الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
بقلم: صبري محمد علي (العيكورة)
حبابك حبابك آآ عشاي تعال لي النسالمك آآ ود اللسيد كان (أُمْحَد) علي ود رحمة راكباً على حمارة وعلى جانبيه قُفاف من السعف تترنحُ بها بقايا من خضارٍ ذابل عائداً به من الكنابي كعادته كل يوم بعد أن ينفضّ سامر الجزارة بالقرية ، وتصادف مرور ود اللسيد (ننطقها بتشديد حرفى اللام وتخفيف ما بعدهما) قادماً من ناحية دكان التعاون مُتجهاً جنوباً الي بيته فتقابلا بجوار بيت عبد الرحمن الطهّار بالشارع المُمتد من جنوب القرية وحتى القوز شمالاً عابراً كل شريان الحلّة النابض بالحياة دكان على ود ابروف ودكان ود الهادى وديوان عبد القيوم ود الفاضل وفريق العرب وحتى بيوت أولاد ود الحفّار إنتهاءاً بالقوز ثم حلّة الشيخ طه البطحاني ويبدو أن أحمد ود اللسيد حاول أن يُمازح ود رحمة مُتزامناً مع مرور بعض النسوة بالشارع بقوله إزيك ياعمي ود رحمة وكانا متقاربين فى السن أو قد يكون ود اللسيد هو الاكبر فأنزله منزلة كبار السن إلا أن ود رحمة و كان مشهوراً لهُ بسرعة البديهة فرد الصاع سريعاً بحبابك حبابك (إنعل أبو الياباك) . كانت الطرفة حاضرة بينهم كما الالفة والمحبة .
(النمر) ود محمد ود حاج عبد الرحمن رجلٌ تاجر به طرفة وملحة ويقال أن عبد السلام ود نورين كان يضع ماكينة الخياطة ببرندة دكانه وقد عاصرنا ذلك دخل عليهما دفع الله ود قرشي وكان معروفاً عنه أنه لا يقبل أن يأكل أو يتناول حتى شاي مع الاخرين فعمد حاج النمر الى (كورة) المونيوم ملأها بالماء من زيرٍ بالحوش الخلفى للدكان وأضاف لها ملح وإستحلب عليهما الليمون أمامهما ثم أقسم عليهما أن يشربا بإعتبارها (شربات) مُعدة بالسكر فبدأ بدفع الله الذي رفض كعادته أن يتناولها ملوحاً بكفّه فى حركة أفقية لا لا والله هسي شربت الشاهى ثم قدمها لعبد السلام فأخذ (جغمة) فإكتشف المقلب فبلع منها ما بلع ثم أعادها لحاج النمر فإنفجر الرجلان ضحكاً وعندما علم دفع الله ود قرشي المقلب صفق بيديه ضاحكاً وهو يسرع ناحية باب الدكان ويعود تارة وهو يقول (أمانة يا العفّة ما ليك حُوبة) .
طه ود الزبير كان أيضاً له من الطرف ما يتداوله ناس فريق (قدّام) بدكان أحمد ود خوجلى وما أكثرما يحكى من طرف الرجل ، يُحكي أن جاره عوض جمعة كان قد توعك ذات مرة وأصبح ليس بمقدوره تناول الطعام فذهب اليه حاج طه متحدياً أقرانه بالدكان أنه سيجعله يأكل طعامه ، فجلس بجانبه على العنقريب بعد أن (جمع) عوض جمعة رجليه فطايبه وشكي له معاناته وأنه لم يذق الطعام منذ يومين فبدأ حاج طه مطرقاً ناحية الارض يبدي إشفاقة وتأثره بشكوي ود جمعة ثم بدأ فى (حبك) القصة و ساحاول تذكرها كما سمعتها : إنت عارف آآعوض قبل يوين كده كنت نايم آهاا حلمت إني مُتّ والجماعة شايلينى على المقابر آها بعد فاتو بى بعد قوز أب (رمادة) بى شويه كده قُصاد زرائب ناس أحمد ود كنّان عِلاّ و(نكير) جاهم مارق من جهة الشيخ طه قال ليهم هوي هوي أقيفو ده منو الشايلينو ؟ قالوا ليهو ده طه ود الزبير قال ليهم لا لا أرجعوا أرجعوا أنا بدور عوض ود جمعة ، فيقال أن عوض جمعة بعد سماعة لهذه الرؤيه المُرعبه نادي بأعلى صوته على زوجته (ها مرة هوي تعالى أسمعى طه قال شنو و جيبى معاك كورت النشا) .
المهدي ود الصديق كان مُنطلقاً (بالكارو) ويبدو أن أحد أقرانه أراد أن يستوقفه ليركب معه ولكنه لم يسمعه فعتب عليه عندما تقابلا بالليل على طاولة (الضمنة) بالنادي فإعتذر له المهدي بأسف بأنه لم يسمعه لأنه كان (مقفل القزاز) ، الطرف كثيرة التى تأتى كنتاج طبيعى لحركة الناس وتداخلهم وأكيد هناك ما لا علم لنا به وكثيرة هى طرف سرعة البديهة بالقرية التى اشتهر بها منصور ود حمد النيل وابراهيم جن والصديق ود الخليفة وغيرهم من ظرفاء العيكورة وما أكثرهم ، وإذا حاولنا الكتابة عن حكاوي ود رحمة و عبد الله ود جيب الله والمرحوم عمنا عبد السلام ود يوسف وعبد الله ود الطيب فقد نحتاج لمجلدات رحم الله من مضي منهم الى ربه ومتع بالصحة والعافية من بقى . جدنا عبد الله الطيب يقال أنه كان يشتكى من طنين فى أذنه فقال لابنه دكتور عمر وهو يكشف عليه أنه قال له ( والله يا ولدى بقيت أسمع كلام الناس مثل الزول البيأكل ليهو فى عجُور) رحمهم الله جميعاً .
عم حاج ياسين الجزّار كان فى أواخر أيامه ولعله كان فى مرحلة (الخرف) قبل أن يجلس و(يجلس) هذه يطلقها أهلنا فى القري على كل من أقعده الكبر . ويبدو أن أحداً ما قد أفهمه أن عبارة (كِزّة وزّة) تعنى (سبّ) الدين بالانجليزي فصار فى حالة من الكرّ والفرّ مع كل من يُسمِعُه هذه العبارة صغيراً كان أم كبيراً ولا مجال أن يستمع لاي إيضاح أو شرح فيلقمك أقرب حجر بجواره قبل أن يصلك صوته (قليل أدب يا كافر) ! رحمه الله رحمة واسعة وتقبل غيرته على دينه وختم له بالصالحات أعماله فلا يدري المرءُ أي عملٍ سيُدخله الجنة .
The post السودان: العيكورة يكتب: حبابك .. حبابك آآعشاي appeared first on الانتباهة أون لاين.