أو تعبويا للموارد والقدرات الكامنة في الاقتصاد السوداني.
وهذا الكلام فقط كاف للقول بان الخلاف بين الحكومة وحاضنتها السياسية فى طريقه الى الاحكام الكامل ان لم يكن قد قد استحكم فعلا ، وهو بمثابة الاعتراف الصريح من الحرية والتغيير بفشل حكومتها وربما يدفعها هذا الى التفكير فى تغيير هذه الحكومة ، او على الاقل الزامها بالتخلى عن برنامجها الاقتصادى ، وربما يجر هذا الى خلاف بين الحكومة وحاضنتها السياسية خاصة بعد الامتعاض الواضح من بعض الجهات فى الحرية والتغيير من اداء الحكومة وما يشاع عن مخالفات وتجاوزات فى مكتب السيد رئيس الوزراء ، وهو الامر الذى حاول الدكتور حمدوك نفيه فى مؤتمره الصحفى الاسبوع الماضى لكنه لم يقنع احدا بكلامه الذى ذكره. وكانت نبرة الغضب البادية على صوته وهو يعلق على هذا الموضوع دافعا ليقول البعض ان تحت الرماد وميض نار بدأت تتكشف ، وانه ما انكره حمدوك الان قد بات معروفا ، وسواء كان الرجل يخفى الحقيقة ويحاول التجمل او كان صادقا ولايدرى بما يجرى من حوله فالنتيجة واحدة وهى زيادة الشقة بينه وبين حلفائه.
الحرية والتغيبر بدأت غاضبة وهى تقول انه لم تتم مشاورة لجنتها الاقتصادية حول مشروع تعديل الموازنة وهذا خروج علي الاتفاق وتجاوز لمبدأ التشاور مع الحرية والتغيير ، مما يعني ان السلطة التنفيذية قررت تجاوز برنامج ورؤي الحرية والتغيير وفرض رؤيتها الخاصة وهذا يلغي جدوي المؤتمر الاقتصادي الذي باشرت لجنته المصغرة اجتماعاتها وحددت له شهر سبتمبر المقبل موعدا .
وذهب البيان اكثر فى الاعتراض وهو يقول ان مجلس الوزراء بتعديله الموازنة افتأت على حق الجسم التشريعي ، وان ماتم من تعديلات في الفترة الماضية منذ بدء الميزانية كما في الإيرادات (الوقود التجاري) وزيادة سعر الدولار الرسمي وزيادة المرتبات والأجور من 131مليار الي 226 مليار دون توفر موارد حقيقية لها ، كل ذلك يعتبر أمرا مخالفا لقانون الموازنة ، ويضعهم تحت طائلة القانون ، ومن المهم ملاحظة ان التعديل اللاحق لا يلغي المخالفات التي تمت خلال الفترة 112020 – 2272020.
وهذا التصعيد لم يصل اليه الطرفان من قبل اذ انه اتهام صريح بالمخالفة وبطلان الخطوة التى اقدمت عليها الحكومة وان البطلان يطال حتى الاجراءات السابقة ومنها زيادة المرتبات ، وقال بيان الحرية والتغيير ان هذه التجاوزات تضع الحكومة تحت طائلة المساءلة القانونية.
وذهب البيان الى اتهام الحكومة انها بفعلها هذا ستقود البلد الى ازمة كبرى اهم مظاهرها زيادات جديدة وكبيرة للغاية وغير محتملة في أسعار المحروقات وتعويم الجنيه وتعريضه لمزيد من الانهيار وبشكل لم تشهد له دول العالم مثيلا الا في حالات محدودة، وايضا ستزداد أسعار الواردات بمعدلات خرافية مما يخلق تصخما وارتفاعا في الأسعار غير مسبوق .
والاصعب فى بيان لجنة الخبراء الاقتصاديين للحرية والتغير قوله ان برنامج الحكومة الحالى هو نفس برنامج الصدمة الذي اتبعه النظام المباد وادي إلى انهيار الاقتصاد وتأزبم الوضع المعيشي للمواطنين فكانت ثورة ديسمبر المجيدة.
وهذا كلام واضح جدا لايحتمل التأويل بان هذه الحكومة تسير على خطى النظام البائد وتقع فى نفس اخطائه التى ادت الى قيام الثورة عليه .
وقالت لجنة خبراء الحرية والتغيير ان هذه الخطوة الحكومية هى نفس برنامج وزارة المالية في عهد الدكتور البدوى والذي قاد إلى انهيار سعر صرف العملة الوطنية من حوالي 80 جنيه الي حوالي 150 جنيه ، ورفع معدل التضخم إلى أكثر من 130%، وهو ما رفضته لجنة الخبراء الاقتصاديين لقوى الحرية والتغيير وطرحت بديلا له برنامجا وطنيا يستند على تعبئة الموارد الكامنة في الاقتصاد الوطني.
ثم مضى البيان يقول ان قرارات مجلس الوزراء تمثل تحديا كبيرا وتجاهلا لمطالب مواكب 30 يونيو ومواصلة للسير على طريق تنفيذ روشتة صندوق النقد الدولي المدمرة للاقتصاد الوطني والمفقرة للجماهير.
وهذا الكلام كما هو واضح يعتبر رسالة للجماهير مفادها ان الحكومة لو استمرت فى هذا الطريق فهى لاتمثلهم .
وطرحت لجنة الخبراء الاقتصاديين للحرية والتغيير ما رأته حلا يمكن ان تعتمده الحكومة بدلا عن قراراتها الفاشلة ، وقال البيان فى طرحه للعلاج وتحسين سعر الصرف وتعظيم الموارد وسد عجز الموازنة يلزم اعتماد البدائل التالية :
• تحقيق الولاية الكاملة لوزارة المالية على المال العام
• تجريم التجنيب وتوريد كل الأموال المجنبة في خزانة وزارة المالية
• إصلاح النظام الضريبي والجمركي وإلغاء الإعفاءات الضريببة والجمركية لغير الاستثمارات والقطاعات المنتجة وضم الشركات الحكومية والأمنية والعسكرية التي تهيمن على أهم الموارد بالعملتين المحلية والأجنبية لوزارة المالية
• إقامة بورصة الذهب والصادرات الزراعية لضمان توريد حصائل الصادر في القنوات الرسمية وسيطرة الحكومة على صادرات الذهب وإعادة الشركات التي كانت تتولى الصادرات ، كشركة الحبوب الزيتية وشركة الصمغ العربي والاقطان واللحوم والماشية وإقامة شركات المساهمة العامة
•الاستجابة لمبادرة المغتربين بدعم البنك المركزي بالوديعة الدولارية والسعي لجذب مدخراتهم مما يؤدي لتحسين موقف البلاد في مجال العملات الحرة وبالتالي تقوية سعر صرف العملة الوطنية
• دعم الموسم الزراعي لزيادة الإنتاج والإنتاجية،
• إصلاح وإعادة هيكلة القطاع المصرفي ودفعه للقيام بدوره في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة
• إنشاء التعاونيات على نطاق واسع لنقل السلع من المنتج للمستهلك مباشرة دون مرور بالوسطاء مما يساعد على تحديد الأسعار ومراقبتها وكبح جماح التضخم وتخفيف أعباء المعيشة عن كاهل المواطنين.
ولو تم تطبيق تلك البدائل منذ أن تم طرحها في ديسمبر الماضي لتحققت الكثير من النتائج الإيجابية ولتم دعم وتقوية سعر صرف العملة الوطنية وتعظيم الإيرادات بما يسد عجز الموازنة ، ولما عانت البلاد من صفوف المحروقات والخبز والارتفاع الجنوني في الأسعار. غير أنه قد تم تجاهل كل تلك البدائل والانغلاق في الدائرة الضيقة لصندوق النقد الدولي مما قاد إلى المزيد من تازبم الوضع الاقتصادي الموروث من النظام البائد نتيجة للسير في نفس سياساته.
وإزاء ما تقدم تعلن اللجنة الاقتصادية رفضها لهذه السياسات و تطالب بتطبيق برنامج السياسات البديلة الذي قدمته قوي الحرية والتغيير للحكومة فى أكتوبر 2019 وما تمخص عنه من بدائل طرحتها اللجنة في مذكرة البدائل المعدلة التي سلمت لوزيرة المالية المكلفة.1
ومن الواضح ان الامور تمضى نحو المواجهة بين الحكومة والحرية والتغيير وهذا ما يجب ان تعمل له الحكومة الف حساب لان الحاضنة السياسية ان رفعت يدها عنها فانها ستجعلها عرضة للسقوط بسهولة فهل يتدراك الطرفان الامر ويحلان الازمة ويتوصلان الى حل ام تستمر المناكفات الى ان تصل الى نقطة اللا عودة وعندها يحدث الانهيار ؟
لاندرى والايام القادمة ستكشف ما خفى علينا والله اعلم
The post الحرية والتغيير تجاهر باعلان غضبها على الجهاز التنفيذي appeared first on السودان اليوم.