غير مصنف 2

قبل الـ (10) مليار ياحمدوك.. بقلم احمد يوسف التاي

السودان اليوم:
«1»
كتب الدكتور حافظ الزين مقالاً بعنوان :
( عذرا الي الذين لا يبصرون)، وطرح السؤال المفتاحي المعني بالبحث عن تصنيف الازمة التي يعاني منها الإقتصاد السوداني..وتساءل د. الزين: هل هي ازمة اقتصادية ام ازمة مالية ام ازمة نقدية ، ام ازمة تجارية؟
واستطرد في اجابته عن السؤال :(لقد اجاب الدكتور حمدوك عن هذا السؤال باسهاب، وتبين من اجابته أن ازمة الاقتصاد السوداني هي ازمة “شاملة”، وهذا النوع من الازمات يسمي في الفقه و التحليل الاقتصادي “بالكلي” – الازمة المتداخلة والمتشابكة والمتزامنة –
و تفسيرها هو :
تزامن الازمات في اقتصاد واحد في وقت واحد ،
مثل تزامن معدل البطالة 78% مع معدل التضخم العام 70% مع انهيار قيمة العملة الوطنية في وجه العملات الاجنبية في السوق الموازية ، مع العجز التجاري المستمر و المتجدد في الميزان التجاري ، مع العجز المالي المستمر و المتصاعد في ميزان المدفوعات، مع تدني معدلات النمو الاقتصادي وتجاوزها القيم الموجبة لقيم سالبة، مع العجز في ميزان المالية العامة،مع انعدام معدلات الانتاج و وصولها الي قيم صفرية ثم قيم سالبة،مع اصطفاف منظومة الفساد وغياب الحوكمة المؤسسية،
هذه هي نوعية الازمة التي يعاني منها الاقتصاد السوداني..) .
«2»
التشخيص أعلاه للأزمة الاقتصادية، والذي أورده الكاتب نقلاً حمدوك يمثل منطقة وسطى يلتقي فيها غالبية الخبراء وذوي الاختصاص ، وليس هذا فحسب ربما التقوا مع حمدوك ايضاً في وصفة العلاج..
حسناً…لدينا الآن تشخيص للمشكلة، ولدينا أيضاً وصفة للعلاج، والاثنين محل اتفاق بين اغلبية الخبراء والمختصين، فما المعضلة التي تبقت؟ ولماذا يستعصى الحل؟..
«3»
لدي قناعة راسخة أن كل الاجتهادات والنظريات والجهود التي تُبذل في تشخيص الازمة الاقتصادية في السودان وطريقة علاجها، ستذهب أدراج الرياح، وستتبخر في الهواء لأنها ستمُر عبر “مطبين” خطيرين يمثلان محرقة عظيمة لأي مجهودات علمية لحل الازمات التي سبقت الاشارة اليها،هذه المحرقة التي ظلت ولاتزال تهزم كل النظريات عند أول عتبة في التطبيق، هي غياب الإرادة السياسة، مع ضعف الإدارة الاقتصادية..
«4»
عندما أقول ضعف الإدارة الاقتصادية، اعني تلك الإدارة الهشة الضعيفة التي تتحكم فيها (المافيا)، ويخترقها الوسطاء والسماسرة لتمرير اجنداتهم، وتتخذ القرارات لصالح أرباب النشاط الطفيلي، خصماً على المنتج المحلي والعمل على تدميره…
وهذا بالطبع ليس بعيدا عن غياب الارادة السياسية التي من أهم نتائجها ضياع هيبة الدولة، ورهن حرية القرار السياسي للأجندات الدولية، واللف والدوران في فلك المحاور الاقليمية… غياب الارادة السياسية ، وضعف الادارة الاقتصادية تتجليان ايضاً في ضعف ولاية وزارة المالية على المال العام ، حيث يوجد اقتصاد موازي تتحكم فيه شركات الامن والجيش والتي لاتخضع للمراجعة العامة، ولاتصب ايراداتها في الموازنة العامة للدولة..
«5»
لنفرض أن العشرة مليار دولار التي حددها د. حمدوك لكُلفة علاج علة الاقتصاد قد وصلت لخزينة بنك السودان، ولنفرض ان الاستثمارات الاجنبية تدفقت، وامتلأت الخزانة بالنقد الأجنبي الذي ظل معدوماً، فهل هذا يكفي لينهض الاقتصاد السوداني من كبوته؟
قلت أكثر من مرة لو أن السماء امطرت ذهباً، وتفجرت الأرض ينابيع من النفط، وتدفقت خيرات الأرض من كل حدب وصوب، سنظل كما نحن مالم تمتلك قيادة الدولة الارادة السياسية اللازمة لتطبيق السياسات والقرارت الصحيحة لصالح الوطن وبحزم وحسم شديدين، وسنظل كما نحن عليه مالم نفلح في إيجاد إدارة اقتصادية فاعلة تدير الاقتصاد بطريقة علمية وبضبط إداري يرتب الاولويات، ويمنع الفوضى التي تجعل 80% من المال العام خارج ولاية وزارة المالية، ويحظر الاساليب التي كانت تسمح باستيراد النبق الفارسي، ولعب الاطفال والكريمات والنفايات الالكترونية القاتلة والسلع الفاسدة ،في وقت تبدو البلاد احوج مايكون لاستيراد الادوية المنقذه للحياة، ووسائل الانتاج… صحيح حدث تغيير سياسي في البلاد ولكن للأسف هذه العقلية لاتزال موجودة داخل مركز الدولة، ولم تتغير، فمن اين يأتي الاصلاح.
«6»
نحتاج اولاً قبل تشخيص العلة، واستخدام وصفة العلاج استعادة الارادة السياسية، وتعزيز الادارة الاقتصادية ذات الكفاءة والقدرة والكاريزما بحيث لاترضخ للإملاءات ولاتستجيب للاغراءات، ولاتخشى الترهيب، وتمتلك الشجاعة والقوة ولاتلين لها قناة….اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

The post قبل الـ (10) مليار ياحمدوك.. بقلم احمد يوسف التاي appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى